الحافز .. لرفع الاسعاروجوه متعددة

رصد:أيمن المدو
في ظل تأرجح الميزان التجاري الحكومي تجاه حزمة المدفوعات المالية لجهة دفع دفة سفينة الموازنة العامة المتهالكة إلى بر الأمان بعيداً عن مدافع قراصنة التضخم الذين يرفعون بيارقهم السوداء للسيطرة على مفاصل الاقتصاد بالبلاد، عبر الانفلات من مسارات التعامل النقدي عبر المواعين الرسمية إلى المضي في اتجاه صناعة مسارات أخرى موازياً للقنوات الرسمية، بيد أن الحكومة في هذا المضمار سعت إلى النهوض من سباتها العميق عبر قرار العودة إلى نظام «الحافز» الذي أعلنه بنك السودان المركزي، عند شراء النقد الأجنبي من السودانيين العاملين بالخارج، والمصدرين وبقية البائعين للنقد الأجنبي بغرض جذب مزيد من الموارد وتوحيد استخدامها بواسطة المصارف والصرافات، من أجل كبح جماح تصاعد الدولار بالأسواق، وفي ذات الصعيد يرى مراقبون اقتصاديون أن هذا القرار يأتي في إطار المراجعة المستمرة لسياسات البنك المركزي في إدارة سعر الصرف المرن من أجل استغلال هذه الموارد في أوجه الصرف المسموح به
*تحفيز المغتربين
وفي ذات المنحى أبان المتحدث الرسمي باسم البنك المركزي حازم عبد القادر في تعميم صحفي أن مفهوم الحافز تم تطبيقه في العام (2010) معتبراً أن هذه الفترة كانت من أكثر الأوقات جذباً وحشداً للموارد من السودانيين العاملين بالخارج، مضيفاً أن مبلغ الحافز يجعل أسعار الشراء مجزية ومتطابقة مع أسعار السوق الحر، غير أن الخبير المصرفي المدير السابق لبنك الشمال الإسلامي حسن ساتي، مضى في ذات الصعيد ليحرر شيكاً على بياض حول عدم استطاعة البنك المركزي في السيطرة على موارد المغتربين التي وصفها بالضخمة عن طريق حزمة الحافز التي طرحتها الحكومة، في ذات الشأن معتبراً أن المعالجات التي هم بصددها للحيولة دون لجوء المغتربين إلى السوق الموازي تكمن في تحفيز شريحة المتعاملين بالنقد الأجنبي من المغتربين والمصدرين بتحويل مدخراتهم عن طريق القنوات الرسمية المتمثلة في البنك المركزي والبنوك السودانية الأخرى
* آثار سالبة
وبالمقابل قلل الخبير الاقتصادي البروفسير عصام عبد الوهاب بوب في ذات المضمار من سياسة الحافز، مشيراً بحديثه إلى أن سعر الدولار بالنسبة للمغتربين يجابه بزيادة مضطردة لسعر الصرف، وذلك مايجعل المتعاطين مع الدولار يلجأون الى شرائه بسعر أعلى من قيمته الحالية في السوق، وهذا بحسب بوب سيؤثر بصورة تسلسلية في الميزان التجاري بالنسبة لأسعار السلع الاستهلاكية، ويمضي بوب بالقول بأن هذا الاعتلال في الميزان التجاري يمثل مساراً آخر نحو التضخم، وسعى بوب إلى غرس مديته في خاصرة الحافز متوقعاً فشله في دفع المغتربين إلى تحويل أموالهم عبر القنوات الرسمية، قائلاً إنه سيكون ضعيفاً، مرجعاً أن التعامل في بالدولار بسعر السوق الأسود سيؤدي إلى ارتفاعه إلى أرقام غير مسبوقة، مما سيكون لديها آثاراً سالبة غير ايجابية كما يظنها المشرعون الحكوميين في المجال الاقتصادي
* رفع غير معلن
وفي ذات الاتجاه رسم المحلل الاقتصادي أستاذ الاقتصاد بجامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا بروفيسور عبد العظيم المهل بريشته صورة حقيقة عن الوضع المالي دون رتوش، إذ قال إن السعر الجديد لصرف الدولار، الذي حددته منشورات بنك السودان الأخيرة يمثل خطوة استباقية لرفع الدعم الحكومي عن كافة السلع في الأسواق السودانية، وأشار المهل في تصريح صحفي لسونا بان الخطوة مهدت لها وزارة المالية في العديد من المناسبات بإعلانها عن زيادات ضخمة في مرتبات وأجور العاملين بالدولة، لافتاً الى أن أسعار الأدوية تبعا لهذه الخطوة ستصل لمستويات قياسية ربما تصل إلى ثلاثة أضعاف أسعارها السابقة، متوقعا أن ترفع شركات التأمين الصحي خلال المرحلة المقبلة قسيمة التأمين الى مستويات كبيرة لمواكبة التطورات الجديدة، مؤكدا أن السعر الجديد للدولار سينعكس سلباً على شركات الأدوية التى كانت تستغل السعر الرسمي للدولار في استيراد احتياجاتها من الدواء، مبينا أن تداعيات الخطوة ستتأثر بها فئات نافذة كانت تستغل السعر الرسمي لصرف الدولار لاستيراد منتجاتها متوقعاً أن تشهد أسعار السلع وخاصة الأدوية ارتفاعا جنونياً، باعتبار أن الحكومة لا تستطيع أن توفر الدولار بالسعر الجديد للمستوردين مما يدفعهم للجوء للسوق الموازي للحصول عليه بسعر أعلى، بينما اعتبر المحلل الاقتصادي د.محمد الناير أن سياسة الحافز تمثل تحريراً غير معلن لسعر الصرف من قبل البنك المركزي، ماضياً بالقول إن القرار في باطنه يحمل بشريات ايجابية في ضخ سيولة غير منتظمة إلى القنوات الرسمية، لكنه رهن نجاح الخطوة في تحقيقها إلى مبتغاها بسعي البنك المركزي إلى ضخ عملات مقدرة من النقد الأجنبي في السوق، من أجل كباح جماح السوق الموازي، والعمل علي ضبط السوق من خلال المتابعة الرسمية
اخر لحظة