أخبار السودان

( مكب النفايات )

الطاهر ساتي

:: ومن الأقوال الرائعة، غاب المدير عاماً ولم يشعر بغيابه أحد ولكن عندما غاب عامل النظافة يوماً شعر بغيابه الجميع، فالمرء يكتسب قيمته في حياة الناس بما يقدمه للناس وليس بمنصبه..وهذا ما حدث بالخرطوم قبل وبعد هذا العيد المبارك..فالوالي والمعتمد، ربما كانا بالحج أو بالخرطوم، فالمواطن لم يشعر بوجودهما أو بغيابهما..ولكن عندما غاب عمال النظافة يوماً عن أحياء الخرطوم قبل العيد – إحتجاجاً على تأخير صرف حقوقهم – تراكمت النفايات وخرجت منطقة بري في تظاهرة إحتوتها الشرطة بالتفاوض وليس بالبمبان..!!

::أغلقوا الشوارع الرئيسية بالنفايات وكاد بعضهم أن يشعل فيها النيران، ولكن تدخل مدير القسم ببري وحاورهم ثم إتصل بالسلطات المسؤولة عن النظافة، وهذه هرولت بعرباتها وكودارها ونظفت الشوارع والأحياء خلال ساعات، خوفاً وليس حباً أو إيماناً بمسؤوليتها ومهامها.. مصعب البرير، مدير الهيئة الاشرافية للنظافة بالخرطوم، يشرح ما حدث قائلاً : ( إضراب عمال النفايات قبل العيد تسبب في تراكم النفايات)، وإكتفى بهذا القول ولم يسهب بحيث يوضح أسباب الإضراب .. ولكن الشاهد أن وضع عمال النظافة بولاية الخرطوم اليوم لايختلف كثيرا عن وضع الأرقاء في عهود الجاهلية ..!!

:: فالقوى العاملة بالنظافة مقدرة ب ( 1500 عامل)، وراتب العامل منهم لايتجاوز (450 جنيه)، وحتى هذا المبلغ الهزيل يتأخر صرفه شهراً أو نصف شهر، كما حدث في هذا العيد..وكل هذه القوى العاملة محرومة من كل حقوق العمالة التي ينص عليها قانون العمل، بحيث لا تشملهم منحة المائة جنيه المسماة ب (منحة الرئيس)، ثم الأدهى والأمر لا تشملهم مظلة التأمين الصحي وهم الأقرب إلى بؤر الأمراض والمخاطر الصحية، ولاتشملهم مظلة التأمين الإجتماعي..هي عمالة مؤقتة و- مٌستغلة – غير مستوعبة في الخدمة العامة، رغم أن السواد الأعظم منهم يعمل بهذه المهنة منذ سنوات، أي متجاوزا الثلاثة أشهر التي تُثبت العامل وكل حقوق خدمته.. حافز العيد لايتجاوز (40 جنيها)، لم يصرفوه في عيد الفطر وما كان لهم أن يصرفوا في عيد الأضحى لو لم يضربوا عن العمل ..!!

:: رسوم النفايات التي تتحصلها محليات الخرطوم شهرياً من المنازل والمؤسسات تترواح ما بين ( 7/8 مليار جنيه).. وقيمة رسوم إعلانات الشوارع التي تتحصلها محليات الخرطوم شهريا تتراوح ما بين ( 40/ 50 مليار جنيه).. وناهيك عن العوائد ورسوم الأسواق والمتاجر، ومع ذلك تعجز المحليات عن النظافة، وعن تسليم عامل النظافة أجره قبل أن يجف عرقه..فالمحليات أكبر ثغرة في خدمات الناس وفي إدارة الأموال العامة المخصصة للخدمات، وخدمة النظافة مجرد نموذج ..فالسواد الأعظم من عمال النظافة يعملون بنظام الورديتين ( ليعشيوا)، وهذا ما يعرضهم إلى المخاطر الصحية، وقلنا أنهم يعملون ( بلا تأمين صحي )..!!

::ومهام الهيئة الولائية إشرافية فقط، وكل المسؤوليات الإدارية والمالية على عاتق المحليات، والمحليات ( هزيلة وعاجزة).. والمهم، لو كانت الحكومة – ولائية كانت أو محلية – واعية ورشيدة وحريصة على نظافة العاصمة، لتركت أمر هذه النظافة للقطاع الخاص وشركاته وإكتفت بالإشراف والرقابة والمحاسبة.. من حولنا شركات نظافة عالمية وأخرى اقليمية، متخصصة وذات عدة وعتاد ولها تجارب مثالية بالمدائن الكبرى، ولكن النهج الحكومي لم – ولن – يفتح فرص العمل لهذه الشركات.. فالمليارات التي لا تسد منها العمالة رمقها – وتضرب عن العمل – أهم للولاة والمعتمدين من النظافة ، ولذلك لن يغادر المواطن السوداني..( مكب النفايات)..!!

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. “لتركت أمر هذه النظافة للقطاع الخاص وشركاته وإكتفت بالإشراف والرقابة والمحاسبة.”

    القطاع الخاص يا الطاهر ؟؟
    طيب اذا كان المواطن بيدفع ضرايبه على داير مليم
    التعليم بقى بالقروش والعلاج بالقروش .. اها حتى النظافة؟؟
    ياخى دى اقل حقوق المواطن

    اتفق معاك فى ان المحليات هى المشكلة الكبرى
    حليل المجالس البلدية وموظفيها المؤهلين ..
    خلتنا للمحليات وأهل التمكين

    ادارة عامة منتهية

  2. كل المؤشرات تقول ان نظام عصابة الانقاذ بدأ بالانهيار. على الكل تسديد الضربات الموجعة لتسريع وتيرة الانهيار. علي الشباب تخزين الملتوف لحرق بيوت الكيزان و كلاب الامن بالاحياء ، قبل الزحف لوسط الخرطوم. على الشباب تكوين خلايا المقاومة بالاحياء.

  3. اذا كانت الحكومه -استاذ الطاهر – تتحصل(حاليا) 8مليار ..فﻻ بد لها من المحافظه على هذا المبلغ ! وده طبعا لو كنا متفائلين.. ومع ذلك البيت الصغير يدفع من تﻻتين الى اربعين جنيه فى الشهر!! فماذا لو استلمه القطا الخا ص ؟؟ هذا يعنى-على اسوأ الفروض- استاذ الطاهر مضاعفة معاناة الناس مع النفايات.. فاحسن شوف حل آخر حتى ﻻتصيبك لعنة النفايات!!

  4. الكـــاتب: لتركت أمر هذه النظافة للقطاع الخاص وشركاته
    قطاعنا العام الآن ، في حقيقته هو قطاع خاص (كيزاني)
    القطاع الخاص في كلّ الدنيا هو كالبعوض يمتص الدم ويعطي المرض
    القطاع الخاص هو الرأسماليّة المدمّرة للإنسان
    هذا رأيي الشخصيّ

  5. أنت يا الطاهر ياخوي داير كل حاجة تكون (للقطاع الخاص) والحكومة كلها تكون (قاعدة ساي)؟؟ هههههههههههههههههههههه

    قبل يومين أنت قلت (حقو الحج والعمرة يبقي قطاع خاص برضو)!!

    مافي حاجة إسمها قطاع خاص لإدارة الخدمات العامة للمواطنين، دي أشياء في أي بلد بتديرها الحكومة وبس، ولو في سلبيات فالناس تتكلم وتأخذ حقوقها ذي ما عمال النظافة أضربوا وأخذوا حقوقهم وعلاواتهم تحت حماية الشرطة بكل تحضر، وبصراحة كده: عمال النظافة أثبتوا أنهم متحضرين أكثر من مثقفي البلد دي وأصحاب البدل والكرافتات.

    وبعدين أقول ليك معلومتين مهمات جداً يخلوك تغير نظرتك:

    أولاً: الحكومة لو عندها سلبيات (ذي مشكلة عمال النظافة دي) فتأكد تماماً أن القطاع الخاص حيكون تاجر رأسمالي كبير جداً وماعندو رحمة وكل حاجة عندو حتكون (إستثمار)!!

    ثانياً: لما الحكومة تعمل (خصخصة) تقولوا حرام عليكم تبيعوا حاجاتنا للقطاع الخاص يتاجر فينا، ولما الحكومة تشتغل براها تقولوا (أعملوا خصخصة). حالتكم تجنن والله وما قادرين نفهم إنتو دايرين شنو بالضبط!

  6. دعوة بسيطة لكل الناس ،،،، كل ما قابلت عامل نظافة اديهو جنيه أو أكثر من ذلك أو أقل … لو عمل كل واحد مننا كدا سندعم هؤلاء المكافحين . ما رايكم ؟؟؟؟

  7. قيل فى المثل السياسيون مثل حفاضات الأطفال يجب تغييرهم باستمرار لنفس السبب..
    نحن نحتاج لتنظيف بلدنا أولا من البلاء وتغيير هذه الحفاضات الإسمها كيزان ودون ذلك كل قذارة مقدور عليها …

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..