بروفايل جنقول..تحديات استقرار الجنيه!!

كتب: علي وقيع الله
يعد منصب محافظ بنك السودان المركزي من أهم المناصب المرموقة في الدولة، كما ترتبط وظيفة منصب محافظ بنك السودان بالأمن القومي وحماية المنتجين والمصدرين من خلال تحديد السمات البارزة لرسم السياسات المالية والنقدية للجهاز المصرفي عموماً، وبالتالي فإن البنك المركزي هو الجهة العليا من حيث السيطرة على العملة الصعبة في البلاد، وربما التقلبات التي تشهدها الكتلة النقدية في هذه الآونة وفقدان السيطرة عليها جراء تهاوي الجنيه أمام العملات الأجنبية بالسوق السوداء مؤخراً، هي ما جاءت بـ”حسين يحي جنقول” محافظ بنك السودان المركزي والذي صدر أمر تعيينه حديثاً من قبل رئيس مجلس السيادة الفريق الأول ركن، عبد الفتاح البرهان، لتولي هذا المنصب المهم بالدولة، فمن هو “المحافظ الجديد” الذي شغل عدة مناصب في بنك السودان منذ عهد بعيد.. وما أبرز التحديات التي تواجه الرجل في المرحلة القادمة.. وبماذا تم نصحه من قبل بعض الخبراء الاقتصاديين..؟
مسقط رأسه
ولد محافظ بنك السودان المركزي حسين يحيى جنقول ونشأ وترعرع في قرية العين الضباب بولاية شمال كردفان، ودرس “جنقول” مرحلة الأساس في مدرسة العين الضباب الصغرى، ومن ثم إلى مدرسة الرهد الأميرية الوسطى ومن ثم إلى مدرسة خور طقت الثانوية وأحرز شهادة أهلته للوصول إلى كلية الاقتصاد بجامعة الخرطوم، وأبرز الدرجات العلمية له فقد حاز على مؤهل بكالريوس (اقتصاد بحت) مع مرتبة الشرف من جامعة الخرطوم 1982 وبعدها حاز على ماجستير اقتصاد من جامعة كولمبيا نيويورك 2000.
إدارات المركزي
وكان قد التحق “جنقول” ببنك السودان المركزي في العام 1982، وعمل بإداراته المختلفة وتدرج وظيفياً حتى درجة مدير عام في العام 2009م، وتم تعيينه في يناير من العام 2017 مساعداً للمحافظ، وفي العام 2018 عين نائباً أول لمحافظ بنك السودان المركزي، وفي مايو 2019، أصدر رئيس المجلس العسكري الانتقالي السابق، الفريق عبد الفتاح البرهان، قراراً بتعيين حسين يحيى جنقول الباشا محافظاً لبنك السودان المركزي، وكان في ديسمبر من نفس العام، أعلن جنقول عن تقديم استقالته عن توليه منصب محافظ بنك السودان المركزي لرئيس المجلس السيادي، وقالت مصادر وقتها إنه أرسل رسالة إلى العاملين في البنك يبلغهم بقراره، ولم تكشف المصادر بعد عن أسباب الاستقالة وإن رجحت بعض المصادر أنها لأسباب سياسية.
تعيينه محافظاً
أمس الأول أصدر رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن، عبدالفتاح البرهان، قراراً بتعيين الأستاذ حسين يحي جنقول الباشا محافظاً لبنك السودان المركزي، ويجيء هذا التعيين في ظرف تشهد فيه البلاد احتجاجات وتظاهرات منذ الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي عشر يناير بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية.
تعيين المكافأة
يقول القيادي بالحرية والتغيير عادل خلف الله إن تقديم جنقول في موقع مرموق نتيجة لخضوعه لتدريب من قبل السلطات وكان هذا التعيين بمثابة المكافأة بالنسبة له، وتوقع خلف الله في حديث لـ(اليوم التالي) انهيار الجهاز المصرفي وشح العملة لجهة أن هناك عدم يقين نسبة لعدم استقرار الأوضاع السياسية والاقتصادية في البلاد، وأضاف: من المتوقع أن يتوسع في الطباعة على المكشوف، مشيراً إلى أن وظيفة منصب محافظ بنك السودان مرتبطة بالأمن القومي وحماية المنتجين والمصدرين، لافتاً إلى ظهور السوق الأسود جراء حالة الإقبال المفرط في تحويل العملة الوطنية إلى دولار، وأفاد أن كل ذلك ينعكس أثره بشلل في الاستثمار وكذلك ربما تعجز البنوك المتخصصة عن التمويل الزراعي أو حتى التمويل الأصغر أو كافة المشروعات، وأكد عادل لـ(اليوم التالي) أن أكبر تحدٍ لمحافظ بنك السودان الجديد “جنقول” هو قبوله التعيين، ويعتبر أن هذا التعيين واحد من الأهداف الرئيسية للانقلابيين لحماية الرأسمالية الطفيلية والفساد، ويعتقد أن قبوله بالمنصب المهم قد يحوله إلى أداة تستخدمه السلطة الانقلابية لحمايتها، واصفاً ذلك من خلال ما تمليه عليه من سياسات مالية وبالتالي يمكن من خلاله أن تحقق السلطة الانقلابية أغراضها بهذا التعيين، مبدياً خشيته من أن يفقد بنك السودان مبررات إنشائه عبر سياسات استقلاليته، وكذلك دوره في الإشراف والرقابة على الجهاز المصرفي في البلاد بجانب فقدان السيطرة على التضخم.
سياسات متخبطة
فيما يعتقد عضو اللجنة الاقتصادية بالحرية والتغيير كمال كرار أن أي شخصية توافق على قبول أي منصب في ظل الانقلاب العسكري فهي تنفذ أجندته وتتماهى معه، ويعتبر أن هذا في الخندق المعادي للثورة، وقطع بأنه ليس لديه خلفية عن “جنقول” ويضيف أنه طالما قبل بهذا التعيين فهو معادٍ للثورة، وبحسب حديث كرار لـ(اليوم التالي) أساساً السياسات المالية والنقدية متخبطة حيث لا توجد أي خطة للدولة بعينها، وتوقع أن يظل الحال كما هو الحال.
قمة البنك
بينما يصف الخبير الاقتصادي الدكتور محمد الناير، أن عودة تعيين حسين يحي جنقول محافظاً لبنك السودان المركزي، خطوة جيدة، وأكد في حديثه لـ(اليوم التالي) أنه شخص تمرس في العمل ببنك السودان وقضى معظم خبراته العملية داخل البنك نفسه حتى وصل به الحال إلى قمة البنك، وذكر أنه قبل ذلك يعتبر من الخبرات الجيدة المتميزة، لكنه أشار إلى أن هناك تحديات كبيرة تواجه الرجل، داعياً إلى أن يتم في مرحلته تنسيق وتناسق تام بين السياسات المالية المعني بها وزير المالية والسياسات النقدية المعني بها محافظ بنك السودان المركزي، وشدد على ضرورة ألا يكون هناك تعارضاً بين السياستين لأن التعارض يضر بمصلحة البلاد، بل يجب أن يكون هناك تناغم وتناسق بصورة كبيرة حتى يتم التغلب على التحديات التي تواجه الاقتصاد السوداني، وأكد أن أكبر تحدٍ يواجه جنقول هو الانخفاض الكبير في قيمة العملة الوطنية بجانب ظهور السوق الموازي مرة أخرى، مضيفاً أن كل السياسات المالية التي اتخذت هي عكس الرؤية النقدية التي تستهدف معدل التضخم في 2022، واستبعد أن يتحقق ذلك في حال استمرت السياسات المالية في هذا النهج الخاص بفرض زيادة رسوم وضرائب كثيرة جداً وهذه من شأنها أن ترفع معدل التضخم بصورة كبيرة قد يصل إلى 500% وليس 202% كما هو مجاز في موازنة العام 2022، داعياً إلى الاهتمام بالعمل نحو استقرار المؤشرات الاقتصادية من سعر الصرف وخفض معدل التضخم والعمل على تقوية الجنيه وخفض معدلات البطالة والفقر، ويرى أن كل هذه تحديات تواجه المرحلة القادمة، وأعرب عن أمله أن تشهد الفترة القادمة التنسيق على أفضل ما يكون بين وزارة المالية وبنك السودان المركزي.
اليوم التالي