قضايا متجددة (3)

أواصل في مناقشة قضية قديمة ومتجددة تلك التي تشير إلى علاقة المثقف مع السلطة.. وقد يرى البعض ان الناس في شنو وكاتبة هذا العمود في شنو.. أي يتساءلون عن أصداء ما يدور في العالم.. أمريكا في أخر ولاية أوباما تتراجع وتخفف من العقوبات على السودان التي استمرت لعقدين من الزمان عطلت ما عطلت وخربت ما خربت.. وهم في انتظار ولاية ترامب التي كادت أن تبدأ.
٭ وجدت نفسي في اختلاف مع الفيلسوف الوجودي سارتر الذي يقر بأن الجحيم هو عيون الآخرين واختلف مع الاستاذ فهمي هويدي اختلافاً قد لا يكون جذرياً من حيث وجود الظاهرة ولكنه اختلاف يقود إلى مفهوم مختلف تماماً لمعنى المثقف ولمعنى نوعية السلطة في نفس الوقت.
٭ فأنا مثلاً لا انكر شاعرية المتنبئ أو ابي فراس أو أي من شعراء البلاط على مدى التاريخ العربي والاسلامي ولكن اتحفظ في ان اطلق عليهم صفة مثقفين.. فالثقافة عندي هى توظيف المعرفة لخدمة المبدأ الخير وخدمة الآخرين قبل النفس وبمعنى آخر هى نكران الذات وبالمثل قد يكون هناك كُتاب وشعراء ومغنون وأدباء ولكنهم ليسوا مثقفين.. هذا من ناحية ومن ناحية أخرى ليس كل من يقف مع السلطة هو انتهازي أو متعاون مع الاستخبارات، فقد يكون موقفه ناتجاً عن قناعة وتفهم لتلك السلطة سواء أكانت عسكرية أو غيرها.
٭ ولكن التساؤل يتسع عندما يحدث التحول المفاجيء والإدعاء بأنه كان يعمل على الهدم من الداخل عندما تذهب السلطة مثلما حدث بعد ذهاب سلطة ثورة مايو وادعى البعض انهم كانوا يعارضون من الداخل؟.. وذات البعض سرعان ما التحقوا بالسلطة الجديدة واصبحوا من كبار الذين ينادون بالديمقراطية.. وهنا فقط تكون الإنتهازية والسقطة الكبرى.
٭ عموماً المشكل مازال قائماً بإلحاح وهو موقف المثقف من السلطة.. فالمتعلم شيء يختلف تماماً عن المثقف.. مفهوم الثقافة الايجابي هو توظيف المعرفة لخدمة الهدف القائم على الاحساس بقضايا الآخرين في نكران ذات.. لنقل ان المشكلة الحقيقية تخص المثقفين ووضعهم في اطار السلطة والمجتمع.
٭ والسلطة هنا لا تعني الحكومة بقدر ما تعني اية مؤسسة تحاول ان تتسلط بأفكارها على مجموعة من الناس من خلال فرض الرأى قسراً عن طريق الطائفة أو العشيرة أو الحزب.
٭ ولكن عندما احدق كثيراً في الواقع العربي أو الافريقي أو السوداني أجد مثقفين ايجابيين يعملون على زرع الأمل وتمكين فاعلية المعرفة على وجه الخصوص بالرغم من القهر والتسلط وضيق مساحات الحرية.
٭ ولكن ما زلت اتساءل عن المثقف الذي نريد ولما كاد ذهني ان ينفجر من الحاح السؤال رأيت ان ادعوكم للبحث معي عن المثقف الذي نريد.
هذا مع تحياتي وشكري
الصحافة



