مقالات سياسية

(حلم بالوحدة) ضد القبلية..!

عثمان شبونة

* سألت نفسي سراً ومراراً: ما الذي يجعل بلادنا بهذا السفور والنفور القبلي الحامي؛ المُكلِّف؟! فلم أجد غير فظاعة الجهل؛ أذا أضفنا ما اسميه (التراث المِهَبِب) الذي غذى في عروق كثير من القبائل أنفة فارغة؛ وتعالياً مهما خَفَت فإنه ينذر بالمزيد من التشرذم والأحقاد..!

* فإذا سألنا جهراً عن المدد الذي يجعل أُوار القبلية كثيفاً ورشيقاً في تاريخنا الحاضر رغم تقدم الدنيا؛ ما وجدنا سبباً أكبر من سياسات (المركز) الفاشلة وحالة التهميش الطويلة للجهات كلها؛ وغياب التنمية ومعينات الحياة التي تصرف الإنسان عن الصراع والفراغ؛ بل ربما تجعله ينسى إلى أي كيان ينتمي..! ولا مفسدة تعادل الفراغ سوى مآلاته؛ كما نراها اليوم في السودان…! أنظر لباطل القبلية والعنصرية المتفشي في حواشي ومتون بلادنا لتمتليء إحباطاً مدمياً وتحلم أن يختلط هذا المزيج ويذوب في وعاء واحد اسمه السودان.. رغم أن الأمنيات لا تصنع وطناً متماسكاً؛ بل الحكومات العظيمة هي التي تحيل التنافر إلى تماسك خلّاق… وهل لنا حظ مع العظمة في وجود (هبَل العوام) والتدني الاخلاقي؟ هل لنا حظ مع السمو في حضرة شح النفوس السياسية وأنانينها المقيتة وتكتلها نحو الباطل أكثر من ميلها إلى الإثرة ومكارم الاخلاق وعلو الهِمّة!؟

* رغم الوجع الآني الخاص؛ فإن ما تقدّم يعيدني بغبطة إلى حديث مسجَّل ومنشور دار بيني وبين الهرَم الغائب الحاضر (محمد وردي) حينما كنت أحاوره في مختلف الجوانب وأرصد عنه تجليات وأمنيات عظيمة لوطننا (قبل انفصال الجنوب الحبيب) فقد كان مؤمناً بالوحدة؛ لدرجة أنك تتمنى لو أن جميع القبائل كانت حضوراً في حديقته تستمع لوعيه ونبله الفريد.. وضرب لي مثلاً (بالصين) رغم اتساعها وعددها السكاني الملياري؛ كيف تحولت إلى (عملاق) بوحدتها.. وكيف أن الوحدة نفسها لا تقبل إلا أن تكون (جاذبة) لا غير..!  هكذا تحدث.

* ما الذي تضيفه وحدة الناس ــ في مكان ما ــ غير خير عميم وأمان أعم؟! فالوحدة كلمة لا توزن بالذهب؛ إذ لا ميزان يناسبها (سواها)! رغم ذلك تجدنا اليوم بعكس ما يحبه الرّب (شعوباً وقبائل تتقاتل) تتنافر ولا تتعارف؛ ولا تنصهر إلّا بنيران بعضها..!! فإلى متى تدور المحارق القبلية عندنا؛ في وقت تجاوزت الشعوب فيه الثريا..؟!

* الجواب العام: ستستمر القبلية المنتنة والعنصرية والضغائن بعدم الإدراك العميق لمعنى الوطن.. وستستمر حتى القضاء على الفقر والجهل و(التخلف)! ولكي يصبح  هذا الثالوث ذكرى لا يلزمنا أكثر من (رجال كبار)؛ أي مسؤولين قدوة (بمعنى الكلمة)! ليس دمى وأشباح تنشر القبائح؛ وتدلَهِم بها صباحاتنا..!

ــ في أي صباح ــ أيها الحزين ــ لم تضع يدك على قلبك توقعاً لفاجعة أو نكد؟!

أعوذ بالله

نقلاً عن صحيفة الحراك السياسي

‫2 تعليقات

  1. استاذ عثمان مساء الخير.

    Let me quite prof PLO Lumumba, the Keynian author, who said: (For
    . (Africa to rise, the tribe must die)

    Similarly for Sudan to rise the tribe should die.

    وترجمة هذا الاقتباس كالآتي
    (لكل تنهض أفريقيا يجب أن تزول القبلية)
    بالمثل لكي ينهض السودان لا بد أن تزول القبلية.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..