أحزاب خارج أسوارها

عادل إبراهيم حمد
طال عهد الناس في السودان بالليالي السياسية التي تتنادى إليها جماهير الأحزاب لتسمع الخطباء المفوهين، وهم يبشرون ببرامج أحزابهم التي تمنيهم بالجنة ويتوعدون الحكومة التي أوردت الناس موارد التهلكة.. لذا تدافعت الجماهير نحو ميدان شمبات لحضور أول لقاء سياسي جماهيري بعد سماح السلطات للأحزاب بتنظيم الندوات خارج أسوارها، فكانت ندوة حزب المؤتمر السوداني ثم ندوة الحزب الشيوعي وقوى الإجماع الوطني.. كان كافياً لجماهير طال شوقها لمثل هذه اللقاءات أن تحتشد لتهتف وتردد (الكورال) والأهازيج والأناشيد، ولو لم يقل قادة الأحزاب كلمة واحدة.. وكان مهماً لهذه الأحزاب أن تردد في هذه اللقاءات ذات الشعارات والمطالب التي سبق للجماهير أن اطلعت عليها في الصحف، فاختلاف المنبر له دلالاته وله خطره الخاص، لأن إطلاع كل عضو على حدة على برنامج الحزب وشعاراته ليس مثل سماعها، والأعضاء مجتمعون يستعرضون قوتهم الجماهيرية ويستمدون من الحشد قوة معنوية هائلة.. هذه حقيقة لم يدركها من عبروا عن خيبة أمل في ندوات أحزاب المعارضة، وكأنهم كانوا ينتظرون أقوالاً لم يسمعوها، أو يأتي رؤساء الأحزاب بما لم تستطعه الأوائل، وأغفلوا الأهمية الكبيرة لظهور المنبر الجماهيري الجديد.. وقد يكون البعض قد انتظر أن تنطلق مظاهرة فور انتهاء الليلة السياسية معلنة ثورة إسقاط النظام، وكأن إسقاط النظام (فوراً) هي المهمة الوحيدة التي لا تحسب دونها أي حسنة للأحزاب المعارضة مهما فعلت.
وضع النظام مصداقيته أمام اختبار حقيقي، فإما أن يجتاز الاختبار فتكسب أحزاب المعارضة مساحة واسعة من الحرية، أو أن يسقط النظام في الاختبار فتقيم عليه المعارضة الحجة.. ولذا سارعت أحزاب لم تقبل الجلوس في مائدة الحوار بطلب التصديق لها بإقامة ليال مفتوحة لتنال إحدى الحسنيين، فكان لها ما أرادت من مساحة للحرية معتبرة، ويمكن لأركان النظام أن يعتبروا اجتياز العقبة محمدة تحسب للنظام كدليل على موقف مبدئي من الحوار والانفتاح السياسي، ولو ظن أهل المعارضة غير ذلك.
الحوار اليوم مؤهل أكثر من أي وقت مضى لبلوغ غاياته، لأنه يلبي (حاجة) كل الأطراف، وبالأخص الحزب الحاكم الذي كان يتأبى مستمسكاً بقوة اقتصادية وسياسية بدأت تخور، وسوف تنتقل المبادرة قريباً لقوى المعارضة، الشيء الذي يضعها أمام مسؤولية مضاعفة بإجادة توظيف الحرية المنتزعة، وذلك بتجنب الزهو الذي قد يوهم المعارضة بإمكانية بل وبضرورة إقصاء القوة السياسية الحاكمة الآن من المشهد السياسي.. كما يتوجب على القوى السياسية المدنية التي أجبرت الحزب الحاكم بالوسائل السياسية على التوصل لتسويات قد تقود لقومية الحكم، أن تتبنى بوضوح موقفاً مبدئياً رافضاً للعمل العسكري كوسيلة لتحقيق الغايات السياسية، حيث لم يعد مقبولاً من القوى المدنية التذرع بحرية حملة السلاح في اختيار خيارهم، خاصة أن أي متابع للشأن السوداني يدرك إمكانية قبول الجبهة الثورية للمناصحة من قوى سياسية ظلت عند موقفها المعارض، بلا مهادنة أو مساومة.. ويسبق ذلك كما أسلفنا موقف مبدئي من الحرب وتداعياتها المعروفة، بما يجعل المعارضة في موقف رافض لإحراق القرى وترويع المدنيين.. هو فعل واحد ومرفوض، سواء أن أتته طائرات الحكومة أو (تاتشرات) الحركات المسلحة، لكن الملاحظ أن قوى معارضة ظلت تشجب بأقوى العبارات انتهاكات الجيش الحكومي وتصمت إزاء خروقات إنسانية فظيعة كلما حققت الجبهة الثورية انتصاراً عسكرياً، لا يكون إلا باجتياح تراق فيه دماء مدنيين أبرياء وتهدم فيه مدرسة أو تخترق قذيفة (صهريج) القرية.
أصبح الحوار أمل السودانيين الذين يعلقون عليه آمالاً عراضاً.. فهل يحتمل الحزب الحاكم الانفتاح السياسي حتى آخر الشوط؟ وهل تنجح المعارضة المدنية في حشد المعارضة المسلحة معها على صعيد مدني واحد؟
العرب
[email][email protected][/email]
أستاذ عادل هل تتفق معي بأن الاحزاب الطائفية والعقائدية، هي سبب كل مشاكلنا؟ أين دور منظمات المجتمع المدني في بناء حزبين جديدين في السودان من خلال التعليم ،التثقيف والتنوير بعد ازاحت كل الاحزاب الضارة الموجوده الان في السودان يمينه أو يساره.
فعلا ان احزاب المعارضة تشن حملة عندما تقوم القوات المسلحة بضرب المتمردين بينما تصمت عن أنتهاكات هذه الحركات.
0