
المقال يصح في كل بلاد الدنيا عدا السودان، بحكم حاجز المجموع والدرجات يتم توزيع التلاميذ بعد المرحلة الاولية (السلم الاسبق) ، بعضهم يسير في المساق الاكاديمي متدرجا الي الجامعة ، مجموع الدرجات التي تقل يرسم الحاصلون عليها طلبة في مدارس التدريب المهني ، جبيت الصناعية وكوستي والخرطوم وعطبرة ضمت أشهر مراكز التدريب المهني الصناعي ، الجالسون للامتحانات النهائية في هذه المرحلة يتوزعون بين المعهد الفني والكلية المهنية في الخرطوم، الهدف هو ردف التنمية بالصناع المهرة لتحقيق معادلة المزج بين المهندسين خريجي الجامعات ومكملهم علي أرض العمل الذين تلقوا التدريب المهني والصناعي لإحداث التناغم المطلوب.
هكذا رسم الاجانب لنا التعليم في أيام حكمهم وعمرانهم لبلاد السودان ، ساهمت المعونة الامريكية أيضا في جانب التعليم الفني كثيرا ، تخرج في تلك المدارس خيرة الصناع وتحصلوا علي فرص للتدريب خارج السودان في مراكز عالمية ، نظرة وترتيب من وضع مسار التعليم الفني والمهني تتطابق مع عنوان المقال ، العمالة الفنية التي يتاح لها التدريب النظري في المعاهد ثم التطبيق لمزيد من التجويد في مراكز التدريب العالمية ، هم ملح الارض وأعمدة العمار والبناء ، قامت ادارة سكك حديد السودان ومحالج القطن وجبيت الصناعية وسلاح المهندسين في قوة دفاع السودان ثم القوات المسلحة جميعها ارتفعت صروحها بجهد وعرق العمالة الفنية.
تواصل التعليم في السودان بشقيه الاكاديمي والمهني الى حوالي سبعينات القرن الماضي ، فجأة تمرد بعض من خريجي المعهد الفني وتقدموا بطلبات رافقتها اضرابات في ذلك الزمان ، خلاصة الزوبعة أن تم الغاء دور التعليم المهني فعليا علي أرض الواقع ، الهدف المعلن لا ينظر الي مصلحة التنمية في السودان والهدف المبطن هو الغاء الفارق الوظيفي والمسميات بين خريج المعهد الفني وخريج الجامعة. تلك المطالبات والمعالجات بعدها تمت والسودان في أشد الحاجة الي سواعد البناء التي تسلحت بالتدريب المهني في مختلف المجالات، النتيجة أن تخلي أحد معارفي من خريجي مدرسة الجلود بكادوقلي وانخرط معلم في المدارس الابتدائية ، بعضهم ترك صنعة النجارة أوالبرادة أو الحدادة وجلس لامتحان الشهادة الثانوية( المسارالاكاديمي ) في أكثر من محاولة الي أن حصل علي مجموع مكنه من الالتحاق بالجامعة، صناعية جبيت ومراكز التدريب خفت صوتها والكلية المهنية تحولت الي جامعة.
العمالة الفنية في دول الخليج تستجلب من الفلبين والهند وبعض دول شرق اسيا ، هي في حركة عمل لا يختفي سوقها والحاجة لها ، في أحلك الظروف وبعد كثير من قرارات التوطين للوظائف الا أن العمالة الفنية الاجنبية تحتفظ بمكانها ولو خلف حجاب أو شقق مغلقة تمارس عملها باطمئنان ، العمالة الزراعية في المزارع الكبيرة لا يمكن الاستغناء عنها ، تتمدد المصانع في الكثير من دول الخليج وترتفع درجات التقنية في تشغيل الاجهزة والمعدات ويرتفع معها الطلب علي العامل الفني المهني الذي حصل علي دبلوم من معهد معترف به ، فالعمالة الفنية هم ملح الارض في أمريكا أو أوربا الي دول الخليج ، في السودان ذهبنا عكس الامم ، خنقنا بأيدينا التعليم المهني وصارت عملة سوق العمل واحدة والأصل أن تختلف وتتنوع الفئات ، جوقة العمل كما في الموسيقي تحتاج الي تنوع الالات والنغمات.
المعضلة اليوم في السودان هو نقص العمالة الفنية ، حني في مجال الزراعة نحتاج الي استجلاب خبرات من خارج الحدود ، القليل الذي كان من عمالة مدربة هرب الي الذهب – الذهب والتعدين العشوائي فيه متسع للجميع ، مصانع الجلود والأدوية تحتاج الي خريجي معاهد فنية ويمكن البحث عنهم بين وظائف لا ترتبط بنوع دراسنهم ، فنيي التكييف والتبريد وعمال السكة حديد ووظائف أخري في مجال التقنيات الحديثة وتشغيل الجرارات والحاصدات الزراعية ، كلها تحتاج الي توافر عمالة فنية تنقص ساحة العمل وتوقف مشروعات التنمية ولا ينصلح الحال إلا بنظرة تتطابق مع تفكير الانجليز الذين عمروا بلادنا.
وتقبلوا أطيب تحياتي.
مخلصكم/ أسامة ضي النعيم محمد