فقهاء السلطان -3-

قولوا حسنا
أوضحتُ أمس كيف انحدر الفقه الإسلامي بواسطة فقهاء السلطان لا يماثلهم إلا أولئك الأعراب الثوريين الذين كادوا يجعلون من الحكام أنصاف آلهة، فانتهت عندهم دعواهم بالديمقراطية والجمهورية إلى وراثة أسرية مثل الأنظمة التقليدية الوراثية التي حاربوها، فصارت (جمهوراثية أو جملوكية) لا فرق، فالحاكم في كلا النظامين لا يتخلى عن السلطة إلا بالموت أو الانقلاب أو الثورة عليه من الجماهير، كما حدث في الربيع العربي الذي بدأ عنفوانه يعود من جديد رغم محاولات الردة التي حدثت.
الحاكم الذي يتشبث بالسلطة ويكنكش فيها حتى لو فشل في إدارة بلاده أصبح بسببه غالب الشعب يتضور جوعاً ويعصف به الفقر والبطالة والتضخم، لا تدعم نظام ذلك الحاكم الظالم إلا قلة أدمنت الفساد والتسلط على عباد الله، فصارت تتصرف كما يحلو لها تعيش حياة الترف بعد أن سرقت الأموال الضخمة وأودعتها خارج الوطن. لا يهمها ما يحدث للشعب ولا حتى لنظامها الذى سمح لها بذلك، ولو أعادوه لداخل وطنهم لربما تغير الحال ولكن متى كان اللص يهمه وطنه ونظامه؟
في البلاد المتقدمة اقتصادياً وسياسياً وعلميا وتقنياً تحترم شعوبها ونخبها دساتيرها وقوانينها وترفض العبث بها وتغييرها كما تغير الملابس، فإنَّ أقصى فترة يسمحون فيها للحاكم ألا يتعدى حكمه أكثر من دورتين، لأنَّ الناس هناك ببساطة يدركون أن استمرار الحاكم أكثر من ذلك يفقد القدرة على التركيز ويصبح يدور حول نفسه، يكرر الأخطاء والتبريرات ويعلق أخطاءه على شماعة الآخرين كما يكرس بطانة فاسدة وفاشلة لا تحضه على الخير ولا تنصحه، لأنها مستفيدة من استمراره في السلطة التي تحرسها القوة الغاشمة وأجهزة البطش، فيحدث الفساد المالي والأخلاقي الذي يؤدي إلى الفشل تلو الفشل.
في مثل هذا النوع من السلطة المطلقة وطول البقاء كما حاول شيخنا ذاك من فقهاء السلطان أن يقول، إنه لا يجوز الخروج على الحاكم بل يحرم معارضته رغم الفشل الواضح والفساد والظلم البين، فتكون النتيجة الحتمية أن يعم الفساد ويكون الفاسدون الفاشلون هم المتحكمون في مصائر البلاد والعباد، ومن ثم تنحدر مثل تلك الأنظمة نحو الهاوية ويعم الخراب ويسود الإحباط والتشاؤم، ومن ثم تكون البلاد عرضة لمزيد من التردي والفشل وربما التدخل الأجنبي ذو الأجندة الخاصة به التي لا تتفق مع مصالح الوطن العليا.. يحدث ذلك مهما حاول النظام أن يستعين بقوى البطش ضد الرأى الآخر من أجل البقاء، فيحدث الاحتقان والانسداد السياسي المفضي للثورات..
الشعوب هي السلطة الحقيقية والذين ينتخبون ويتداولون السلطة سلمياً هم الأولى لقيادة البلاد، وأهل الحل والعقد فيها كل المواطنين ليس فقط فئة قليلة من العلماء، كما قال بذلك أحد فقهاء السلطان الذين ربما لا يخلوا بعضهم من الخوف والرهبة من الحاكم أو طمعاً فيه.
وحين يصبح الحكم الديمقراطي الرشيد هو السائد عبر نظام الفصل بين السلطات وتتجذر حرية التعبير والتنظيم ويسود العدل وتكون الصحافة والمنافسة حرة ويتساوى المواطنون، حينها يصبح الإصلاح حقيقياً فلا يتحقق هلاك البلاد والعباد.. وصدق الله العظيم: (وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ (117))..
كسرة: وصلني تعليق وإضافة من الأستاذة إيمان حول نفس الموضوع أنشره غداً
مجحوب عروة
التيار
أخيرا بديت تصحو من غيك ..
#تسقط_لس
أين كان فقهاء السلطان عندما خرج البشير على الحاكم عام 89 ولماذا لم يصدروا هذه الفتوى التى تحرم الحروج على الحاكم ؟