السودان و الحلف الايرانى ….. لاناقة لنا ولا جمل

ساخن ….. بارد

السودان و الحلف الايرانى ….. لاناقة لنا ولا جمل

محمد وداعة

البوارج الإيرانية ترسو فى ميناء بورتسودان، و كأنها في رحلة سياحية يتم التقاط صور تذكارية لبعض المواطنين وهم يقفون يجانب البحارة الايرانيين فيما يشبه التأكيد على وجود هذه البوارج فى الميناء السودانى… و هذا فى حد ذاته يمثل فضيحة معلوماتية واستخباراتية فى غاية السذاجة، لا تضاهيها سذاجة الاالنظرية العسكرية المسماة ( الدفاع بالعين !) يا عينى عليك!! أما قصة أن اسرائيل ارادت أن تقول لإيران أنها تستطيع ضربها ما دامت قد وصلت وضربت اليرموك، فهذا قول لخلط الاوراق و تضليل الرأى العام، إيران تعلم أن باستطاعة اسرائيل ضربها دون الحاجة لبروفة اليرموك؟ واسرائيل تعلم أنها تستطيع الوصول لإيران سواءً أقلعت طائراتها من تل أبيب أو أقلعت من قواعد لها فى البحر الاحمر. فالدول التى يعنيها الأمر ومن بينها اسرائيل علمت بالأمر باستخدام الأقمار الصناعية و بحسابات معلوماتية فى غاية الدقة تتعلق بطبيعة البوارج و حمولتها والمسافة التى يمكن ان تقطعها قبل ان تحتاج إلى التموين، ولذلك لم تكن هناك من مفاجأة لأحد، غير دهشة لا تنفك تلجمنا و نحن نسأل لماذا تزج حكومتنا نفسها وبإرادتها فى أمر كهذا… أفاد قادة البحرية الإيرانية وفقا لوكالة الانباء الايرانية بأن وجود هذه البوارج هو للدفاع عن المنطقة!! دون أن يحددوا ما المقصود بالمنطقة التى يريدون الدفاع عنها، ضد من سيكون هذا الدفاع؟ وهل تكفى هاتين البارجتين ( مدمرة و حاملة مروحيات ) لهكذا دفاع؟ و هل تصل مديات الأسلحة لهذة البوارج إلى الممر الجوى الذى قُصفت من خلاله الخرطوم، أم أنها للدفاع عن الساحل السودانى؟ بينما قال السفير الإيرانى فى الخرطوم (الوطن العدد 4242، ه نوفمبر 2012 م) أن المهمة الأساسية للسفن الإيرانية دعم السلام العالمي ومنع القراصنة. ليس هناك من شك فى أن التناقض بين حديث السفير وحديث قائد البحرية الايرانية اقتضته الأعراف الدبلوماسية التى تحكم حديث السيد السفير، إذن هل توجد علاقة بين المزاعم الإسرائيلية حول مصنع اليرموك و زيارة السفن، اذ أن مجرد وصول هذه السفن للموانئ السودانية بعد أيام من قصف الخرطوم يضع علامات استفهام كبيرة و لا يمكن أن تكون مصادفة؟ فالتحركات الإيرانية مرصودة، ووجهة السفن كانت معلومة حسب افادات الخبراء العسكريين. ومعلوم أيضا لماذا غادرت على عجل، فمثل هذه الزيارات إن كانت روتينية، فهي تُخطط قبل فترة وتوضع لها البرامج و لها أهداف محددة و معلنة من الجانبين ، بينما انفردت ايران بالاعلان عن مهمة السفن بعد أن رست فى ميناء بورتسودان، كما أنها جاءت خلال عطلة العيد! و الميناء شبه مغلق! فهل بهذا أصبحت بلادنا جزء من الحلف الإيرانى كما يتمنى البعض؟
قادة الحزب الحاكم ومسئولى الاعلام والعلاقات الخارجية (البروفان) غندور و بدر الدين، قالا بحق السودان فى اقامة أحلاف عسكرية مع أى كان بما فى ذلك إيران، وهذا نظريا يجوز للسودان فهو دولة ذات سيادة، و لكن من الناحية السياسية والاستراتيجية فلا أعتقد أن من مصلحة السودان أن يُقدم على أمر كهذا، فلا مصالح بلادنا لا مصالح الدول فى محيطنا العربى و الأفريقى تلتقى مع المصالح الايرانية. ولقد سبق وحذرنا فى مقال سابق من أن إيران تعد لنا دورا لا قبل لبلادنا به، وأن إيران ما أن تتواجد فى بلاد وإلا أصبحت ساحة لاصطراع واقتتال القوى الدولية عليها، فإيران تبحث عن حلفاء، وهذا أمر طبيعى؛ لكن لن تجد نظريا لهذا الحلف أهداف استراتيجية ذات طبيعة مصيرية لبلادنا… فبلادنا فى المصفوفة الإيرانية هى ( مغفل نافع ) لا غير، فهذه الإيران تنشئ أحلافا طائفية شيعية فى المنطقة، وبلادنا رغم المحاولات الإيرانية و صرفها للأموال الطائلة لن تتشيع، ولن تكون موالية لها، أيا كانت الجهة التى تحكم السودان… إيران تحتل العراق، إيران تحتل الجزر الإماراتية الثلاث: أبوموسى وطنب الكبرى والصغرى، إيران تعبث بأمن واستقرار البحرين و اليمن، وتخطط لإثارة الاضطرابات فى شرق المملكة العربية السعودية، حزب الله ولاية ايرانية بحجم دولة فى لبنان، إيران تقتل على الهوية الشعب السورى بقوات إيرانية قوامها فيلق القدس ( تأسس قبل عشرين عاما وزعمت إيران أنها جهزته لتحرير القدس!! ) وتدعم أقلية شيعية طائفية تحكم ما تبقى من سورية، وهذا هو المعلن حتى الآن دون مواربة، أما غير المعلن فلا أحد يعلم ماذا تخبئ التقية الايرانية من مفاجئات، فما بال حكامنا يتوهمون، وفى تقاطعات الصراعات الدولية يهيمون، ما بالهم لا يفقهون و لا بالتاريخ يعتبرون و لا بالدين والدنيا يؤمنون، نحن نرفض و بشدة أن تكون بلادنا ساحة لمعارك القوى الدولية و يجب ان ننأى ببلادنا عن الوقوع فى الفخ الإيرانى أو أى فخ آخر، وأن تنتهج حكومتنا سياسة خارجية راشدة تُراعى مصالح البلاد العليا بعيدا عن سياسة المحاور، فهذه الإيران لن تفعل شئ لمصلحة السودان، وكل ما تفعله على أراضينا أو موانئنا يصب لمصلحتها فقط، ولا ينبغى أن نلومها على هذا، علينا لوم الجهات التى وافقت و سهلت و رعت تطوير العلاقات مع إيران إلى هذا المنحى الخطير، علينا وعلى حكومتنا أن ندرك على وجه الدقة واليقين أن مصالحنا تاريخيأ تتناقض مع المصالح الإيرانية ( الفارسية الصفوية )، ولن تلتقى معها أيا كانت المتغيرات فى واقعنا أو فى الواقع الايرانى. تخطئ الحكومة إن وضعت فى اعتبارها دورا لإيران في أي خطط تراها لحفظ مصالح البلاد ، لا لشئ إلا أننا و استنادا على تاريخنا ومصالحنا الانية و المستقبلية لا يمكن أن نكون مخلب قط وأداة صغيرة لإيران تحركها وتتوكأ عليها فى معاركها الاستراتيجية، فالوضع ليس مناطا بالنوايا الحسنة، لأن إيران دولة توسعية وتحت ولاية الفقيه تخطط للغلو والتشيع فى كل المنطقة. إيران تريد إعادة التاريخ للوراء، وتريد إعادة الأمجاد الفارسية إلى سابق عهدها. وهذه مجرد أضغاث أحلام، فالمشروع الإيرانى يحتضر وآيل إلى السقوط النهائى، مركبهم تغرق، فما بالنا نحن؟هذا أمرلا ناقة لنا فيه ولا جمل ولا هم يحزنون!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..