المديدة حرقتني

أسامة ضي النعيم محمد
أطلقها علي الهواء مباشرة ، يصعب التراجع عنها أو تخفيف ترجمتها ، تلك العبارة تعيد القاموس الرسمي في مخاطبة المجتمع الدولي الي عهد البشير، توجيه ممثلي البعثات للالتزام أو الامتناع عن سلوك ما يأتي عبر وزارة الخارجية ، أن يصلهم التنبيه من منصة مخاطبة القوات المسلحة الي ممثلي الدول بالسودان يعيد السودان الي دبلوماسية ( حمرة عين) لصاحبها كرتي ، المديدة حرقتني يطلقها رئيس مجلس السيادة والقائد العام بزيه العسكري يشير في معناها الي تدخلات بعض الدول في توجيه الحراك السوداني المناوئ لانقلاب البرهان.
مع كامل الاحترام للقائد العام ورئيس مجلس السيادة ، الا أن التأثير الايجابي من الممكن أن يحدث فرقا هائلا وحميدا لو جاء تبليغ المديدة حرقتني ومضمونها عبر لسان الدبلوماسية السودانية الي من يهمهم الامر في البعثات الدبلوماسية ، لا يجتاح الراهن السوداني الي افتعال معارك مع الدول مهما قلت أو عظمت درجة المصالح البينية معها ، معاوية وشعرته لا بد من استحضارها لا أن نستدعي قاموس البشير بما فيه من (صرف بركاوي) أو ( حمرة عين) يهرف بها كرتي.
رؤساء الدول يرفعون عاليا الشأن التجاري والاقتصادي في العلاقات البينية ، تجد الرئيس الفرنسي في زيارته الي بعض دول الخليج يخرج وفده الاقتصادي المرافق بصفقات تجارية بمليارات الدولارات ، قس علي ذلك الرئيس الامريكي والروسي في زياراتهم الي بعضهم البعض أو الي الصين وغيرها ، التجارة والمصالح الاقتصادية هي المنافع المقدمة بين الامم والتي يسميها الساسة عندنا في السودان ( قفة الملاح) ، رحلتا الشتاء والصيف والتي جاء توثيقها في محكم التنزيل كانت عبر طريق بين اليمن والشام تنحكم في حراسته عقلانية ورشد زعماء القبائل لضمان انسياب المصالح الاقتصادية وتأمين قوافل التجارة . طريق التجارة بين السودان والعالم تعرض في عهد الانقاذ الي تدمير غابت معه الثقة في بناء علاقات تجارية صحيحة معافاة بين السودان ومعظم دول العالم.
المديدة حرقتني من طاردات المنافع ومانعات التحويلات المالية للسودان ، لا نحتاج في هذه الفاصلة من تأريخ السودان الا قولا طيبا أو سكوتا من ذهب مع العالم ، الوعود بإجراء انتخابات لتثبيت المسار الديمقراطي من جميل القول ، يحتاج فقط الي همة الحرية والتغيير بذراعيها الاصلي والاخرالضرار للتعاون وإعداد جدول زمني ينقلنا الي يونيو2023م. الاحصاء اللازم لعملية الانتخابات يتطلب تعيين الجهة وتزويدها بالمعينات وتعيين الشباب وتدريبهم للقيام بعمليات الاحصاء والعد ، قيام مفوضية الانتخابات والمجلس التشريعي ودمج القوات في جيش قومي واحد في تواريخ معلومة ، جميعها استحقاقات تحتاج الي جداول زمنية لإنزال وعد رئيس مجلس السيادة والقائد العام من منصته العسكرية ليخاطب سواد الشعب السوداني وثواره لزرع الطمأنينة في النفوس وإعادة الثقة المفقودة.
الاحساس بارتباط التصريحات السياسية مع العلاقات الاقتصادية مفقود عند قادتنا السياسيين في الزمن المتأخر ، كان ذلك الفهم العالي عند المحجوب والهندي ومبارك زروق ومنصور خالد وإبراهيم منعم منصور—عليهم جميعا رحمة الله ، أفعالنا اليوم لا تربط بين الحصول علي مبلغ 700 مليون دولار لدعم خزينة السودان وبين تأخير الانقلاب من 25 أكتوبر الي ما بعد تحويل ذلك المبلغ الي خزينة بنك السودان.
يبقي الخطاب الرئاسي وموضوعه المديدة حرقتني معبرا عن حالة سودانية لا نظير لها ، تضرب مصالح السودان وتحرق المديدة نشاطه ولحمته الاقتصادية ويكون تأثيرها أكثر ايلاما من (أميكرون) أو الكورونا في أحدث تجلياتها.
وتقبلوا أطيب تحياتي.
المديد سمحة لكن بصراحة نحن أفارقة والافارقة لا ياكلون كثيرا فمافي داعي لاستجلاب قيم لا تمت للمنطقة بصلة.
شكرا