حاجة بدرية…حاجة بتضيع عندها مافي..!ا

ودمدني:عمران الجميعابي

كانت زحمة المواصلات بالسوق الشعبي مدني كبيرة، وانا ابحث عن مركبة تقلني إلى الخرطوم، اتعبني التجوال فحططت رحالي وجلست في (زقاق) بجوار إحدى بائعات الشاي لأحتسي كوباً من القهوة، ولكن قبل ذلك، وقبل أن اتقدم بطلبي ذاك، لفت نظري الكل وهو ينادي على بائعة الشاي بعبارات على شاكلة: (ياحاجة بدرية الجبنة جيبيها لي جنب دكان فلان…أو ياحاجة بدرية عبدالله بيكون وين… ويداعبها آخر: (والله ياحاجة بدرية لو لقيت شهرتك دي كنت اترشحتا في الانتخابات)…وترد عليه هي بلهجة مرحة: (ياولدي انتخابات شنو… كفاية معرفة الناس دي والله براها بالدنيا)…فجأة… وصل للمكان شاب نحيف سأل حاجة بدرية سؤالاً غريباً مفاده: (ياحاجة انا عندي جزمة نسيتا جنبك هنا قبل عيد الضحية..؟؟)… لتجيبه بائعة الشاي بسرعة: (قاعدة يا وليدي ولو جيت للحول بتلقاها قاعدة… ما عندي حاجة حقت زول بتضيع مني)..!
في الحفظ والصون:
تلك الاسئلة وأخريات على ذات الشاكلة دفعتني لاسأل الحاجة سؤالا عن تلك الاشياء التي يضعها الناس لديها، او ينساها البعض، فأجابت: (آي يا ولدي وحاتك انا عندي حاجات حقت ناس نسوها من قبل اتفاقية السلام ولي يوم الليلة قاعده شيء اقمشة تيترون وشيء عصايات قاعدة عندي اكتر من سبعة سنين، وسيدا لو جاء سأل عنها بلقاها في الحفظ والصون).
الدنيا بخير:
حاجة بدرية تداوم على مكانها هناك منذ اكثر من 20 عاماً قبل أن تبنى تلك الدكاكين التي احاطت بالمكان، وتتحدث الحاجة بدرية عن عملها كبائعة شاي في السوق وتقول: (كثيرون ينظرون لست الشاي نظرة دونية وينسون انها عمل شريف رغم فظاظات ومعاكسات البعض)، على ذات السياق اشاد الاستاذ سليمان ابراهيم المحامي والمستشار القانوني أحد رواد وزبائن الحاجة بدرية بها وبأمانتها التي صارت مضرب المثل في كل الولاية، وقال: (والله يا أخوانا الدنيا لسه بخير وحاجة بدرية دي البتديك الاحساس دا).
اشهر من الحضري:
قبل أن نغادر…لم يفتنا أن نستمع لمداعبات عديدة أخرى من زبائنها على امتداد السوق، والتي كانت تتقبلها بصدر رحب قبل أن ترسم ابتسامة نقية على وجهها، بينما كان البعض يطلق دعاباته على طريقته الخاصة تماماً مثل ذلك المشجع المريخي الذى قال لها وهو يمر بجانبها: (والله ياحاجة بدرية بقيتي أشهر من الحضري ذاتو).

السوداني