حينما تتهاوي الطائرات

اعادت حادثة احتراق طائرة نائب الرئيس حسبو محمد عبد الرحمن وسقوط اخري في احدي ضواحي القضارف قبل يومين اعادت الي اذهان السودانيين مسلسل سقوط وانهيارات اساطيل النقل الوطني في بلادنا من لدن “سودانير” مرورا بالسكة حديد وانتهاءا بالخطوط البحرية حيث تعرضت هذه “النواقل” الثلاثة الي نكبات وازمات كبيرة طيلة العقدين الماضيين فطاردتها اللعنات من المواطنين حينما اهلتها الحكومة وسحبت من تحت اقدامها كل ما كانت تستمتع به عبر تاريخ مديد من التجارب والنجاحات والاداء المميز لكن يبدو ان الناقل الوطني بتصنيفاته الثلاثة في حاجة ملحة الي رؤية وسياسة جديدة من الدولة لا قيمة الدولة في تواصلها مع مكوناتها الداخلية قبل محيطها الخارجي وتلك هي الحقيقة التي بنت عليها اقوي الدول في العالم اقتصادياتها وتجارتها عبر شبكة من خطوط النقل والاساطيل الضخمة من الطائرات المدنية والسفن البحرية والبواخر النهرية وبذل تتكامل حزمة الحلول لكل مشكلات النقل مهما عظمت وتازمت ولكننا في السودان تستعصي علينا قضية النقل بكل انواعه وتتخلي الحكومة عن مسوؤلياتها “المباشرة” في سبيل حلحلة معضلات النقل حينها تتقطع الاوصال بين منطقة واخري وتتهاوي الطائرات علي روؤس الضحايا وعلي منازلهم وحقولهم وتتهالك بواخرنا في شواطيها ..وان كان لابد من انتخابات او لابد من حملات انتخابية في كل انحاء السودان فيا ايتها الحكومة اعيدي النظر في خطوط النقل برا وبحرا وجوا . حتي يتحقق الوصل والتواصل بين المرشحين وناخبيهم
دولة “تنهشها” الاحزاب ..!
لو ان لهذه الدولة لسان ناطق باسمها لاطلق صرخته في كل الاتجاهات ..”اوقف هذا الهدر ولا تنتهكوا حقي ولا تعبثوا بمقدراتي” ..لكن الاذان ربما لا تسمع فالاحزاب منشغلة بموسم حصادها الانتخابي فقد سرق المنشغلون بالانتخابات وقت الدولة واهدروا مالها واستغلوا قدراتها ومؤسساتها “وقاعاتها” وموبيلاتها وعرباتها ومنابرها السياسية والاعلامية لتصريف امور والتزامات حملاتهم الانتخابية فيما لا طائل منه حينها تتلاشي الفواصل بين جغرافية الحزب وجغرافية الدولة فتصبح هذه الدولة بكاملها مجرد “حزب كبير” يحمل بين احضانه جماعة التحالفات والائتلافات واصحاب المبادرات والاتفاقيات “والشراكات السياسية ” .
صحيح ان الحكومة تبحث عن شرعية وعن تفويض جديد يجنبها ويلات الغاضبين او الباحثين عن ثغرات تبطل شرعية الحكم القديم ولكن هذا الماراثون الانتخابي ربما في نظر المقاطعين او بالاحري “العاجزين” عن خوض هذا السباق لن ياتي بالقوي الامين كما ليس بامكانه كما يعتقدون ان يضخ دماء جديدة في اوصال هذه الدولة التي عانت كثيرة واصابها الارق والارهاق بسبب جنون الاحزاب وتقاطعاتها وتناقضاتها واستقطاباتها فيما بينها وفي حروبها واتهاماتها مع حزب المؤتمر الوطني .
وحتما ستنتهي هذه السباقات دونما قيمة او ثمرة حقيقية تقطفها الدولة ولكن اكبر الكاسبين هم اؤليك الذين بيدهم سلطة المال لتصريف امر الحملات الانتخابية كيفما يشاؤن فيما تخسر الدولة كثيرا في ميزانياتها وفي مشروعاتها التنموية والخدمية “المنتظرة” والتي روجت لها الحملات الانتخابية وسخرت لها كل المنابر واللقاءات السياسية والحشود الجماهيرية وهي بذلك تخاطب العواطف دون العقول وقد تنتهي هذه “الضجة” او “الردحي ” في المسرح الانتخابي بانتهاء موسم الحصاد وتتحول المواعيد والتعاقدات والتعهدات الي سراب والي انتظار طويل والي ملاحقات بلا نهايات ..اما جدوي العملية الانتخابية فقد تباينت حولها الرؤي والمنطلقات والافكار وابرز ما فيها من طرائف ما قاله لنا بالامس السلطان كيجاب حينما سالناه لماذا لم تترشح للرئاسة الان فكان رده ” الانتخابات بلا كيجاب كالبص بلا ركاب ” .
“حزبان” وحركة واحدة ..!
اشتدت درجة الخصومة داخل مكونات حركة التحرير والعدالة القديمة بين الدكتور التجاني السيسي والقائد بحر ادريس ابو قردة بعد ان انفض تحالف البندقية والسياسة فذهب كل واحد منهم الي سبيله لتاسيس حزب خاص به لخوض الانتخابات المقبلة فبات هناك حزبان تحت ديباجة “التحرير والعدالة ” ليقتسمان ميدان الحرب ومنابر السياسة في المرحلة المقبلة ولكن يبقي السؤال الي اي جهة ستميل وثيقة الدوحة وكيف يتثني لها ان تتعامل مع قوتين متصارعتين علي كيكة السلطة الانتقالية لدارفور ؟ ثم ايهما اقرب الي وجدان اهل دارفور ابو قردة ام الدكتور السيسي ؟ ومع من يقف عقل الحكومة وسلطانها ..تساؤلات كثيرة تفرضها حالة الطلاق الذي وقع بين الرجلين وستكشف الايام حقيقة وطبيعة ما يجري داخل هذه الحركة المتنازع علي قيادتها ..وربما تخرج من داخل كل حركة قيادة اخري وتتبني طرحا اخر .وهكذا تتعدد الحركات والفصائل والقضية الدارفورية واحدة وواضحة ومحددة المعالم .
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..