مقالات سياسية

توثيق لثورة ديسمبر من خلال مشاركاتي فيها (22) 

د. عمر بادي 

محور اللقيا

 هذه الأيام و نحن نعيش إحتفالات الذكرى الأولى لثورة ديسمبر 2018 المجيدة و نسترجع أحداثها الجسام و نقيّم مسارنا بعد نجاح الثورة و هل حققنا أهداف الثورة أم لا زلنا نكابد في سبيل ذلك . لقد كنا نحن الثوار مفكريها و مفجريها و حماتها و لكن إقتضت مجريات الأحداث أن يكون لنا شركاء من العسكريين قد إنحازوا لثورتنا و تقاسموها معنا .  

لقد كتبت في صفحتي في الفيسبوك مدونات عبارة عن يوميات لمسار الثورة خاصة منذ اليوم الأول لإعتصام القيادة العامة , و كان الغرض من ذلك عكس ما يدور من حراك للمغتربين في المهاجر و انا اعرف الكثيرين منهم بل و كنت منهم , و عندما كانت هذه الكتابات متوزعة في صفحتي في الفيسبوك و في الصحف و المواقع الإلكترونية السودانية فقد آثرت أن أسهّل علي القارئ الوصول إليها , و لذلك سوف اقوم بنشرها متعاقبة في الأيام القادمة , لعلها بذلك تكون فائدة لمن يرجو متابعة أحداث الثورة من الناحية التوثيقية و أيضا تكون لي مشروعا لكتابٍ قادمٍ عن ثورة ديسمبر إن شاء الله . إن ثورة ديسمبر لم تأت من فراغ و لذلك سوف أضمنها بنقل ما سبقها من حراك ثوري من مختارات من  مقالاتي السابقة في هذا الخصوص … 

هذه المدونة قد كتبتها من وحي ساحة إعتصام القيادة العامة في يوم 24/04/2019 : 

 ( يا خالطين .. الحصة وطن ) ! ساحة اﻹعتصام اليوم 24/4/2019 كانت تضج بالحركة و الترقبات فقد وصل قطار عطبرة الثاني عصر اليوم و كان القطار اﻷول قد وصل أمس عصرا ممتلئا بالركاب الثوار داخل عرباته و على سطوحها و كان اﻹستقبال له حافلا من جماهير الثوار في العاصمة المثلثة . كذلك سوف تصل غدا بصات و حافلات عدة محملة بالثوار من مدني و هذا ما ذكرني بأحداث ثورة أكتوبر 1964 . لقد تم إعداد خيام للثوار القادمين في الجزء الشرقي من شارع القيادة العامة و تم ذبح اﻹبل و الخراف و طهي الطعام و تجهيز المشروبات.

في مساء اليوم كانت ساحة اﻹعتصام تضج بحلقات الخطابة التي توزعت كل أماكن اﻹعتصام و هى في مجملها مخاطبات توعوية و شارحة لما يدور و كانت تتخللها أهازيج الراب الوطنية و كانت الساحة مكتظة بأعداد المعتصمين و عنصر الشباب كان هو الطاغي و قد أعجبني في إحدى الخيام ما يقوم به الفنانون التشكيليون من دعوة للأطفال المشردين و ﻷطفال أسر الثوار للدخول و الرسم على اﻷوراق المصقولة و باﻷلوان عما يريدون و ذلك من أجل خلق صلة تواصل بينهم ، و هذا ما حدث للمشردين الصبية فقد إندمجوا في النسيج اﻹجتماعي للإعتصام . التعامل الحضاري المفعم بالذوق و المتمسك بالقيم صار هو الطاغي و ربما تتخلل المداعبات بعض المواقف مثلا إذا شاهد بعض الشباب أن شابا و شابة قد جلسا يتحدثان يأتون إليهما و هم يرددون : ( يا خالطين .. الحصة وطن ) ! فتجيبهم الشابة ضاحكة : ( و الله دا أخوي !! 

أثناء تواجدي في ساحة اﻹعتصام أمام القيادة العامة كان الجميع مترقبا نتيجة إجتماع المجلس العسكري اﻹنتقالي مع قوى إعلان الحرية و التغيير الذي كان منعقدا ، لكن و بعد ذهابي للبيت و في حوالي الساعة العاشرة مساء أذيع على القنوات الفضائية في مؤتمر صحفي إتفاق الطرفين على معظم النقاط و قد طوقتهم الروح الوطنية و تم تكوين لجنة منهما لتقارب وجهات النظر حتى يتم اﻹتفاق على كل النقاط . مبروك و ألف مبروك لجميع المعتصمين و للثوار على مدى مدن السودان و لقوى إعلان الحرية و التغيير و لوطني السودان. 
د. عمر بادي
[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..