مقالات وآراء

فرص ما بعد الجائحة ..

أسامة رقيعة

طالعت بأهتمام بالغ مقال رجل الاعمال والكاتب المعروف أحمد بن حسن الشيخ بعنوان (الاقتصاد الى أين )وعلى الرغم من كونه قد أبتدر مقاله بوصف التوقعات التى تضمنها المقال بانها اجتهادات شخصية مخففة حتى لا يرى البعض انها سلبية الا ان المقال قد جاء واقعيا معقولا ورصينا ، ان اظهار المخاطر لا يعد تشاؤما بل هو من طبيعة الحياة والواجب والاعمال ، فالفرد حين يجد نفسه في طريق جديد سوا اكان قد ذهب اليه اختيارا او وضعته فيه الظروف يتعين عليه التعقل ودراسة طبيعة الطريق الجديد ومخاطره، متى اراد لنفسه رحلة قاصدة آمنه ومفيدة ،وبدون ادني شك ان جائحة كورونا قد وضعت الاقتصاد في طريق جديد ، فما بعد كورونا لن يكون كما قبلها ، بأية حال من الاحوال ، فهي قد استمرت طويلا ولازالت ، وقد تطلبت الكثير ولازالت تطلب الأكثر من الاجراءات والتدابير التى بدون ادني شك ستدخل الدول والكيانات الاقتصادية والشركات في رحلة طويلة من التكبدات الاقتصادية والمالية ، وهذا امر اخر .

وبصفتي من المشتغلين في القطاع الخاص ومنذ وقت طويل جاء اهتمامي بالمقال بما اورده في هذا الجانب ، ففي مابين 2007 الى 2009 وفي ايام الازمة الاقتصادية أذكر أنني قد كتبت عدة مقالات نشرتها في صحيفة الخليج الاماراتية وقلت وقتها لأن سمحت الظروف قديما ببعض الاخطاء فان أخطاء المستقبل قد تؤدي الى اهدار الثروات بكاملها وانه لابد ان يعول اصحاب الاعمال الخاصة على ايجاد طرائق جديدة لمواكبة التحولات مع اكتساب المرونة اللازمة لاقتناص الفرص ، فان كان البعض يري ان الازمات تعني الكساد فقط ، فالبعض الاخر يري ان في الازمات فرصة لاعادة ترتيب البيت الداخلي والانقضاض على الفرص أيضا ، فالناجح في وقت الازمات هو من يخطط جيدا لكي يكسب ماخسره الاخرون ، لقد تنبأ الشيخ في مقاله بافلاس 40% من الشركات الصغيرة و30% من الشركات المتوسطة ، وان بعض الاسماء سوف تعلن افلاسها وحتى الشركات العالمية سوف لن تسلم ، فبعض الاسماء الرنانة سوف تنتهي من الوجود ، وأنا أقول هذا يعني أن على 60% من الشركات الصغيرة ، و70% من الشركات المتوسطة ان تستعد لاعادة ترتيب بيتها الداخلي مع الاستعداد للانقضاض على الفرص ، فأن هي سلمت من الافلاس لا يعني انها ستكون قادرة على السير الى الابد في ظل تحولات المشهد فيما بعد الجائحة .

في كل الازمات الاقتصادية فأن اول ما يتبادر الى الزهن هو خفض تكاليف التشغيل وهو أمر طبيعي ولازم ، لان المعادلة البسيطة للربح هو صافي الفرق بين الدخل وتكلفة التشغيل ، ولكن لاينبغي لشركات القطاع الخاص والتى سلمت من الافلاس ان تتوقف عند ظل هذا الحد ، وهو خفض تكاليف تشغيلها فقط ، ولا أن تسلك في خفض التكاليف السبل التقلدية ، بل عليها ان تتعداه الى مابعد ذلك في محاولة منها لاكتساب المرونة اللازمة للنماء والتطور تحت ظل التحديات من خلال تبني استراتيجية مؤسسية قائمة على المعايير ، ومن بينها التحول الكامل الى الأتمتة ، الانفتاح على انشطة جديدة خاصة ما قد تتيحه تدابير ما بعد الجائحة ، والدخول الى اسواق جديدة سواء بالانفراد او عبر شركات مع مؤسسات خبره عالمية ، والنظر الى المبادرات الجديدة التى تاتي من داخل الشركة بجدية ، محاربة التكلس في مفاصل العملية التشغيلية وغيرها من الجراحات التى تمكن الشركة من الاستعداد للمستقبل مع القدرة على الاستمرار ، وأرى أن في تطبيق مفاهيم علم النفس الاداري فائدة تمكن الشركة من النظر في الطاقات العاملة المتوفرة لديها ، والامكانات غير الموظفة وتوظيف تلك الطاقات والامكانات بشكل فاعل ، وكذلك تطبيق فلسفات لتحويل الطاقة العاملة لديها من مجرد موظفين الى مجموعة من اصحاب الولاء يفكرون بالعبارة الجمعية (نحن) لا الأنانية (أنا) وبالتالي مساعدتهم على التخلص من فكرة أن الوظيفة هي للمال او التكسب والثراء فقط أذ أنها أيضا لتحقيق النماء والازدهار الجمعي والمجتمعي وما يتبع ذلك من قيمة وأمان .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..