لحام الدهب.. الإبداع على جدران الظروف

الخرطوم: مصعب الهادي

لم يتجاوز الخامسة والأربعين ربيعاً، فجعفر أحد الذين أجبرتهم الظروف والأيام اختيار المشاق طوعا.. (مجابدة) الحياة، ليأتي ذلك من أجل قيادة قارب الأسرة نحو الضفة، قصته تحمل فصلا آخر من ضروب التضحية الإنسانية، وحكايته تشبه فى تفاصيلها تقاطيع جزء من ملامحه المتعبة، فهو يخرج منذ الصباح متجهاً إلى محله بعمارة الذهب بحثاً عن قوت (18) من أبنائه، ويقول: دخلت هذا العالم عن طريق جار لنا كان يمتهن هذه الحرفة، فبعد أشقائي الكبار فتحت الطريق للعديد من أبناء الأسرة، ويواصل: أنا جعفر فضل عيسى عثمان، أعمل “حرفي صياغة” في سوق الذهب بالسوق العربي.. أعمل هنا لفترة تجاوزت الـ(34) عاما، جئت منذ الثمانينات وأفنيت زهرة شبابي في هذه الحرفة بعد أن تركت مقاعد الدراسة قهراً من أجل الأسرة التي تتكون من (11) أخا، بجانب أب متزوج من ثلاث نساء.

زول مزواج

وأبان جعفر: لأن الزواج عادة وإرث قديم في الأسرة بحمدالله تزوجت من عملي بهذه المهنة مرتين ولدي من الأولاد (18)، من الذكور(9)، وإناث (9) وبفضله أنا الآن عريسا للمرة الثالثة، والغريبة أنني تزوجت المرة الأولى عام (93 شهر 6)، والمرة الثانية في العام (94 شهر 4) أي لم تتجاوز الفترة بين الزيجتين السنة.

طريقة اللحام

وشرح جعفر طريقة العمل قائلا: تتكون أدوات لحام الذهب من منقاش وشاكوش بجانب المقصات والزردية، فالمنقاش للمسك واللقط، أما الشاكوش للطرق والتعديل وإعادة تدوير المادة الخام، والزردية للمسك والجر، بجانب ذلك توضع (تختة) لفصل الحرارة عن درج العمل. أما لإيقاد النار، فنستخدم أنبوبة الغاز العادية بجانب طربيزة واقية ومسدس الغاز الذي نتحكم فيه بحجم الحرارة المراد العمل بها. ويضيف: تتميز طريقة كشف الذهب عبر مياه الفحص الخاصة به، إضافة لبعض الأجهزة الخاصة بالكشف، لكن نسبة للخبرة التي تفوق عطاء الـ(34) عاما تجاوزت هذه الطرق، وبت أعرف الذهب من النظرة الأولى.

أحلام بسيطة

يقول جعفر: تبقى غايتي الوحيدة هي أن أمتلك محلا ثابتا بجانب بيت يحوي أسرتي الكبيرة حتى أتخلص من حكاية الإيجارات، ويقول جعفر: رغم تمركز عملنا وتنظيمه ببطاقات إلا أن مشاكل سماسرة الذهب تطارد أكل عيشنا.

اليوم التالي