لم أتفاجأ بل .. نتوقع الأسوأ..!

لم يدهشني حكم المحكمة الصادر ضد فريق التفتيش بوزارة الصحة ولاية الخرطوم.. لأنني كتبت ونبهت منذ أكثر من عام.. بل أتوقع الأسوأ.. أن يفتح هذا الحكم الباب أمام آخرين ليدفعوا بمظلماتهم إلى المحاكم..! وأدناه ما نشرته هنا في فبراير 2016.. ولم يهتم من يفترض أن الأمر يهمهم..!
ويبتدر (س) من الأطباء روايته لي من واقعةٍ حَيّرتْهُ شخصياً.. فقد زارتهم فرق التفتيش ليلاً.. وفتشت ونقبت وقررت.. وأغلقت.. ثم أبلغتهم أن القرار سيصلهم صباحاً.. وفيما كانوا ينتظرون أن يأتيهم خطاب الوزارة بقرار الإغلاق.. جاءتهم صحف الصباح التي تُطبع ليلاً بالقرار.. أي أن القرار قد ذهب للصحف وللرأي العام.. قبل أن يتسلمه أصحاب الشأن.. (س) ومن معه يرون في الأمر تعجلاً مريباً.. مما يجعلنا نطرح سؤالاً.. جاداً وهادفاً.. لا مستهدفاً.. ولا مستبطناً تجريماً.. ما هي فلسفة ودوافع وحكمة مشروعية تفتيش المستشفيات الخاصة..؟ هل الهدف الإصلاح والبناء وتطوير أداء وكفاءة الأوعية العلاجية ومن ثم حفظ حقوق المرضى..؟ أم أن ثمة أهدافاً أخرى غير بادية للعيان..؟
بروف حميدة.. مع حفظ المقامات.. فأعلاه وجه واحد من وجوه الشكاوى والتساؤلات المطروحة الآن في سوح المشافي الخاصة.. تنتظر أن تنظر فيها.. لا نقول بعين الرحمة.. بل بعين الخبير المتخصص الفاحص.. وبضمير ولي الأمر المسؤول عن رعيته.. ونعزز عريضتنا بالتالي كواقعة مسجلة طرف فريقكم.. فقد ذهب فريق التفتيش إلى أحد المشافي.. ثم توجه مباشرة إلى بنك الدم.. وفتح ثم نظر.. ثم قرر.. ثم أعلن أن ثمة دماً فاسداً مخلوطاً بدم صالح.. ونقلت الصحف ذلك التوصيف الخطير.. وقر في روع المتلقي غير ذي العلم من أمثالنا.. أن ذلك المشفى.. سامحه الله.. إنما يأتي بدم فاسد مخلوطاً بدم صالح ويعبئه في زجاجات ويبيعه للمرضى.. فحين يكون الحديث عن سائل مقروناً بالخلط.. فلا معنى غير هذا يقر في الوجدان السوي.. سيدي البروف.. ولكن الوقائع سيدي البروف تفيد بغير ذلك.. أنه وإنفاذاً لتوجيهاتكم فجهة واحدة هي التي تتولى أمر سحب الدم المنتهية صلاحيته من المشافي.. وأن المشافي قد درجت على جمع ذلك الدم ووضعه أسفل الثلاجة لحين سحبه.. وأن الاحتفاظ به داخل الثلاجة دافعه عدم فساد رائحته مما قد يفسد جو المستشفى.. وأن التقليد متبع في كل المستشفيات.. بدليل أنه وفي اليوم التالي لإغلاق ذلك المشفى بدعوى الاحتفاظ بدم فاسد.. كانت الجهة المختصة.. وهي من طرف الوزارة التي تتبع لها أيضاً فرق التفتيش.. وليست من طرف أي جهة أخرى. قامت بسحب نحو ألفي زجاجة من مستشفى حكومي دون أن تغلقه.. ألا ترى الأمر في حاجة لمراجعة سيدي الوزير..؟ ثم وإذا كان البلاغ عن دم فاسد ألم يكن من المهم.. بل المطلوب والملح.. أن يضم فريق التفتيش واحداً، على الأقل، من بنك الدم المركزي كجهة رقابية مرجعية في المجال..؟
فرق التفتيش هذه.. سيدي البروف.. سبق وأن احتفينا بها وشددنا من أزرها حين معركتها مع معالجي الأعشاب، لقناعتنا بأن المؤسسات ينبغي أن تقوم بدورها.. ولكننا الآن سيدي البروف نعجز عن فعل ذلك.. ففهمنا مثلاً يتقاصر عن استيعاب أن الأخشاب ضارة بالصحة.. حين نعلم أن فرق التفتيش قد أغلقت مشفى وربطت إعادة فتحه بتغيير الأبواب والنوافذ الخشبية كافة.. ثم نقف احتراماً سيدي البروف.. للائحة الحاكمة للتفتيش في المستشفيات.. ونحترم حتى تعديلها الأخير والذي يمنح رئيس فريق التفتيش حق إغلاق المستشفى فور ضبط أي مخالفة تهدد حياة المرضى.. ولكن السؤال سيدي الوزير سيكون حول خبرة وكفاءة رئيس الفريق هذا.. فبانقضاء زمن المعجزات.. والبطولات الخارقة.. والمهارات الفردية المطلقة.. باتت الخبرة العملية والمؤهل العلمي هي الضوابط الحاكمة.. فهل يعقل.. سيادتكم أن من لم تبلغ خبرته السنوات الخمس.. ولم يتخطَ مؤهله البكالريوس.. يكون هو صاحب الصلاحيات المطلقة في اتخاذ قرارات بهذه الخطورة..؟
لا أحد ضد التفتيش والمراجعة والمراقبة بالطبع.. ولكن بغرض التطوير لا التشهير.. سيدي الوزير..!

اليوم التالي

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..