آبيي والأمواج المتلاطمة

بسم الله الرحمن الرحيم

آبيي والأمواج المتلاطمة

حسين الحاج بكار
[email][email protected][/email]

حتى في وقت قريب المسيرية لم تصدق أن الإنقاذ يمكن أن تسحب قواتها من آبيي نتيجة لضغوط خارجية ولكن الواقع السياسي المرتبط بالاتفاقيات الدولية لا يخدع لعواطف البسطاء وإنما يستند على التزام الأطراف الموقعة على الاتفاق سواء كان هذا الاتفاق إقليمي أو دولي لابد أن تشرف علي تنفيذه دول إقليمية أو ما تكلفه الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي التابع لهذه المنظمة بالإشراف والتنفيذ .

كما حصل في نيفاشا فهنالك وساطة دولية شاهدة على الاتفاق وبالتالي اتفاقية نيفاشا ليس اتفاقية بين طرفين متنازعين فحسب وإنما أصبحت اتفاقية دولية وإقليمية بحكم الإشراف الدولي عليها حيث إن الاتفاقية تضمنت تقرير مصير الجنوب .
لذا إن غياب النظرة الموضوعية والقراءة التحليلية لمحتويات برتوكولات نيفاشا أفقدت المسيرية القدرة على الخروج من مأزق آبيي وليس هذا فحسب بل كل ما يقوله المؤتمر الوطني هو صحيح متناسية أو متجاهلة التعاطف الدولى مع الحركة الشعبية الذي أدي إلى إنفصال الجنوب ، إذاً قضية آبيي مرت بمنعطفات سياسية وأمنية واقتصادية واجتماعيه خطيرة ولم ينتبه لها أحد بل الكل يؤكد بعيداً عن سطور نيفاشا بأن آبيي أرض المسيرية هذا الأمر عفا عنه الزمن فإنسحاب الإنقاذ من آبيي ليس بالأمر الجديد فالإنقاذ بعد اتفاق خارطة الطريق في 8/6/2008م سحبت اللواء 31 من آبيي رغم رفض المسيرية أمام رئيس نظام الإنقاذ لسحب اللواء 31 .
وإنما اتفاقية أديس أباب خير شاهد على انسحاب قوات الإنقاذ من آبيي 30/7/2011م بعد وصول أول فوج من القوات الإثيوبية إلى آبيي .
ولكن الانسحاب الذي تم في 29/5/2012م لم يكن تطوعياً وإنما جاء نتيجة لقرار مجلس الأمن 2046م الذي صدر يوم 2/5/2012م لذا أي كانت التبريرات للانسحاب فإن الخاسر في المعركة هم المسيرية التي عولت على الإنقاذ وعلى دماء أبناءها الذين استشهدوا في 19 ? 21/5/2011م رئيس الإنقاذ بعد تحرير آبيي قال آبيي شمالية ولا يمكن الانسحاب منها ،حيث أصدر مرسوم جمهوري تم بموجب ذلك إعفاء رئيس إدارية آبيي وتعيين الحاكم العسكري آنذاك رئيس لإدارية آبيي . إذ شهر مايو هو شهر الكوارث فالإنقاذ بانسحابها من آبيي خذلت المسيرية . والمؤلم حقاً في 28/5/2012م خاض المسيرية معركة حامية الوطيس في بحر العرب والتي لم يتناولها الإعلام بكافة ألوانه كما حظيت هجليج بمساحة إعلامية واسعة لم يشهدها التاريخ من قبل . إذاً معركة بحر العرب هي معركة تفاوضية أكثر منها معركة تحرير أرض قبل معركة بحر العرب جاء كارتر والأخضر الأبراهيمي وأجراء محادثات مع مسئولي الإنقاذ واتفقا على سحب القوات الشمالية من آبيي وهذا اللقاء في 27/5/2012م والذي حدد تاريخ الانسحاب 29/5/2012م . إذ تلاطم الأمواج في بحر الفرق الثلاثة المتصارعة المؤتمر الوطني ، الحركة الشعبية ، تحالف كاودا من المؤكد سيؤدي إلي غرق السفينة .
ولابد من الوقوف في التخبط السياسي الذي رافق التطورات العسكرية في 2008م من جانب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية الذي أدي لقتال عسكري بينهما في 23/5/2008م وبموجب هذا القتال أندلع حريق آبيي ، حيث بعد ذلك حصلت تغييرات سياسية واجتماعية سيطرة على التطورات العسكرية وبموجب ذلك تم تشكيل إدارية آبيي التي حددت معالمها خارطة طريق آبيي في النقاط الآتية :
1/ إدارية آبيي تتبع مباشرة إلى الحكومة الرئاسة .
2/ تشكيل مجلس تشريعي
3/ تتولي إدارية تنفيذ مهام التنمية
4/ تشكيل قوات مشتركة والشرطة بالتناصف بين الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني لحظ الأمن والاستقرار ولكن كل الأحوال لم يتحقق السلام والأمن والاستقرار ناهيك عن تحقيق التنمية
قبل إنسلاخ آبيي تبعا لخارطة طريق آبيي معتمدية آبيي تضم في ثناياها ، الإداريات التالية ، المجلد ، الدبب ، الستيب ، آبيي ، الميرم .
إذاً لم تفلح إدارية آبيي في تهيئة الظروف المناسبة لأبعاد شبح الحرب بل أي من الطرفيين يضمر مكيدة للأخر بتعبئة عناصر الحركة الشعبية ضد المسيرية وبالمقابل المؤتمر الوطني يحرض عناصر من المسيرية ضد الحركة الشعبية وقبيل واستفتاء جنوب السودان شهدت منطقة آبيي تطورات قريبة في أطوارها في 7/ يناير حرب في العرديب ، وفي 8/1/2011م في العرديب أيضا وفي 9/1/2011م وقعت معركة دبة ماكير واتهمت الحركة الشعبية الإنقاذ بإفشال الاستفتاء ، وبالفعل اتهم المؤتمر الوطني الحركة الشعبية بالتخطيط للاستيلاء على آبيي . هذه الظروف لم تأتي بعلاقات وثيقة لتحقيق الاستقرار والسلام المنشود رغم ادعاء الجانيين التمسك بالسلام . بل أتت بالحرب التي آكلة الأخضر واليابس .
فإن خارطة طريق آبيي عكرت صفوة القبيلتين ودفعة إلى الإنجرار وراء المخططات السياسية حيث الكل سعى لغرق السفينة في بحر الأمواج المتلاطمة دون فهم بما يلحق بالمنطقة نتيجة لتباين الأيدلوجيات الفكرية والسياسية وعدم الانسجام في الأهداف والمصلحة المشتركة .
هذه الأمور هي التي قادة إلى محكمة التحكيم الدولية في لاهاي في 2009م فتلاطم السفينة في أمواج لاهاي بين المؤتمر والحركة الشعبية لم يؤكد على التعايش السلمي وإنما أدي ذلك لفجوة كبيرة بين المسيرية والدينكا نقوك التي اعتبرت آبيي ملك لها والمسيرية عليها أن تتمتع بحق الرعي فقط .

رغم رفض المسيرية لقرار محكمة لاهاي في مؤتمر الستيب في 5/10/2009م وهذا الرفض أحرج الإنقاذ التي اعتبرت إن الأمر انتهاء طالما منطقة هجليج الغنية بالثورة النفطية أصبحت في حضن الإنقاذ فالتشبع الحركة الشعبية بآبيي ، وسوف أنشر الورقة التي قدمتها في مؤتمر الستيب وكذلك قرارات المؤتمر لكي يفق الشعب السوداني على الحقيقة .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..