بأي استقلال احتفلوا؟ا

بأي استقلال احتفلوا؟!

كمال الهدي
[email protected]

· طفت أول البارحة على عدد من القنوات الفضائية السودانية فوجدتها جميعاً مشغولة بنقل حفلات ساهرة قيل أنها نٌظمت احتفاءً بالاستقلال.

· في إحداهن وجدت ترباس يغني والكل يتراقصون طرباً ويهزون ويعرضون.

· وفي أخرى لمحت ندى القلعة ( الفارسة ) تقدم ( رمية) مليئة بكلمات رنانة لكنها زائفة حيث لا تمت لصفاتنا الحالية بصلة.

· فقد أكثرت ندى في رميتها تلك من الحديث عن شهامة السودانيين ونشأتهم منذ الولادة على حب الوطن، مع أننا أقل شعوب الأرض وطنية.

· لكن طبعاً ندى الفارسة – التي أضحكتني بشدة خلال لقاء تلفزيوني مؤخراً بحديثها عن نفسها ككائنة عادية تعيش بالبساطة مثل الآخرين وكأن المسكينة تظن أنها فيروز السودان ? ليس أمامها سوى ممارسة هذا النوع من الغناء الذي يسوق للأوهام ويملأ الناس حماسة زائفة لأنه يجلب المال الوفير، حالها في حال السياسي السوداني الذي يكذب كل صباح من أجل الترويج لبضاعة كاسدة والصحفي الذي يدغدغ العواطف وينشر الجهل.

· وعندما شعرت بأن الموضوع سيطول تحولت إلى قناة سودانية أخرى ولما لم أجد لحظة الصدق التي كنت أبحث عنها ? وهو على فكرة أمر يحدث بشكل شبه يومي، أعني أن تبحث عن لحظة صدق معدومة في قنواتنا الفضائية- تحولت إلى قناة العربية لسماع بعض الأخبار والتحليل السياسي لما يجري في العالم من حولنا.

· لم أكن سعيداً بالغناء والرقص في ذكرى استقلالنا في مثل هذا التوقيت الذي تعيش فيها البلاد أسوأ فتراتها.

· ولا أدري كيف نحتفل بالاستقلال رقصاً وغناءً وهزاً وبلدنا تكاد الحياة فيه أن تتوقف تماماً.

· كيف يُحي ذكرى الاستقلال بالغناء والرقص من فقد بلدهم جزءاً أصيلاً منه بسبب السياسات الوطنية الفاشلة!

· وكيف يسعد بالاستقلال من تتخبط حكومتهم وتمارس الكذب الصريح عليهم جميعاً.

· وكيف يسعد بالاستقلال من يرى أهله يموتون من الجوع ويتشردون ويخافون على أمنهم.

· فتياتنا يتعرضن للاغتصاب.. وفي كل صباح نطالع أخباراً عن من يحملن سفاحاً ، ورغماً عن ذلك تتغنى ندي الفارسة بأغنيات تعبر عن المروءة والشهامة والشجاعة والفروسية وتجد من يتراقصون طرباً وكأنهم قد صدقوا هذه ( الوهمة).

· أبلغ دليل على أننا نغوص في وحل لا خلاص منه هو أن أمثال ندى (الفارسة) يٌحتفى بهم إلى هذه الدرجة.

· عندما سمعتها تقول في أحدى القنوات الفضائية أنها تحب الخيول وتركبها لكونها متخصصة في الغناء للفرسان وخاطبت محدثتها قائلة ” تخيلي الخيل جارية وأنا أغني لها” تحسرت على ما آل إليه حالنا.

· وقد لا يصدق القارئ الكريم أن المغنية (الفارسة) قالت أنها سعيدة بحياتها وليست خائفة على مستقبلها لأن ” الله لم يقصر معها”.

· ونسأل المغنية المبجلة ندى القلعة: من الذي قصر معه رب العزة قبلك حتى يقصر معك أيتها الفارسة المتخصصة في الغناء للفرسان؟!

· أمثال ندى يفترض أن يمنحن المايك للغناء والغناء فقط، ولا يفسح لهن المجال للحديث لأنهن يكشفن عن جهل وتسطيح لا نظير له.

· مؤسف حقيقة أن تتخصص قنواتنا الفضائية في نشر الجهل بدلاً من أن تصبح كل واحدة من هذه القنوات كوة للوعي في بلد يعاني من الأمية والجهل والفقر والمرض والجوع وكل نواقص الحياة التي تجاوزها الآخرون منذ عشرات السنين.

· عندما تحين مناسبات ذكرى الاستقلال على الآخرين فإنهم يتعاملون معها كفرصة لاستعراض ما حققوه من تقدم وانجازات ذلك اليوم، أما نحن ولحسرتنا الشديدة لا نجد انجازاً واحداً يستحق الذكر في يوم كهذا ورغماً عن ذلك نرقص نغني ونهز ونعرض.

· لو أن قنواتنا الفضائية رفعت شارات سوداء في الاستقلال هذا العام تحديداً بعد ما عاناه البلد من انقسام وتشرذم واضطرابات وقتل وتشريد واغتيالات وجلس الناس ليتناقشوا حول هذا الواقع المأساوي وبحثوا عن طرق للخروج من هذا النفق المظلم لاعتبرنا ذلك تعبيراً صادقاً وطريقة مثلى للاحتفاء بالاستقلال.

· أما أن يخرج علينا ترباس بعمامته الضخمة أو ندى بأحدث موضات الثياب الغالية لنسمع منهما أغنيات لم تعد كلماتها تشكل جزءً من صفاتنا ولا تمت لواقع أمرنا بأي صلة فهو ما لا نرضاه ولا نسعد له.

· واليوم ازداد حزني وأنا أطالع تصريحاً لمن قالوا أنه مصدر رفيع من الحزب الاتحادي الأصل قال فيه ” إن جعفر الصادق نجل الميرغني مساعد رئيس الجمهورية عاش مع عامة الشعب ويعرف جيداً طبائع وعادات السودانيين. وأبان المصدر – في رد علي ما نشر عن جعفر الصادق – أن نجل الميرغني مجامل ويظهر في أفراح السودانيين وأتراحهم وأنه صاحب شخصية جماهيرية وكارزمية – على حد قوله – وقال المصدر إن جعفر يحب الأكلات الشعبية وتلقى تعليمه الجامعي في لندن وأنه رجل متواضع وفوق هذا وذاك إنه حفيد النبي ومن السلالة النبوية وحفيد لآل البيت وأن وجوده في القصر يضفي عليه بركة ويجعله بجانب إخوانه في الحكومة على طريق الوحدة والاعتصام.” وتابع المصدر إنه مسمىً على جده جعفر الصادق أحد أحفاد الإمام الحسين وأحد قادة الشيعة الإثني عشرية وإن جعفر الصادق متشبع بالأدب الصوفي والنبوي درس في السودان ومصر وانجلترا وزار كل أقاليم السودان، وأنه يحب أكلة «الكول» وهو مولع بالصيد ويذهب له في رحلات جبلية.

· والمرء لابد أن يتساءل عن الهدف من إطلاق مثل هذه التصريحات الهزيلة.

· القيادي الاتحادي يريد بالطبع أن ينشر المزيد من الجهل ويعزف على عاطفة غالبية السودانيين بمثل هذا التصريح الفارغ.

· ما الغريب في أن يعيش جعفر الميرغني حياة السودانيين ويأكل أكلهم! ولو كان الأمر كذلك فعلاً لما كان هناك خبر أصلاً، لأن القاعدة الصحفية معلومة للجميع ولا داعي لإيرادها هنا!

· أما حكاية سلالة الرسول ( ص ) فدي والله حيرتونا بيها.. لا أرهق نفسي دائماً بالتفكير في أمور لا يفرق كثيراً نتيجة التقصي فيها ولهذا لا أريد أن أؤكد أو أنفي نسب آل الميرغني للبني الكريم، لكنني أسأل المصدر الاتحادي الرفيع: ألم تعلموا أن أبي لهب هو عم رسولنا الكريم صلوات الله عليه وسلامه؟! وهل شفعت له قرابته اللصيقة بسيد البشر؟!

· وأما حديثك عن البركة التي حلت بالقصر الجمهوري بعد دخول ود الميرغني إليه، فهو أمر مثير للاشمئزاز حقيقية.. ومن قال لك أن أهل الإنقاذ ناقصين بركات؟! أليسوا هم ذات النفر الذين ظلوا يحدثون الناس عن روائح المسك ورؤية الحور العين كلما قُتل أحد أبناء الوطن خلال الحرب المدمرة السابقة في الجنوب؟!

· ولو أن الأمر ارتبط بالشخصية الجماهيرية فلماذا لم يدخل أهل الإنقاذ هيثم البرنس أو فيصل العجب للقصر عوضاً عن ود الميرغني، فلديهما شعبة جارفة!

· ولو أن الأمر تعلق بالخبرات والحنكة والتعليم الجيد لوجدوا مئات، بل آلاف السودانيين الدارسين في أفضل الجامعات والحاملين لخبرات تضاعف ما لدى هذا الفتى الغض بمئات المرات.

· احترموا حزبكم الكبير وقاعدته، إن لم تكونوا راغبين في احترام ذواتكم وأعماركم واتقوا الله فينا يا رجل، فلو أن الأمر يتعلق بنقصان البركة في القصر الجمهوري، لوجد أهل الإنقاذ المئات من الرجال المبروكين حقيقة دون أن يكون لهم أي نسب برسلونا الكريم ( ص).

· عموماً لا يجدر بنا أن نحتفل باستقلالنا طالما أننا نشهد أسوأ وأكثر المراحل تراجعاً وتخلفاً وكارثية.

تعليق واحد

  1. والله كلامك زي دق الرُكب

    ولكنك بتنفخ في قربة مقدوده

    تصحيح:

    دي إحتفالات بالإستغلال وليس الإستقلال

    الرجاء عدم دغمسة الكلام

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..