الوزراء مساكين ونحن أغنياء

كنت أحسب قبل قراءة تصريحات السيد آدم جماع أن الوزراء أغنياء جدا وأن (غنى) الوزراء هو سبب مسكنتنا وفقرنا نحن، لكن تصريح جماع الذي ضم فيه حتى الوزراء لزمرة المساكين فى السودان غير فكرتى الخاطئة تماما وقلبها رأس على عقب.
وكونهم مساكين مثلنا فهذا يفتح لهم الباب كغيرهم من المساكين ﻷخذ حقوقهم كاملة من ديوان الزكاة بإعتبارهم (مساكين) ويمكن أن يأتوا لديوان الزكاة مشيا على الأقدام، أو فى عربة أجرة ﻹظهار مسكنتهم لموظفي الديوان،ولكن المشكلة لو عرف موظفى الزكاة مسكنتهم لما سمحوا لهم بالدخول أصلا،والأفضل أن يأتوا فى سياراتهم (الدستورية) الفارهة ﻷخذ أنصبتهم من الزكاة والحرس المدجج بالسلاح والمتستر فى لباس (ملكي) يحيط بهم من أمامهم ومن خلفهم ومن بين أمامهم وخلفهم،وموظفو الزكاة سيرونهم من وراء الأبواب المظللة وبالتالي معاملتهم ستكون معهم لطيفة وراقية،وسيعطونهم حقوقهم (الزكاتاوية) وربما بزيادة دون تسويف أو مماطلة كما هو عليه الحال مع (المساكين) الآخرين.فليس الناس فى السودان سواسية حتى في (المسكنة) فهناك مسكين يسكن فى بيت (برش) أو (خشب) كوخ لا يقيه حر ولا برد تقول عنه (قبر) فيه حفرة من حفر نار الدنيا، يجلب لبيته المتهالك مياه تسمى للشرب بالدلو ما معروف الفيها شنو من مسافات بعيدة جدا،ومحمولة على رأسه وكتفه، ولا يستطيع بمشقة الحصول على لقمة عيش تكفيه وجبة واحدة غير دسمة، وأخطر الحشرات الضارة لا تلدغه ولا تلسعه وتسكن معه فى وئام وسلام عجيب بعد أن اكتشفت أن ليس في جسمه دم لتمتصه،وهناك مسكين آخر ظهر فى آخر الزمن،يسكن فى بيت راقى وفخم تقول عنه أنه روضة من رياض جنة الدنيا بحدائقه الفيحاء وفنائه الجميل فيه أصناف وأنواع من الأكل لا توجد فى بيت زعيم مساكين السودان،وصاحبه مستمتع بالحياة الدنيا مالا،وبنينا، وأبنائه مثله مستمتعين بحياتهم مالا وبنينا وزواجا ويقودون سياراتهم ذات الدفع الرباعي ليل نهار،ويمتلك هو أرصدة فى البنوك الداخلية والخارجية ووزير فى الحكومة الإتحادية ومن ثم بعد ذلك يطلع لينا (مسكيييين).
وأتمنى من الشعب السودانى أن يجود لهؤلاء (الوزراء) المساكين بالصدقة و(الكرامة) وخاصة فى هذه الأيام أيام رمضان المباركات فالصدقة أجرها يتضاعف الى أضعاف الأضعاف كما كل أعمال البر والتقوى وفى ذلك إحياء وتحقيق لمبدأ التكافل والتراحم الإسلامى العظيم،وعلى أفراد الشعب السوداني فى حالة إعتذار المساكين الوزراء عن مقابلتهم فى المكتب ﻹستلام صدقاتهم،عليهم أن يذهبوا لهم فى بيوتهم لتسليمهم الصدقات، فالإعتذار عن المقابلة فى المكتب ليس نهاية المطاف ويعنى أن الوزراء بقدر من الفهم لطبيعة عملهم،ولا يريدون خلط العام بالخاص وهذا شيء جميل يحسب لهم وليس عليهم، ووصيتى الأخيرة بأن لا تنسى جمعياتنا الخيرية التى توزع كيس الصائم هذه الأيام الوزراء المساكين فلهم حق فى هذا الكيس بالتساوي كما للأخرين من المساكين بعد ان كشف الحاج آدم (مسكنتهم) التى ظلوا يخفونها 29 عاما مضت وربما كانوا لا يسألون الناس إلحافا،وقد يكون بلغ بهم الأمر أن يشهر بهم أحد إخوانهم وبمسكنتهم على المﻷ فقد يجدون من يتعاطف معهم؛ وقد يجدون من يمد لهم يد العون للحد من مسكنتهم وخاصة إنهم رموز دولة وممثليها فى الداخل والخارج ولا يمكن أن يظهروا بمظهر (مسكين) لا يليق بالدولة السودانية العظيمة.
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..