أخبار السودان

الضرب على سبيل الإهانة

الضرب علي سبيل الإهانة خطبة الجمعة (9أكتوبر)في جامع الثورة الحارة 24 كان فحواها أن المرأة خلقت من ضلع الرجل،وليس من ضلع مستقيم بل ضلع معوج،لحكمة ما،وأن هذا الرجل يمكن أن يضربها بشرط ألا يشج رأسها أو يكسر يدها،أو كما قال من يسمي(الإمام) ضرب علي سبيل الإهانة.كما يحظر علي المرأة الخروج لأي مكان إلا بعد استئذان زوجها كما علمنا من(حضرتو). الصدفة وحدها قادتني إلي ذاك المكان لحضور عقد قران إحدي القريبات،حيث احتشد حوالي 300 شخص لتأدية صلاة الجمعة سمعوا كلهم ما قاله(الإمام)،الذي لم يسترع انتباهه ارتفاع سعر الدولار أو استفحال الضائقة المعيشية،وتفشي البطالة،لكنه رأي أن الأولوية لحكاية خلق المرأة وطاعتها للرجل وما شابه. لو كان في السودان 1000 منظمة نسوية،و100 اجتماع في اليوم يناقش قضية تمكين المرأة،والمساواة،لن يكون تأثيرهم بأقوي من تأثير المؤسسة الدينية التي يعتبرها العديد من الناس بمثابة الوحي والفتوي التي لا تقبل التشكيك خاصة إذا صدرت من منبر الجامع. وبالطبع فإن العشرات من ال300 شخص الذين كانوا في جامع الحارة 24،خرجوا من ذاك الجامع وهم مقتنعون بأن المرأة هي صفر علي الشمال،طالما أنها معوجة والإعوجاج ليس قيمة إيجابية،بل سلبية. وهؤلاء العشرات،سيضربون زوجاتهم علي سبيل الإهانة عند أول خلاف،طالما أفتي الإمام بذلك. صارت المساجد في بلادنا تخدم الأجندة السياسية والفكرية للمؤتمر الوطني،أو قل الأخوان المسلمين منذ أن صعدوا للسلطة عبر الإنقلاب العسكري في 1989،فالمسيرات لتأييد مواقف النظام تخرج منها،والدعوة لإطاعة الحاكم تصدر عنها،ليس هذا فحسب،بل قادت بعض المساجد حملات ضارية ضد الصحة الإنجابية واتفاقية سيداو،ووقفت سداً منيعاً ضد مكافحة الإيدز عن طريق الواقي الذكري،وعموماً فالخطب الدينية في معظم(الجوامع)هي ندوات سياسية للمؤتمر الوطني،ولو خرجت من موضوع السياسة فهي تكريس للفكر المتخلف الرجعي مثلما سمعنا الجمعة الماضية. وغير بعيد عما قلناه للتو،تلك الحلقات الدينية التي تسمي دعوية،والتي تقام دوريا بالقرب من المحطة الوسطي ببحري،في مكان كان جزءاً من الكنيسة،وموضوعها الثابت هو الهجوم علي شيوخ الطرق الصوفية،وسبهم والتعريض بهم أو التقليل من شأنهم،الأمر الذي يقوم مقام الفتنة الدينية،وشهدت ذات مرة في نفس المكان مشاجرة بالسكاكين،بعد أن استفز حديث المدعو الداعية أحد مريدي الصوفية،وكادت أن تسيل الدماء لولا تدخل العقلاء الحاضرين. مما يؤسف له أن الكثيرين من المستنيرين في بلادي يخافون من نقد المؤسسة الدينية،التي يتحكم بها أناس يتخذون الدين مطية لتحقيق مآرب أخري،وهؤلاء ال(أناس) لا يعرفون كوعهم من(بوعهم)ناهيك عن الفتوي في أمور الحياة العامة،وهذا الخوف يمتد للصمت علي الجلد الوارد في قانون العقوبات،وعلي الصلب وقطع الأيادي الواردة فيه أيضاً،وعلي المواد الموجودة في قانون النظام العام،الخاصة بزي المرأة،وكلها إرث من قوانين سبتمبر المشؤومة التي لم تفلح الإنتفاضة في إلغائها. أنا فوقهم بقول كلام..دخلوها وصقيرها حام..ضربوها كما قال الإمام … كلام يا عوض دكام.

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. تحية كبيرة للأستاذ كمال كرار
    ألمح تطوراً لافتاً في مستوى طرحك للقضايا وجرأة وشجاعة تحسد عليها. تعرف أن جزءاً كبيراً من رصيد المحبة الذي حازه الراحل العزيز الخاتم عدلان كان مصدره تصديه الشجاع لظاهرة استغلال الدين والمتاجرة به، وفي المقابل حصد آخرون احتقارا وكراهية عندما حاولوا الفهلوة والتزلف لهذه الفئة، خوفاً أو طمعاً، لا أعرف.

  2. مقال ممتاز وجريء! ويقولون “من أين أتت داعش؟” ويستغربون من قانون التحلل وزواج الطفلة وختان الإناث وجرائم الحرب وتفشي الأوبئة الخطيرة والجوع وووو.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..