أخبار السودان

طلاب النيل الأبيض على المحك.. الحرب تهددهم بعدم آداء امتحانات الشهادة السودانية

تقرير: رشا حسن

منذ اندلاع الحرب في السودان، توقفت العملية التعليمية في معظم أنحاء البلاد، ونزح العديد من الطلاب والمعلمين من الولايات التي تشهد توترات أمنية، ومن بينها ولاية النيل الأبيض، حيث تسيطر قوات الدعم السريع على عدد من المدن، منها محليتا القطينة وأم رمته. هذا الوضع أدى إلى تفاقم معاناة الطلاب، خاصة في المناطق المتأثرة، مع اقتراب موعد امتحانات الشهادة السودانية.

وقد حددت وزارة التربية والتعليم بولاية النيل الأبيض الجامعات كمراكز لأداء امتحانات الشهادة السودانية. ولكن يبقى السؤال قائمًا حول إمكانية خروج الطلاب من مناطق سيطرة قوات الدعم السريع ووصولهم بأمان إلى مراكز الامتحانات.

وتقع ولاية النيل الأبيض في الجزء الجنوبي من السودان، حيث تحدها شمالاً ولاية الخرطوم، وغرباً ولاية شمال كردفان، ومن الجنوب الغربي ولاية جنوب كردفان، وولاية أعالي النيل بدولة جنوب السودان من الجنوب، وولايتي الجزيرة وسنار من جهة الشرق. وقد أغلقت المدارس أبوابها وتوقفت العملية التعليمية فيها منذ اندلاع الحرب في العاصمة الخرطوم.

وفي محلية القطينة بالنيل الأبيض، يعاني طلاب الشهادة السودانية، المقرر عقد امتحاناتهم في 28 ديسمبر الجاري، من صعوبة الخروج من المنطقة. وأعرب أحد الطلاب، الذي فضل عدم ذكر اسمه، عن قلقه قائلاً: “الجلوس لامتحانات الشهادة السودانية أصبح أمراً مزعجاً للغاية في ظل الحرب”، مشيراً إلى أن قوات الدعم السريع تمنع الشباب من مغادرة القطينة.

مطالب بحلول عاجلة

وفي حديثه لـ”الراكوبة”، أشار الطالب إلى صعوبة انتقاله من القطينة إلى المدن التي يسيطر عليها الجيش السوداني في ولاية النيل الأبيض، وطالب وزارة التربية والتعليم بإيجاد حل لهذه المشكلة، كما دعاها إلى التواصل مع قيادات الدعم السريع في القطينة للسماح للطلاب بالخروج لأداء الامتحانات، حتى لا تضيع عليهم فرصة التعليم.

التعليم تحت الحصار

وتقول سنية أشقر، عضو مكتب الإعلام في لجنة المعلمين السودانيين ونائبة رئيس لجنة المعلمين بولاية النيل الأبيض، إن الولاية مثل غيرها من الولايات المحاصرة بالحرب، حيث يسيطر الدعم السريع على أكبر محليتين فيها، هما القطينة وأم رمته. وأضافت أن المدارس كانت تعاني من الإهمال قبل الحرب، وأغلبها غير صالح للاستخدام كفصول دراسية.

وأشارت سنية في حديثها لـ”الراكوبة” إلى أن ضغوط الحرب حولت المدارس في الولاية إلى مراكز لإيواء النازحين، حيث يزداد عدد النازحين فيها يوماً بعد يوم. وأوضحت أن معظم المعلمين يعملون في أعمال هامشية لسد حاجات أسرهم، بينما اضطر بعض الطلاب للعمل كباعة متجولين لدعم أسرهم. كما تعرضت المعلمات لاستغلال اقتصادي بسبب ارتفاع الإيجارات وغياب المساحات المناسبة في مراكز الإيواء.

وأوضحت سنية أن الولاية تعاني من تفشي الأوبئة، مثل الإسهالات المائية، وأن المعلمين الذين يعانون من أمراض مزمنة لا يتوفر لهم العلاج اللازم، مما أجبرهم على اللجوء إلى العلاجات التقليدية. كما أكدت أن قوات الدعم السريع تقترب من محلية الدويم، وهي ثاني أكبر محلية في الولاية، مما يثير التساؤلات حول إمكانية فتح المدارس وضمان سلامة الطلاب والمعلمين في ظل الظروف الراهنة.

وتضيف سنية أن معظم الأسر والنازحين في النيل الأبيض يركزون على تأمين حياتهم وتوفير قوتهم اليومي، ويفضلون السلامة على استئناف العملية التعليمية، مشيرةً إلى أن الحق في الحياة بات لديهم أولوية قصوى مقارنة بالحق في التعليم. وترى أنه من الصعب إعادة فتح المدارس في الولاية في ظل غياب الكتاب المدرسي وأماكن الجلوس، وعدم توفر بيئة تعليمية آمنة حتى في المناطق التي لا تشهد توترات مباشرة.

وأكدت سنية على ضرورة توفير سكن آمن للنازحين ولأبنائهم، وتخصيص مساكن للمعلمين النازحين، بالإضافة إلى توفير مساحات آمنة للطلاب داخل المدارس وطرق آمنة للوصول إليها. كما طالبت بتوفير الدعم النفسي للطلاب والمعلمين، وشددت على أهمية تقديم وجبة غذائية للطلاب في المرحلة الابتدائية، وضمان حقوق المعلمين كاملة، مع مراعاة تحقيق العدالة في التعليم في ظل سيطرة الدعم السريع على محليتين في الولاية.

المعاناة تستمر

بينما يشير إدريس يوسف، المعلم في مدرسة الشهيد حسين عربي بمدنية الدويم، إلى أن العملية التعليمية توقفت بولاية النيل الأبيض منذ اندلاع الحرب في 15 أبريل، كانت المرحلة الثانوية قد أكملت مقرراتها وجلس طلاب الصفين الأول والثاني للامتحانات النهائية على مستوى الولاية، باستثناء طلاب الشهادة السودانية الذين أكملوا مقرراتهم لكن لم يتمكنوا من أداء امتحاناتهم.

وقال يوسف في حديثه لـ”الراكوبة” إن المعلمين لا يملكون معلومات واضحة عن ترتيبات امتحانات الشهادة السودانية، مشيراً إلى أنهم علموا بموعدها عبر وسائل الإعلام فقط، وليس لديهم علم بمراكز الامتحانات في ولاية النيل الأبيض. وأوضح أن المدارس الآن مزدحمة بالنازحين، ولم يتم إخطار المعلمين بأي ترتيبات جديدة حول الامتحانات.

وأضاف يوسف أن الإعلام كان المصدر الوحيد للإخطار بشأن الامتحانات، وأن الطلاب استمروا في مراجعة دروسهم بالمنازل رغم الحرب. وأكد أن المدارس الحكومية بمحلية الدويم لم تُفتح بعد وما زالت مكتظة بالنازحين، لكن طلاب الشهادة السودانية يشعرون بالحماس ويبدون استعدادهم للامتحانات.

ويرى يوسف أن وزارة التربية والتعليم قد تضطر إلى إنشاء مراكز امتحانات خارج المدارس، نظراً لأن المدارس الحكومية، حتى إذا خرج منها النازحون، لا تزال غير مهيأة لاستقبال الطلاب.

عدم استجابة

أرسل مراسل “الراكوبة” عدة رسائل إلى وزارة التربية والتعليم الولائية والاتحادية، لكنها لم ترد على الأسئلة، رغم وعودها بالرد.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..