Home Work

Home Work

فيصل محمد صالح

يبدو أن بعض الجهات في الدولة لا تذاكر جيدا واجباتها المنزلية، ولذلك ما أن تجد نفسها أمام مسألة أو مأزقا ما، تتجه للتصريحات الانصرافية والصيحات العنترية.
يصرح كل مسؤول، وغير مسؤول حتى، في الحكومة والمؤتمر الوطني عن كل شيء يمر بهم، سواء كانت تلك التصريحات عن دراية أو من غير دراية، وفي نطاق اختصاصه أم من اختصاص جهات أخرى. وكثيرا ما تحرج تلك التصريحات الجهات المسؤولة وتضعها في مواقف محرجة وقاسية. وزارة الخارجية هي واحدة من الجهات التي تعيش في حرج دائم من تصريحات المسؤولين، بدءا من أصغر مسؤول وحتى رئيس الدولة الذين يطلقون التصريحات في كل مكان وزمان دون رابط أو حسابات، فيهدمون مرات ما ظلت الوزارة تعمل على بنائه لسنوات.
أكاد اتخيل حرج وزارة الخارجية ومسؤوليها صبيحة تصريح “الكشة” الشهير، ترى كيف سيبررون ما قيل ويربطونه بسياسات الدولة والتزاماتها القانونية الدولية والوطنية، إذا ما سألهم دبلوماسي أجنبي أو دولي؟
لكن في بعض الاحيان تنجر وزارة الخارجية وراء الموجة وتركب ظهر التصريحات، حتى لا يبدو ثمة فرق بينها وبين الآخرين، بينما الفرق هنا ضروري بحكم تخصص الوزارة وحساسية الملفات التي تعالجها.
انطلقت التصريحات السياسية عن انتهاء مهمة بعثة الأمم المتحدة في السودان منذ فترة طويلة، وتحدث فيها زيد وعبيد، ثم هاهو الناطق الرسمي باسم الخارجية يفيدنا بان الوزير قد كتب للسكرتير العام للأمم المتحدة طالبا انهاء مهمة البعثة، ثم بعد ذلك احتدم الجدل بين الوزارة والبعثة حول ما إذا كان من حق الحكومة أن تطلب من البعثة الرحيل أم لا؟
ودعونا نراجع الدروس من الأول و من الوثائق والمستندات.
أصدر مجلس الأمن الدولي قراره رقم 1590 بتاريخ 24 مارس 2005 بإنشاء بعثة الامم المتحدة في السودان للمساعدة في تطبيق اتفاق السلام الشامل، وجاء في نص القرار الإشارة لكثير من المرجعيات، منها طلب الطرفين (الحكومة والحركة الشعبية) من مجلس الأمن إرسال هذه البعثة. ويحدد القرار تفويض البعثة بدقة شديدة في عدد من النقاط، توضح المادة “16” منها ان البعثة تعمل تحت الفصل السابع. وينص القرار على أن يقدم الأمين العام تقريرا أمام مجلس الأمن كل فترة،ويقوم مجلس الأمن بإصدار قرار إما بتجديد تفويض البعثة أو انهاء مهمتها.
في 17 مايو قدم السكرتير العام للأمم المتحدة تقريرا لمجلس الأمن اقترح فيه إنشاء بعثة للأمم المتحدة في جنوب السودان، على أن يتم وفي نفس الوقت، تخفيض وجود البعثة في شمال السودان والتي اقترح المد لها لمدة ثلاثة أشهر، من التاسع من يوليو وحتى التاسع من أكتوبر. ويعني هذا اعتراف من الأمم المتحدة بتناقص الحاجة لوجودها في شمال السودان، في حين هناك حاجة ورغبة لبقائها في الجنوب، ولهذا لم تبق في الجنوب بالتفويض القديم، وإنما اتجهت لمجلس الأمن للحصول على تفويض جديد.
وبالمنطق البسيط، وبالرغم من انتهاء أجل اتفاقية السلام في يوليو، إلا أن هناك قضايا معلقة بين الشمال والجنوب لم تحل حتى الآن، مشاكل الحدود والبترول والاتفاقات الأمنية وآبيي، وهذا قد يعني الحاجة لوجود دولي محدود في هذه المناطق الحدودية، وأظن أن هذا في مصلحة الطرفين.
لقد انتظرت وزارة الخارجية حتى صدور هذا التقرير وإعلانه أمام مجلس الأمن، ثم سارعت برفع خطابها برغبتها في انهاء وجود البعثة بالسودان في التاسع من يوليو، فأين كان مسؤولوها وأعضاء بعثتها الدبلوماسية في نيويورك، ولماذا انتظروا حتى صدور تقرير الأمين العام ليتقدموا بهذا الطلب.
إن الطريق الطبيعي هو أن يخاطب السودان مجلس الأمن، هو صاحب القرار وهو الذي أنشا البعثة، ولا يتوقع أن يفرض مجلس الأمن وجود البعثة دون رغبة الطرفين، لكن صدور القرار يتطلب عملا دبلوماسيا هادئا واتصالات وتقارير وانتظار تقرير الأمين العام الدوري.
أرجو أن تذاكر وزارة الخارجية واجباتها المنزلية وأن تؤدي مهامها بالدقة والحساسية المطلوبة منها ولا تنجر وراء الحلاقيم الكبيرة.

الاخبار

تعليق واحد

  1. صدقت يا محمد صالح الرئيس ساقط اكاديميا واخلاقيا ووزارة الخارجية وزيرها مين امير الدبابيين ناس حوض السباحة والبلد عطشانة ربنا يعيننا

  2. الأخ / فيصل
    نتمنى أن يأتي يوم يبعث الله الرشد في ولاة أمورنا فيبعدوا عن العنتريات ويستفيدوا من الماضي و عواقب تحدي المجتمع الدولي .
    كم مرة بربك تراجعوا عن قرار إتخذوه دون دراسة وبعد قسم بأغلظ الإيمان أو طلاق.
    قدرنا كذلك يتولى أمرنا جهلاء أغبياء مراهقين فكرياً.
    هذا حصاد المشروع الحضاري المزعوم.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..