عرض لكتاب: بيتر إفرنجتون: يا خواجة، أعمل حسابك، مدرس بريطاني في السودان 1958 ? 1966

Peter Everington, Watch Your Steps, Khawaja. A British Teacher in Sudan, 1958 ? 1966
سعدتُ بأن أكون من ضمن المدعوين لحضور تدشين كتاب: بيتر إفرنجتون: “يا خواجة، أعمل حسابك، مدرس بريطاني في السودان 1958 ? 1966″، وحفل العشاء المقام على شرفه، الذي أقامه مركز دال للتميز يوم السبت الموافق 9 ديسمبر 2017. وأسعدني أكثر تذكره عندما قُدمتُ له بالاسم، حضور والدي عبد الرحمن علي طه في ذاكرته، وكذلك عمي عبد الحليم علي طه ذاكراً أن عمي كان رئيسه (يقصد تولي عبد الحليم علي طه لمنصب مدير المعارف خلال الأعوام 1959 -1964). وسأل بيتر بحميمية وود عن أُسرْ الراحليْن.
حرصتُ بعد تدشين الكتاب على اقتناء نسخة ممهورة بتوقيع المؤلف لقراءته توطئة لعرضه. الكتاب من القطع الكبير صادر عن مركز دال للتميز، والذي ظل منتداه الثقافي يروي عطش المتعطشين للثقافة وأمسيات المعرفة بمنتدى راتب يوم الجُمعة من كل أسبوع. صدر الكتاب باللغة الإنجليزية مع ترجمة رصينة إلى العربية قدمها الأستاذ عوض محمد الحسن. صمم الكتاب ونسقه الأستاذ فتحي محمد عثمان وقدم له الدكتور نور الدين ساتي مقدمة ضافية وافية، وقد التحق نور الدين بمدرسة الخرطوم الثانوية عام 1961 عندما كان مؤلف الكتاب قد أمضى بالمدرسة نحو عام. يقع الجزء باللغة الإنجليزية في 330 صفحة والترجمة باللغة العربية في 122 صفحة. ويحوي الكتاب صوراً فوتغرافية بديعة جذابة التقطتها كاميرا المؤلف. وتأتي التسمية “يا خواجة أعمل حسابك” من قول طفل صغير له، وهو يختلط بالجموع في شوارع الخرطوم ابان أحداث ثورة أكتوبر التي كان بيتر شاهد عيان لها.
يحمل هذا الكتاب معلومات غزيرة دسمة بالأحداث التاريخية، رغم تميزه بقصر صفحات فصوله. والتزم مؤلفه جانب الصراحة والمحبة كما ذكر، ولكنه لم ينس أيضاً أن على الخواجة أن يعمل حسابه. ويتفرد الكتاب بأنه من قلائل الكتب التي نشرها بريطانيون عملوا في السودان بعد الاستقلال إن لم يكن الوحيد. فقد نُشر عدد من الكتب والمذكرات من البريطانيين الذين عملوا في خدمة السياسة السودانية خلال فترة الحكم الثنائي، ومنها على سبيل المثال لا الحصر أوراق ومراسلات السير دوقلاس نيوبولد التي حررها هندرسون، وترجمها إلى العربية محمود صالح عثمان صالح، وكتاب “السودان” تأليف هارولد ماكمايكل وترجمه إلى العربية أيضاً محمود. وعن تفرد الكتاب يقول ساتي في تقديمه “بيد أن كتاب بيتر إفرنجتون فريد في نوعه لكونه السجل المباشر الوحيد لأحد “الخواجات” الذين عملوا في السودان في السنوات التي أعقبت استقلال السودان، والذين واصلوا ارتباطهم بالبلاد، بشكل أو آخر، خلال فترة امتدت لستة عقود”.
ويتفرد الكتاب أيضاً بأنه إلى جانب تغطيته لسنوات من حقبة ما بعد الاستقلال بأن غطى مجالاً من التاريخ الاجتماعي هو التعليم وذلك برواية المؤلف لتجربته في المؤسسات التعليمية التي عمل بها. وجاء في مقدمة المؤلف “يُسجل هذا الكتاب بعض مما شهدته، وبعض ما تعلمته خلال ثماني سنوات مع وزارة المعارف السودانية، في الفترة الممتدة من الأعوام 1958 م إلى 1966، درستُ خلال خمس سنوات منها اللغة الإنجليزية في مدرستي بورتسودان والخرطوم الثانويتين للبنين، وفترات قصيرة في واد مدني، والأبيض، وأروما، وواو. ثم عينتُ عقب ذلك محاضراً للغة الإنجليزية بالمعهد العالي لتدريب المعلمين بأم درمان. وقد زرتُ، خلال العطلات القصيرة في هذه المدارس، وفي المعهد، مناطق السودان الأخرى، تلبية لدعوة الأصدقاء في معظم الأحيان”
ونورد مثلاً لغزارة المعلومات في فصول الكتاب، فصل بورتسودان، الذي وصف المدرسة، وأساتذتها وطلابها، والنظام التعليمي بصفة عامة، والطقس، ومفتش المركز أحمد محمد الأمين أبوشامة، ونائبه كلمنت أمبورو، وكرم الأساتذة السودانيين، وطقس بورتسودان وميناء بورتسودان والحجاج العابرين للبحر الأحمر، والختمية ومسيراتهم في المدينة، ومناسبات بورتسودان الاحتفالية، ومنها زيارة الرئيس تيتو وعقيلته لها في عام 1959. ولم يترك هذا الحدث يمر دون سطرين عن حركة عدم الانحياز. وأتبع فصل بورتسودان بفصل عن سواكن وأركويت ورحلات طلاب المدارس إليهما. ويحدثنا بيتر عن ثقافة الاعتذار عندما اعتذر لطلابه عن جهله ببعض قواعد اللغة الإنجليزية وذلك بعد حوار دار بينه وبينهم.
أفرد بيتر فصلاً للرق تحدث فيه عن نشاط بريطانيا في تجارة الرقيق. ويروي أنه سأل مرة أحد محاضري جامعة الخرطوم إذا كان أحد السودانيين العرب قد قام بدراسة أكاديمية للرق. فتضايق المحاضر وقال إنه يشك أن مثل هذه الدراسة ستتم في يوم من الأيام. ويضيف المؤلف أن هذه الدراسة ستكون تجربة مفيدة إذا قامت بها مجموعة من المؤرخين المسلمين. وربما حدث ذلك الآن. وقد حدث هذا بالفعل وكتب الدكتور عباس إبراهيم محمد علي دراسة موثقة بعنوان British, the Slave Trade and Slavery in the Sudan وهو رسالة دكتوراه منقحة أعدت ببريطانيا عندما كان عباس مبعوثاً من جامعة الخرطوم. وصدر الكتاب عن دار جامعة الخرطوم للنشر عام 1972.
يورد المؤلف في فصل: سياسي جنوبي، نبذة عن السياسي الجنوبي بوث ديو وكرهه لتنكر الساسة الشماليين لوعد الفدرالية. ويورد المؤلف لقاءه مع بوث ديو في سويسرا عام 1958 ممثلاً للسودان في الجمعية العامة للتسلح الخلقي موفداً من حكومة السودان مع آخرين. ويواصل الحديث عن بوث ديو وصداقته الحميمة مع دكتور الاقتصاد محمد المرتضى مصطفى وحوارهما حول السلام والانسجام بين الشمال والجنوب، وعن ولاء مرتضى لحركة التسلح الخلقي وتطبيق مبادئها في عملة بوزارة العمل. ويورد نموذجاً أخر لجنوبي اشتراكي ثوري من دينكا بحر الغزال، اسمه سر أناي الذي اعتنق الأفكار الثورية الاشتراكية والتقى به عندما تم نقل مدرسة رمبيك الثانوية إلى الخرطوم.
شهدت فترة بيتر في السودان حدثاً سياسياً كبيراً هو اندلاع ثورة 21 أكتوبر 1964، وقد جاء هذا الشاب من بلاد ترسخت فيها الديمقراطية قبل قرون ليشهد سنوات الحكم العسكري الأول بأكملها، وبقي بعد أكتوبر حتى عام 1966. وكان ككليف تومسون المحاضر آنذاك بكلية القانون جامعة الخرطوم شاهد عيان أيضاً على أحداث أكتوبر وقد وثق تومسون لها توثيقاً مفصلاً. بدأ بيتر قصته عن ثورة أكتوبر بإصابة واستشهاد طالبه بالمعهد العالي لتدريب المعلمين، حران (عبد الرحيم حمد محمد حران)، وزيارته له بمستشفى الخرطوم ووفاته وحزنه عليه.
وكان حران قد انضم لفصول تعليم الكمان في الأمسيات التي نظمها بيتر على نحو طوعي. لكنه يخطئ عندما يقول وبعد مدة ليست بالطويلة نحت تمثال نصفي للقرشي وآخر لحران وضعا على منصتين في الممر الذي تحفه أشجار جوز الهند في قلب جامعة الخرطوم بوصفهما شهيدي الثورة. فالتمثال الآخر كان للشهيد بابكر حسن عبد الحفيظ الطالب بكلية القانون. وقد ذكر بيتر أنه يتقبل بصدر رحب أي تصحيح لخطأ كتب. وكان تمثالا الشهيدين أحمد القرشي طه وبابكر حسن عبدالحفيظ ? كما كتب عبد الله علقم عام 2010 ? “يقفان شامخين في مدخل مكتبة الجامعة لسنين طويلة حتى أصبحا مثل الأشجار الشهيرة التي تزين الطريق المؤدي للمكتبة والتي تظهر صورتها في العملات الورقية، ثم أتى حين من الدهر أزيل فيه التمثالان ضريبة لتزمت المتعصبين”.
يواصل أفرنجتون قصته عن ثورة أكتوبر برسالة لوالديه بتاريخ 26 أكتوبر 1964 طمأنهما على نفسه وأورد بعض تفاصيل ما حدث “وعلى كل حال، فمن ناحية الجماهير، يبدو أن ذلك جزء من رياح التغيير الجديدة التي تنتظم إفريقيا بأسرها ? عدم رضاء الطبقات العاملة على زعماء إفريقيا الجدد الذين اغتنوا بعد الاستقلال بالمرتبات الأوربية، والسيارات، والمنازل وغيرها، تاركين الجماهير في مواجهة غلاء المعيشة.” وكتب في 10 نوفمبر عن أحداث 9 نوفمبر “ليلة المتاريس” المتاريس التي شيدتها في ليالي الثورة الحمراء هاتيك الجموع” كما وصفها الشاعر مبارك حسن خليفة، والتي بدأت على حد قول بيتر عندما أذيع من راديو أم درمان أن الجيش على وشك القيام بانقلاب مضاد. وذكر بيتر أن التقرير غير صحيح تمت اذاعته دون إذن بواسطة محامي شيوعي لم يذكره بالاسم، والمقصود فاروق أبو عيسى الذي نفى هذا الأمر في مقابلة حديثة معه أجرتها جريدة “الميدان” في ذكرى أكتوبر الأخيرة، ذاكراً أنه صاغ البيان لكن أذاعه المذيع المسئول عن نشرة الأخبار، وأنه طلب الإذن هاتفياً من مدير الإذاعة آنذاك محمد صالح فهمي الذي وافق على ذلك.
نجد أنفسنا في هذا الكتاب أمام رجل مرهف الأحاسيس متواضعاً، طيب القلب وشاعراً. ونضرب أمثلة لشاعريته وانسانيته برثائه للدكتور محمد أحمد علي وزير الصحة عند وفاته. وكما وصفه ساتي “يظل بيتر إفرنجتون أيقونة للمحبة ونموذجاً للأمل والسلام وبمثابة الوجه الإنساني للإمبراطورية البريطانية”. وقصيدته عند زيارة الملكة اليزابيث للسودان في فبراير 1965 بعنوان رواد وشركاء مزج فيها بين إنجازات بريطانيا في السودان واخفاقاتها نشرت في صحيفة “مورننج نيوز” بتاريخ 10 فبراير 1965. وجادت قريحته أيضاً بشعر عن الإمام محمد أحمد المهدي ومغارته في أبا أثناء زيارته للجزيرة أبا عام 1966، بدعوة من الإمام الهادي المهدي، وقد زارها قبل ذلك عام 1962 بدعوة من السيد أحمد المهدي، وكان حضوراً يوم تدشين الكتاب. ويذكر دور أحمد المهدي في تهدئة الوضع عام 1961 عقب الصدام المسلح الذي حدث أثناء الاحتفالات بالمولد بين الحكومة والأنصار، وذلك بعد تقديم المؤلف وصفاً حياً لاحتفالات المولد. وقد توطدت العلاقة بين الرجلين عبر حركة التسلح الخلقي. وجاء ضمن ما جاء في قصيدته عن الإمام المهدي:
يا ليت هذا الجيل في نضجه،
يقطف ثمار الحرية من قبره
ويقرأ نجاحات وطنه في كتاب التاريخ ?
ويتذكر أن كل شيء بدأ في مغارة
كما تحدث بيتر عن قبة الإمام المهدي وقصفها بعد هزيمة جيوش المهدية في معركة كرري في 2 سبتمبر 1898 إلى أن أعاد تعميرها السيد عبد الرحمن المهدي. وقد سلم السيد الصديق المهدي أشياءً خاصة بالقبة كانت بحوزة أحد الضباط الذين حضروا موقعة كرري، بناء على طلب من نجل الضابط لمساعدته في ذلك وقد فعل. ونورد هنا ما دام الحديث عن آل المهدي نموذجاً للصراحة التي التزم بها المؤلف كما ذكر في كتابه، وذلك حديثه عن الإمام الهادي، وكان بيتر أحد ضيوفه في عيد الفطر في الجزيرة أبا في يناير 1966. ذكر بيتر أن الامام الهادي تحدث لهم عن الانقسامات داخل الأسرة وداخل البلاد وأن الحل بالنسبة له أن يصبح رئيساً للبلاد. إلا أن بيتر وفي تأملاته الصباحية توصل إلى أن الرئاسة ليست هي الدور الصحيح للهادي، بل الأفضل له أن يلعب دور الأب الروحي للأمة، وأن يترك العمل السياسي للآخرين.
تتجلى عاطفة بيتر في أبلغ صورها عندما كتب لوزير المعارف زيادة أرباب خطاباً في عام 1959 عارضاً فيه تخفيض مرتبه بنحو 25% تقديراً للأزمة الاقتصادية في السودان، التي ضربت البلاد نسبة لتدني الإيرادات من القطن. وأرسل الرسالة بعد عرضها على الأستاذ النصري حمزة، ناظر مدرسة بورتسودان الثانوية آنذاك. لكنه تسلم رداً بعد شهرين من وزير المعارف يشكره ويفيده أنه لأسباب إدارية لا يستطيع قبول عرضه.
يلحظ القارئ المتمعن لكتاب بيتر حزنه على تركيز السودانيين على الروابط العربية وإهمال تلك الإفريقية. فقد ذكر بعد أن زار كينيا في صيف عام 1963 في عطلته السنوية “وعند عودتي إلى الخرطوم الثانوية، تحدثت في أحد فصول السنة الثانية عن كينياتا وأبوتي ونيريري، زعماء كينيا ويوغندا وتنزانيا” و”قد نبهت طلابي على الاهتمام بقدر الإمكان ببلدان القارة الأفريقية جنوبي السودان مثل اهتمامهم بالبلدان العربية في الشمال”. كما يحكي المؤلف في فصل “هارامبي أفريكا” وتعني هارامبي “لنعمل معاً” عن تحمس الشباب السودانيين للفكرة بعد مشاركة السودان في مؤتمر عقد في نيروبي عام 1965 نشأت فكرته من عرض موسيقي اسمه “هارامبي أفريكا” يعكس القيم الأخلاقية والروحية التي تريد إفريقيا أن تعرف بها في العالم. وطلب الشباب السودانيون من المؤلف مساعدتهم في أن يأتي العرض إلى السودان. وقد تم ذلك في يوليو 1966 وكانت الضيافة على حكومة السودان. والسؤال الذي نضعه هنا هل بالفعل أثرت حركة هارامبي أفريكا على السودان وجعلت نخبه الحاكمة تتحرر من التركيز على الهوية العربية، واتباع سياسة متوازنة نحو إفريقيا والعالم العربي. لقد كانت تلك معضلة السودان الكبرى ولا زالت أي التركيز على الروابط العربية وإهمال تلك الإفريقية، وذلك منذ أيام الكفاح ضد المستعمر في عهد الحكم الثنائي وتواصلت عقب الاستقلال.
قدم المؤلف كلمته يوم تدشين كتابه بلغة عربية رصينة. ونذكر هنا ما وضحه في كتابه عن دوافعه لدراسة اللغة العربية والعمل في السودان وأسباب تعلقه بالشرق الأوسط. ففي أثناء فترة تأمل صباحية سجل سؤالاً هو “ماذا يريد الله أن يحدث للعالم؟” والجواب: “جسر من الثقة بين بريطانيا والعالم العربي قبل فوات الأوان”. وأيده أستاذ اللغة العربية، بروفسور أربري وقال له “نعم، يحتاج جسر الثقة ذلك إلى إعادة البناء، وعلى جيلكم أن يقوم بتلك المهمة لأن جيلي فقد المصداقية”. وعندما ورد اسم السودان وجد نفسه بطريقة ما يتحدث مع عوض ساتي سفير السودان في لندن، الذي أخبره بأن هناك احتياج للبريطانيين في تدريس اللغة الإنجليزية في المدارس الثانوية الحكومية. هذا ولم تشمل عملية السودنة السريعة التي تمت على عجل ودون رؤية قبل إعلان الاستقلال، المدرسين البريطانيين بالمدارس الثانوية والذين استمر التعاقد معهم حتى أوائل السبعينيات من القرن الماضي.
تكمن الصلة بين مركز دال للتميز ونشر الكتاب وتدشينه في العلاقة الحميمة التي ربطت بين المؤلف وداؤود عبد اللطيف أحد إداريي بلادنا المميزين الأذكياء، ووالد أسامة وإخوانه ملاك شركة دال، وكانوا حضوراً يوم التدشين. بدأت الصلات بدعوة من داؤود عبد اللطيف للمؤلف للإقامة معهم في كسلا. وكان داؤود وقتها مدير مديرية كسلا التي وصلها بيتر من أروما بعد أن أنجز مهمة مراقبة الامتحانات النهائية للمرحلة المتوسطة بمدرسة أروما الوسطى. ولا يمر بيتر على ذكر أروما دون أن يحدثنا بأنها مركز لمشروع لزراعة القطن المروي بالفيض الموسمي لنهر القاش. يتحدث بيتر عن حفاوة وكرم الأسرة وما تعلمه من داؤود آنذاك وفي السنوات اللاحقة.
تتواصل الصلة بعد نقل داؤود عبد اللطيف إلى الخرطوم ليشرف على تهجير النوبيين السودانيين من منطقة وادي حلفا. ويصف المؤلف المهمة بأنها كانت حساسة ومحرجة بالنسبة لداؤود تتطلب كسب ثقة أهله النوبيين، ذلك التهجير الذي تلى توقيع اتفاقية مياه النيل بين الحكومتين المصرية والسودانية في نوفمبر 1959. ولم تفت على بيتر زيارة وادي حلفا عام 1964 ليرى ما يستطيع رؤيته من منطقة النوبة قبل أن تختفي نهائياً، وزيارته لحسن دفع الله الذي سمح له بالتجول والتقاط الصور. هذا وقد كتب الإداري الفذ الذي أشرف على الهجرة، حسن دفع الله الياس أم برير، كتاباً قيما عن هجرة النوبيين. The Nubian Exodus. وشاهد بيتر فرق الآثار وهي تعمل على انقاذ آثار النوبة. كما زار حلفا الجديدة في أبريل 1966 عندما دعاه أحد طلابه في معهد المعلمين العالي، إبراهيم كامل، لزيارة أهله في شرق السودان أثناء عطلة العيد، فانتهز الفرصة وزار حلفا الجديدة.
لم يمكث بيتر فقط في مناطق عمله بل تحين الفرص لزيارة معظم أجزاء السودان. زار الكاملين على النيل الأزرق بدعوة من زميله مدرس الأحياء في بورتسودان، عبد السلام محمود. وزار جنوب السودان مرتين في عام 1961 وكانت له صلات مع أساتذة سودانيين وبريطانيين في مدرسة رمبيك، لحضور أعياد الميلاد معهم. وأيضاً في عام 1963 وكانت تلك زيارة رسمية عندما أُرسل أساتذة من الخرطوم الثانوية إلى واو لمراقبة امتحانات المرحلة الوسطى لأن المعلمين هناك كانوا في اضراب. وزار كردفان ودارفور بدعوة من مفتش مركز الجنينة، أحمد أبو شامة الذي عرفه في بورتسودان، عندما كان أحمد مفتش المركز. وفي معرض الحديث عن دارفور نذكر مساعدته في إرجاع بندقية مصنوعة في عام 1885 ومنقوش عليها “علي دينار” إلى سفير السودان لدى لندن عبد الله الحسن الخضر، وكان ذلك عام 1985. والبندقية من مقنيات جيوفري سارسفيلد ? هول الذي شغل مناصب في حكومة السودان منها مفتش كتم ومدير مديرية كردفان. وعرضت ابنته كارول بعد وفاته إعادتها إلى حكومة السودان واستعانت بالمؤلف في ذلك.
عشق بيتر السودان بصدق فقد عاود زيارة السودان خمس وعشرين مرة بين 1966 عام مغادرته له، وعام 2016، ونضيف المرة السادسة والعشرين بحضوره لتدشين الكتاب. وكما يذكر نور الدين ساتي لم يعمل الخواجة حسابه بل ظل يحب السودان ويزوره رغماً عن تقلب الظروف والأحوال. ومنحته الدولة وسام النيلين من الطبقة الأولى. ولم يغفل زيارة الأماكن التي عمل بها ومنها معهد المعلمين العالي، حيث قضى ثلاث سنوات في المعهد العالي لتدريب المعلمين (معهد المعلمين العالي) وصفها بأنها حافلة بالإثارة واجتراره لذكريات المعهد عندما زاره عام 1996 بعد ثلاثين سنة من مغادرته وقد أصبح كلية التربية بجامعة الخرطوم.
لا يكفي هذا العرض للحديث عن كل ما جاء في الكتاب لكنه كتاب مفيد مثير يشد الانتباه بدرجة كبيرة جداً وجدير بالاقتناء.
+++++
[email][email protected][/email]
هذ موضوع رائع رائع . لا يشبع الانسان منه . مدير الاذاعة هو الاستاذ محمد محمد صالح فهي ،محمد صالح والدة . شقيقه احمد الميكانيكي كان صديقي . هذا الخطا يردده السودانيون كثيرا . مع التحية والشكر .
ونحن نذكر عندما كنا طلابا بجامعة الخرطوم وكانت فدوى هذه يسارية وتيسك اليساريين ولكن ليس كل احد، وهي اعطيت الاونر دقري (honour dgree) في التاريخ مجاملة لتاريخ والدها وعمها واخيهاا وليس عن جدارة تذكر واصلا شعبة التاريخ بجامعة الخرطوم كانت حقة اليساريين…
شكرا لك يا بروفيسور فدوى عبدالرحمن على هذا الاستعراض الجميل الذي استمتعت به كثيرا خاصة وفيه ذكريات عن مدرسة بورتسودان الثانوية التي عمل فيها الأستاذ بيتر مع شقيقي الراحل المؤرخ ضرار ووقتها كان الناظر هو الأستاذ ميرغني حمزه ونائبه الأستاذ الطيب شبيكه رحم الله الجميع. وبالنسبة للشهيد حران فقد كان طالبا في بورتسودان الثانوية. وقد التقيت الأستاذ بيتر قبل أكثر من عشر سنوات في اسكتلندا ودعيته لتناول الشاي معنا في منزلنا وهو يعرف شقيقي ضرار ويعرف اسمي بالكامل ولا زلت ألتقيه هنا في لندن في كل الفعاليات التي تتعلق بالسودان التي يحرص على حضورها لأنه لا زال متعلقا بحب السودان، سواء كانت في المدرسة السودانية أو البرلمان أو شتام هاوس أو حتى في أكسفورد. وقد أخبرني عن كتابه واقترحت عليه تدشينه في لندن ولكنه ذكر لي أن تكاليف الشحن عالية وهذا صحيح. وأخيرا لك جزيل الشكر والتقدير يا بروف فدوى على هذا العمل التربوي والتعليمي المقدر جعله الله في ميزان حسناتك
شكرا فدوى ما قصرت عرض جميل وشيق ومميز وبالجد مشوق لقراءه هذا الكتاب ..
والفرق واضح جداً بين من يقرأ الكتاب بشغف وحب ومن يقرأ الكتاب لمجرد انه اهدي له ليكتب عنه ..
العنوان دا يبدو فيه خطأ لغوي يا بروفسور:
موثقة بعنوان British, the Slave Trade and Slavery in the Sudan وهو رسالة دكتوراة صادر عن دار جامعة الخرطوم للنشر!
فهل هو British بمعنى البريطانيون وتجارة الرقيق والعبودية في السودان أم بريطانيا وتجارة الرقيق والعبودية في السودان؟ فإذا كان الصحيح هو الترجمة الأولى فيلزم أن نقول The British إذا كان المقصود بريطانيا يلزم أن نقول Britain ولا أنا غلطان؟
وطبعا التفسير الثالث للعنوان غير وارد وهو (تجارة الرقيق البريطانية والعبودية) لأنه لا توجد بل يحسب للبريطانيين غزو السودان لوقف ومنع تجارة الرقيق التي جاء حليفهم الأتراك لممارستها بمساعدة بعض السودانيين من الشمال والذين انتهى بهم المطاف عبيدا في مصر!
؟
بارك الله فيك البروف فدوي .لا ينقطع عطاءكم الغزير المفيد للسودان. اللهم اجعل هذا الخير الذي بدا بوالديكم يستمر عطاء خير للسودان منكم ومن ابنائكم واحفادكم باذن الله..
هذ موضوع رائع رائع . لا يشبع الانسان منه . مدير الاذاعة هو الاستاذ محمد محمد صالح فهي ،محمد صالح والدة . شقيقه احمد الميكانيكي كان صديقي . هذا الخطا يردده السودانيون كثيرا . مع التحية والشكر .
ونحن نذكر عندما كنا طلابا بجامعة الخرطوم وكانت فدوى هذه يسارية وتيسك اليساريين ولكن ليس كل احد، وهي اعطيت الاونر دقري (honour dgree) في التاريخ مجاملة لتاريخ والدها وعمها واخيهاا وليس عن جدارة تذكر واصلا شعبة التاريخ بجامعة الخرطوم كانت حقة اليساريين…
شكرا لك يا بروفيسور فدوى عبدالرحمن على هذا الاستعراض الجميل الذي استمتعت به كثيرا خاصة وفيه ذكريات عن مدرسة بورتسودان الثانوية التي عمل فيها الأستاذ بيتر مع شقيقي الراحل المؤرخ ضرار ووقتها كان الناظر هو الأستاذ ميرغني حمزه ونائبه الأستاذ الطيب شبيكه رحم الله الجميع. وبالنسبة للشهيد حران فقد كان طالبا في بورتسودان الثانوية. وقد التقيت الأستاذ بيتر قبل أكثر من عشر سنوات في اسكتلندا ودعيته لتناول الشاي معنا في منزلنا وهو يعرف شقيقي ضرار ويعرف اسمي بالكامل ولا زلت ألتقيه هنا في لندن في كل الفعاليات التي تتعلق بالسودان التي يحرص على حضورها لأنه لا زال متعلقا بحب السودان، سواء كانت في المدرسة السودانية أو البرلمان أو شتام هاوس أو حتى في أكسفورد. وقد أخبرني عن كتابه واقترحت عليه تدشينه في لندن ولكنه ذكر لي أن تكاليف الشحن عالية وهذا صحيح. وأخيرا لك جزيل الشكر والتقدير يا بروف فدوى على هذا العمل التربوي والتعليمي المقدر جعله الله في ميزان حسناتك
شكرا فدوى ما قصرت عرض جميل وشيق ومميز وبالجد مشوق لقراءه هذا الكتاب ..
والفرق واضح جداً بين من يقرأ الكتاب بشغف وحب ومن يقرأ الكتاب لمجرد انه اهدي له ليكتب عنه ..
العنوان دا يبدو فيه خطأ لغوي يا بروفسور:
موثقة بعنوان British, the Slave Trade and Slavery in the Sudan وهو رسالة دكتوراة صادر عن دار جامعة الخرطوم للنشر!
فهل هو British بمعنى البريطانيون وتجارة الرقيق والعبودية في السودان أم بريطانيا وتجارة الرقيق والعبودية في السودان؟ فإذا كان الصحيح هو الترجمة الأولى فيلزم أن نقول The British إذا كان المقصود بريطانيا يلزم أن نقول Britain ولا أنا غلطان؟
وطبعا التفسير الثالث للعنوان غير وارد وهو (تجارة الرقيق البريطانية والعبودية) لأنه لا توجد بل يحسب للبريطانيين غزو السودان لوقف ومنع تجارة الرقيق التي جاء حليفهم الأتراك لممارستها بمساعدة بعض السودانيين من الشمال والذين انتهى بهم المطاف عبيدا في مصر!
؟
بارك الله فيك البروف فدوي .لا ينقطع عطاءكم الغزير المفيد للسودان. اللهم اجعل هذا الخير الذي بدا بوالديكم يستمر عطاء خير للسودان منكم ومن ابنائكم واحفادكم باذن الله..
إلى محمد حسن فرح :
ليس لي معرفة شخصية ببرفسر فدوى … عرفتها فقط عبر كتاباتها … وأشهد أنها لمن أهل الفطنة الموهوبين في فن توصيل المعلومة بإبداع في العرض ورصانة في الاسلوب وجاذبية في الترتيب والسرد قل مثلها …
ويكفيني فقط عرضها للكتاب أعلاه لمنحها أرفع درجات الدكتوراة في العالم … وثق بأنك ستمنح من كل الدنيا درجتان من نفس النوع والمستوى إن أنت أتيت بمثل هذا العرض مرة واحدة فقط !!… هيا إجتهد !
جيل الرواد كانوا عمالقة فى اخلاقهم وتحصيلهم للعلم ومثابرتهم على احداث التغيير فى العقول والقلوب
تحية من القلب للبروفيسور فدوى فلا يزال عبق آبائك وسجل سيرتهم الحسنة يضوع فى كل مكان
شكرا بروفيسور فدوى عبد الرحمن على طه , على هذا العرص الرااائع وتمنيت لو كان أطول , ونسبة ل صعوبة الحصول على الكتاب هنا فى أوروبا أتمنى ان تتحفينا من وقت ل أخر بعرض أخر ومقتطفات من هذا الكتاب الرائع
,,, شكرا جزيلا ,, على أحمد ,,, هولندا ….
على أحمد )))))))))))))) هولندا …
إلى محمد حسن فرح :
ليس لي معرفة شخصية ببرفسر فدوى … عرفتها فقط عبر كتاباتها … وأشهد أنها لمن أهل الفطنة الموهوبين في فن توصيل المعلومة بإبداع في العرض ورصانة في الاسلوب وجاذبية في الترتيب والسرد قل مثلها …
ويكفيني فقط عرضها للكتاب أعلاه لمنحها أرفع درجات الدكتوراة في العالم … وثق بأنك ستمنح من كل الدنيا درجتان من نفس النوع والمستوى إن أنت أتيت بمثل هذا العرض مرة واحدة فقط !!… هيا إجتهد !
جيل الرواد كانوا عمالقة فى اخلاقهم وتحصيلهم للعلم ومثابرتهم على احداث التغيير فى العقول والقلوب
تحية من القلب للبروفيسور فدوى فلا يزال عبق آبائك وسجل سيرتهم الحسنة يضوع فى كل مكان
شكرا بروفيسور فدوى عبد الرحمن على طه , على هذا العرص الرااائع وتمنيت لو كان أطول , ونسبة ل صعوبة الحصول على الكتاب هنا فى أوروبا أتمنى ان تتحفينا من وقت ل أخر بعرض أخر ومقتطفات من هذا الكتاب الرائع
,,, شكرا جزيلا ,, على أحمد ,,, هولندا ….
على أحمد )))))))))))))) هولندا …