قطار الشوووووووق !

ما من أمة في أغلبية مساحات هذا الكون الفسيح الا وقرّب القطار بين مسافاتها بعيدة كانت أم قريبة ، فتجده في بلاد قارة كالهند يتلوى خلف قصيبه يلاحق قرص الشمس حيثما استدار أ و يشق ثوب العتمة يتلوى بجسده الثعباني ..والناس نيام في درجات علية القوم داخل جوفه الناعم ، واما هم معلقون على أسطحه أو حتى متشبثين بحواف جسمه ونتوءاته التي تفصل بين وصولهم بالسلامة الى من يحبون ، أو سقوطهم سهوا في سكة المجهول ان كانوا ممن لم تقصّر عجلات الدنيا الفراقة في طحنهم مسبقا !
هنا في السودان .. للقطار في حياة الناس ذكرى لن تمحوها سنوات التدمير الأخيرة التي حاولت أن تنسف خطوط تلك الذكريات عن صفحة تاريخنا وجدانيا قبل أن تخّربها في خارطة الخدمات التي كان يسديها لنا اقتصاديا ذلك الناقل العجيب !
فكم غنى له المغنون . .منذ ايام زنقار ..من بف نفسك يا القطار ، ورزيم صدرك قلبي طار ، وينه الحبيب انت شلته جيبه يا القطار ..
وحينما نوى القطار التحرك بالمسافر الغالي .. شدا سيد خليفة .. القطر القطر نويت السفر هيجت حنيني ودمعي انهمر ..
مثلما عبر تاركا ..عثمان الشفيع ، يتحسر برائعته الخالدة .. القطار المره فيه مره حبيبي ..
وكثيرة هي نماذح مدح قريحة شعرائنا وقدحهم في القطار ..تماما كتمدد خوف التجار وهم يترقبون وصول بضائعهم المشحونة عليه وفرحتهم حينما تضمها مخازنهم وقد حطت فيها سالمة !
ولعل دعوة ذلك العاشق الذي تمنى للقطار وقد أبعد عنه حبيبه وتركه في جوف الفراق الحارق ، أن يتكسّر حتة حتة ، قد أصابت قطارنا في مقتل ، فباتت السكة حديد كسيحة لا تقوى بالكاد على تحمل حركة مناورات العجلات داخل المحطات التي غدت تراثا ..وهي تصطك على بعضها في عتاب مفعم بالأسى على ضياع أيامهما الخوالي وهما تقتسمان الحمولا ت البشرية والعينية و نهب المسافات اناء الليالي وأثناء النهارات !
فهل يعود قطار الشوق كما كان مرة أخرى في حياتنا مثلما رحل عنها، ، لاسيما وقد بدأت كثير من الدول تعيد تأهيل قطاراتها وسكتها الحديدية وبصورة نوعية أكثر تطورا لتواكب ايقاع الحياة الحديثة التي تتطلب طي المسافة وان كانت قصيرة ، في زمن قياسي يريده انسان هذا العصر ليكون أسرع عن القطار !
هو مجرد حلم لا أخاله سيتحقق ، حتى تعود عطبرة مصدر أغنية قطار الشوق ، مدينة الحديد والنار ، كما كانت قبلا هي الأخرى ، اذا هاج غبارها من غضبة خطى عمالها الثائرين ، تتحسس له أنف المركز في الخرطوم عطسا ، فعجلات التغييرالتي كثيرا ما تحركت قطارات نضالها العنيد من هناك على أنغام العطبراوي وهو ينشد أنا لن أحيد ، ، فيستجاب لطلبها مشحونا في أو ل سفريات عربات البوستة التي تنقلّت كالعروسة الحبلى بجميل الأحلام بين سطور المحبين وهي تنثرها عبر المسافات ، التي قطعها التسلط مع أنفاس القطار ، في أرضنا التي كانت واحدة يشدها الى بعضها خطاه المتوازيان، فتمزقت وجعا علي ذاتها وعليهما و قبل كل شيء علينا !
آملين أن تكون محطات الغد بالتغير القادم ملؤها التقدم والنماء والسير الى الأمام على قاطرات الطموح وزحفا فوق خطوط التماسك ..
مثلما أتمنى للجميع يوم جمعة سعيد .
على ضياع أيامهما الخوالي وهما تقتسمان الحمولا ت البشرية والعينية و( نهب )المسافات اناء الليالي وأثناء النهارات
لقد دمروه حتي لا يقاسمهم النهب
ألاخ الكريم “البرقاوى”..انكأت جراحا لن تندمل .. نحن جيل القطارات بانواعها ..اكسبريس حلفا
اللى تظبط ساعتك على ميقات وصوله الخرطزم او حلفا.. اكسبريس ومشترك بورتسودان .. مشترك ألأبيض والقضارف .. ومحلى مدنى- الترابى والخرطوم-ود مدنى اليومى ومحلى عطبره الخرطوم ألأسبوعى وغيرها .. ساحبات
خمسميات زروق وديزل ابو بكر على رضا .. رحم الله زروقا ومحمد الفضل وذلك العقد الفريد من مهندسي السكه حديد ومآمير ادارتها وسائقى قطاراتها ومحولجييها ومنزّلى صنافوراتها لمرورو براه.. الذين يسروا
لتلك ألأجيال وعثاء السفر على عرباتها ذات الدرجات ألأربع الشبيهة بسنوات الدراسه..وزيادة عليها عربات ال “سليبرز” بالتصاريخ المجانية – وربع الاجره التى كانت تمنحها الدوله لموظفيها على اختلاف
درجاتهم الوظيفيه وكذلك لعمالها بلا حدود (مد البصر) .. قطارات البضاعه كان لها شأن واى
شأن .. وين ناس زى ناس “آتبرا” ..الله يجازى اللى كان السبب وكفى ففى النفس حسره وفى الحلق
غصه وفى العين دمعه .. ولكن لكل اول آخر .. ولابد من صنعا وان طال السفر
حليل قطار زمان الكنا نضبط ساعاتنا على صافرته وما ذلك الا نتيجة الانضباط والهمة والاخلاص والتفاني في العمل واحترام المواعيد