حيرة دبلوماسية

زمان مثل هذا

حيرة دبلوماسية

الصادق الشريف

? الدبلوماسية السودانية تواجه أزمة مقاربة لتلك التي واجهتها في التسعينيات.. مع بعض التغيير في الخارطة السياسية.. والعالم العربي يفورُ كتنورٍ هائج.. وتشكيل الخارطة السياسية الجديدة لا يحتمل غير القرارات الثورية. ? وفي العراء يجلس الاقتصاد السوداني عارياً حائراً.. وهو وضع يرغم دبلوماسيينا بتحويل سفاراتنا بالخارج إلى (كناتين).. لتسويق (المعطيات) التي يتمتع بها السودان للمستثمرين وللأموال الخليجية. وبين هذه وتلك تبدو الحيرة أكثر فضحاً. ? لكن لنبدأ من الأول.. الدكتور غازي صلاح الدين.. هو الرجل الأوحد بين الإنقاذيين – بعد ذهاب الترابي ? القادر على التفكير الاستراتيجي.. و لأنّه ليس ضمن الطاقم الصغير الصانع للقرار.. فإنّ تسيير الدولة يتخذ شكل (رزق اليوم باليوم). ? د.غازي قال ذات مرة (إنّ الإنقاذ كانت حائرة بين الالتزام بالمنهج الثوري.. والمنهج الواقعي).. ففي معضلة احتلال العراق للكويت تعاملت بالنهج الثوري.. فنظرت إلى أمريكا ورأت إلى أيِّ الأطراف تقف.. فوقفت في الجانب الآخر.. وقد قال الراحل الرائع صلاح أحمد إبراهيم (إذا أردت أن تعرف الحقّ.. فانظر إلى موقف أمريكا.. واتخذ الموقف المناقض له.. تكن مع الحق). ? الحيرة بين المنهج الثوري والمنهج الواقعي كانت في بدايات الإنقاذ.. إلى نهاية عشريتها الأولى.. ولكن بعد المفاصلة ونيفاشا.. كانت الإنقاذ أقرب إلى المنهج الواقعي. ? بيد أنّ المسألة السورية أثبتت أنّ الحيرة مازالت تراوح مكانها لدى قادة الإنقاذ.. الحيرة بين المناهج المختلفة والمتضادة في التعامل مع الواقع الجديد.. الذي أفرزه الربيع (الصيفي) العربي الساخن. ? ففي داخل مباني جامعة الدول العربية.. كان موقف السودان مؤيداً للموقف الخليجي العام/القطري الخاص.. بضرورة اتخاذ قرار بشأن دمشق. ? فخرج قرار الجامعة بتعليق عضوية سوريا ومنع وفدها من حضور الاجتماعات (دون طردهم من مقر الجامعة).. والسودان كان مناصراً.. والوليد كان معلقاً بغضب على وقوف السودان.. وهازئاً.. وساخراً. ? أعادني موقف المُعَلِّم لما قاله طارق عزيز وزير الخارجية العراقي أوان حرب الخليج.. معلقاً لإذاعة (مونتي كارلو) حول وقوف بعض الدول العربية بجانبهم.. قال (وقفت معنا سوريا واليمن).. فسأله المذيع (والسودان؟؟).. قال طارق عزيز (السودان دولة منبوذة من المجتمع الدولي.. لا يُقدِّم في وقوفه معنا ولا يؤخر). ? الحمد لله على كلِّ حال.. كُنّا بنقول في شنو؟؟. ? نعم.. تصريحات كرتي في اليوم التالي لتصريحات وليد المُعَلِّم وزير الخارجية السوري.. كانت تحاول إرضاء القيادة السورية.. وإيجاد العذر لتصريحات المُعَلِّم المستفزة. ? الكرتي يحاول إمساك العصا من المنتصف.. وهذا أسوأ ما يمكن أن يقوم به السودان في مثل هذه الظروف الاقتصادية البالغة السوء. ? فلن ترضى عنه سوريا بمثل هذا التصريحات.. ولو قال كرتي عنها أنّها دولة شقيقة و(أنهم أصهارنا).. فدمشق تحتاج إلى مواقف داعمة.. وليس إلى تصريحات مطبطبة. ? كما أنّ الدول التي حاولت الخرطوم كسب رضاها وأموالها بالتوقيع على قرار تعليق عضوية سوريا.. هي دول لها سفاراتها في السودان.. وترصد الأقوال التي تقولها الدبلوماسية السودانية.. وقد تؤخر هذه التصريحات من (الدربات) التي تنوي ضخها في الجسد الاقتصادي المنهك للبلاد. ? للأسف.. بعد عشرين سنة من الحكم.. مازال الخلط مخزياً بين الاستراتيجي والتكتيكي.

التيار

تعليق واحد

  1. هي زي ما قلت سياسة رزق اليوم باليوم .. تقف الحكومه هذا الموقف الان ولم تمر علي تصريحات رئيسها المناصره للحكومه السوريه الثلاثة اسابيع حين استقبل نائب وزير الخارجيه السوري !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!

  2. وهل اصلا توجد في العالم العربي دولة واحدة بها ديموقراطية ؟ وماذا كنت تريد من الوزير ان يقول يعارض القرار ويصير ما صار من ايام العراق وحتي الان ؟ انكم ايها الصحفيون تنتقدون اي قرار صائبا كان ام علي خطأ كبير " قل لي اصلا هل توجد دبلوماسية عربية ؟

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..