كورال الأحفــاد : ليه يازمن .. ليه تحرمن نور العلم

منو البيتفقد أحوالن ويسـأل
البنيات البيساسقن وعايشه رحل
زي الطيور من عش لعش
موسم العطش .. ترحل دغش
يبرن مواطن قوس قزح
والخضرة وألوان الفرح
آه ياتعب .. آه يامشـاوير الدرب
آهات كتار مابتنحسب
في داخلن لهفة وحزن
شوق للمدارس زي بنيات المدن
دفتر وقلــم .. أعظم حلـــم
ليه يازمن .. ليه تحرمن نور العلم

ما أجمل وقع هذه الكلمات على النفس ، ما أجمل أن تتلبس الشاعر حالة إنفعالية صادقة كتلك فيحيلها إلى صور شعرية نابضة بالحياة فتثير فينا كوامن الشجن. لاحظ هذه الإستهلالية التي تنقلك مباشرة إلى مكامن الوجع فتدخلك في أجواء القصيدة ، أجواء فتياتنا اليافعات في البوادي والقرى والضهارى وهن هائمات بين الأودية والمهاد بعد أن قست عليهن الطبيعة وجور الإنسان ، يسعينّ طلبا لما يكفل لهن الأدنى من ضروريات الحياة ، ما أرخص الاحلام حينما تكون مآكلا ومشربا وفصل . لا أعرف من صاغ هذه القصيدة ، لكنه قطعا شاعر مرهف ، يعرف كيف يعبّر عن القضية الهمّ ويجسدها في أبيات رائعات . لقد سمعت هذه الأغنية من فتيات الأحفاد من على شاشة التلفاز ثم على اليوتيوب مرات ومرات وفي كل مرة كنت إزداد إستمتاعا بها ، خاصة حينما تصل المؤديات إلى مقطع : دفتر وقلم .. أعظم حلم / ليه يازمن .. ليه تحرمن نور العلم ، حينها أدرك الملحن أنه وصل إلى زبدة القصيدة فعمل على تخفيف الإيقاع ليبرز صوت الفتيات وكأنهن يردن تبليغ رسالة ، ما أجمل مثل هذا الغناء .

لقد كنت أتابع ومنذ فترة ليست بالقصيرة نشاط هذا الكورال الرائع في مناسبات عديدة . أعجبني كثيرا الإنضباط ، الزي الموحد ، الإنسجام في الأداء ، الروح والوجوه النيرة . هو عمل يؤكد أن وراءه أناس أكفاء يعرفون عظم المهمة التي يقومون بها . لقد تعاقبت على الكورال أجيال وأجيال ووجوه وأصوات لكن ظل الكورال محتفظا بقوامه وكيانه لدرجة تثير الإعجاب ، لسبب بسيط لأن هناك أناس قلوبهم على هذه المؤسسة التعليمية الرائدة وعلى هذا الشكل من أنواع الغناء ، هم يريدون أن يقدموا للأخرين نموذجا يمكن أن يحتذي به ، لكن لا عجب حينما تكون البيئة الحاضنة لذلك الإبداع هي الأحفاد .

لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يتحفنا بها الكورال بمثل هذه الدرر فقد منحنا من قبل درة ثمينة ، كانت تغني في المناسبات وحفلات التخرج ، من منّا لا يذكر رائعة الأحفاد (بأيدينا) : عبد الله الشيخ البشير ، أحمد عبد الرازق ، أغنية وطنية ظلت تردد لسنين طويلة حتى رسخت في الذاكرة ، نحبها كثيرا وكم كنت أتمنى من القائمين على أمر الكورال أن يعملوا على إشراك الأستاذ عبد الكريم الكابلي في هذا العمل بالذات لأنه يمكن أن يضيف اليه الكثير ويمنحه بعدا إضافيا وبالتالي مساحة لإنتشار أكبر ، كيف لا وفى الذاكرة فتاة اليوم والغد .

في المقابل فإن ما يمكن أن يخرج به المرء من مثل هذه التجربة النموذج تساؤل ملح ومشروع وهو : لماذا لا تقتدي المؤسسات التعليمية الأخرى بمثل هذا النشاطات الثقافية والإجتماعية والإنسانية التي تتبناها الأحفاد ؟ لما ذا لا توجه طاقات الشباب إلى ما ينفع الناس وما يجعله مرتبطا بمجتمعه بشكل أكثر إيجابية ؟ ولماذا لا يكون في ذلك دعوة لنبذ السياسة والعنف التي جربناها عقودا فلم نحصد غير البوار ؟ إنها دعوة للجميع لكي نزرع التوادد والتواصل بيننا في مدارسنا وجامعاتنا وكلياتنا عبر هذه النشاطات حتى نكون مواطنين صالحين . دعونا نجرب ذلك ولنفتح النوافذ لكي يحل الخير ويرحل الضد الكريه . لا نملك أخيرا سوى أن نزجي التحية والتقدبر لكل من يقف وراء هذا العمل البديع ، شكرا للأحفاد ولا غرو فحين يطيب الزرع يطيب الحصاد .

[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..