أخبار السودان

استغلال الأطفال في السياسة.. انتهاك المواثيق الدولية!

استغلال الأطفال في العمل العسكري أو السياسي محظور بنصوص القانون

استغلال الأطفال من الجرائم التي ترقى الى الجرائم ضد الإنسانية والاتجار بالبشر

الأطفال يخرجون إلى الشوارع المشاركة في المسيرات من محض إرادتهم

تقرير: الخواض عبدالفضيل

أقرت الاتفاقيات الدولية عدم استخدام الأطفال في الأعمال التي تتصل بالسياسة حيث جرت العادة استخدام الأطفال وتجنيدهم قسرياً من قبل جماعات مسلحة تستخدم الأطفال في الحروب أو النشاطات السياسية وهذا الاستخدام أكثر ما يشاهد في المنطقة العربية خاصة دول الربيع العربي ومناطق في القارة الأفريقية التي شهدت نزاعات وصراعات كانت ضحيتها عشرات من الأطفال سواء وجدوا حتفهم أو شردوا.

القانوني الأستاذ أسعد ميرغني المحامي في حديثه لـ(اليوم التالي) قال في البدء لا بد لنا من معرفة ماذا يقصد بالطفل؟ والإجابة عن هذا التساؤل تدلف بنا للرجوع لقانون الطفل لسنة ٢٠١٠م، والذي يعتبر من أهم التشريعات التي تهتم بتنظيم قضايا الأطفال ورعايتهم وحمايتهم في السودان، حيث نجد القانون سالف الذكر قد عرف الطفل في المادة (٤) بأنه (يقصد به كل شخص لم يتجاوز سن الثامنة عشر)، وبالنسبة للقضية المطروحة أمامنا وهي مسألة استغلال الأطفال في العمل السياسي أو العسكري، وفي قانون الطفل للعام ٢٠١٠م، نصت المادة (٤٣) منه على أنه (يحظر تجنيد أو تعيين أو استخدام الأطفال في القوات المسلحة أو في جماعات مسلحة أو استخدامهم للمشاركة في الأعمال الحربية)، وبالرجوع لدستور السودان لسنة ٢٠٠٥م، نجده يضمن رعاية الطفل الصحية وحمايته وذلك حسب ما هو وارد في الاتفاقيات الدولية والإقليمية حيث نص في المادة ٣٢ (تحمي الدولة حقوق الطفل كما ورد في الاتفاقيات الدولية والإقليمية التي صادق عليها السودان)، فعليه وتماشياً مع ما تم ذكره نتوصل الى أن استغلال الأطفال في العمل العسكري أو السياسي هو محظور بنصوص قانون الطفل وأيضاً بالاتفاقيات الدولية التي تناولت حقوق الأطفال وكيفية المحافظة عليهم ومن ضمنها (اتفاقية اليونسيف لحقوق الطفل) حيث وضحت بأسلوب بسيط حقوق الإنسان الأساسية التي يجب أن يتمتع بها الطفل في أي مكان، حيث ذكرت من ضمن الحقوق (حماية الأطفال من التأثيرات الضارة وسوء المعاملة والاستغلال) والاستغلال يدخل فيه الاستغلال السياسي والحربي والعسكري .

جريمة ضد الإنسانية

وقال الأستاذ محمد علي أبو نمرة المحامي لـ(اليوم التالي): مما لا شك فيه إن استخدام الأطفال في السياسية والدعاية السياسية يعتبر جريمة بشعة وتعتبر استغلال للأطفال وانتهاك صريح لنصوص قانون واتفاقية بيكين لحماية الأمومة والطفولة وكذلك الميثاق الأفريقي لحقوق ورفاهية الطفل 1990 والذي ينص على حماية الأطفال من كافة أنواع الاستغلال.

حيث تمثل مرحلة الطفولة أهم وأخطر المراحل في حياة الإنسانية وهم يمثلون امتداد البشرية ومستقبلها، وهي من الجرائم التي ترقى الى الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الاتجار بالبشر، خصوصاً عندما يتم استخدامهم في التظاهر أو إغلاق الطرق بمقابل أو وضعهم في مقدمة التظاهرات مما يجعل وصف أنه استخدام لهم كدروع بشرية منطبق تماماً مما يعرض حياتهم للخطر وتتفق جميع التشريعات المحلية والدولية على تجريم تعريض الأطفال للخطر ومما يعتبر خطراً على الأطفال إذا وجد الطفل في حالة تهدد سلامة التنشئة الواجب توافرها له وذلك إذا تعرض أمنه أو أخلاقه أو صحته أو حياته للخطر وإذا كانت الظروف التي يوجد فيها سواء في الأسرة أو المدرسة أو مؤسسات الرعاية أو غيرها ما من شأنها أن تعرضه للخطر أو كان معرضاً للإهمال أو الإساءة أو العنف أو الاستغلال وقد تقع هذه الجريمة من الوالدين أو مدير المدرسة أو مؤسسات الرعاية أو أي شخص يقوم باستغلال الأطفال في العمل السياسي وخلاصة القول إن استخدام الأطفال في العمل السياسي هو جريمة في حق الطفولة والإنسانية.

محض إرادة

ورفض القيادي بالحرية والتغيير الأستاذ الصادق آدم إسماعيل استخدام الأطفال في العمل السياسي وأي عمل آخر منافٍ للأخلاق الإنسانية لافتاً إلى أن هذا العمل يتنافى مع قانون الطفل المحلي والإقليمي الذي صادقت عليه منظمات الاأم المتحدة الذي يجرم استخدام الأطفال في الأعمال السياسية أو تجنيدهم في الجيوش والحروبات مشيراً الى أن الأطفال دائماً ما يخرجون إلى الشوارع والمشاركة في المسيرات بمحض إرادتهم الذاتية ولا يوجد من يحرضهم للخروج من أي جهة ما ومن المؤكد أن أهاليهم لا يزجون بهم للخروج الى الشوارع خاصة وأن البلاد تشهد خروج مواكب ثورية من حين الى آخر مشدداً على أن استخدام الأطفال في اي نشاط إذا كان سياسياً أو غير ذلك هو خطأ لافتاً الى ضرورة احترام إرادتهم وحقوقهم، وأعرب الصادق عن أمله في يتم الاهتمام بالأطفال وتفعيل القوانين التي تحفظ حقوقهم في التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية وبث الوعي الثقافي بإقامة الأعمال التثقيفية داخل الأندية، وفي نفس الوقت نفى أي وجود لجهات منظمة تدعو الأطفال للخروج في التظاهرات والمشاركة في المسيرات في الماضي أو في المستقبل .

لبنة  للانتقال الديمقراطي

وبالمقابل يرى الدكتور عبد الناصر علي الفكي أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة أفريقيا العالمية أن العمل السياسي هو ثقافة لديها أدوات ولديها طرقها المعروف مضيفاً أن وجود الأطفال في الاحتفالات والندوات السياسية مطلوب وأكد أن الأطفال لبنة للانتقال الديمقراطي في المستقبل إذا ما تمت تنشئتهم بشكل سليم على قيم قبول الآخر والتعايش والتداول السلمي للسلطة والمواطنة والانتماء للوطن عبر المؤسسات والدولة والمجتمع وزاد: إن عملية التنشئة السياسية ودخول الأطفال في السياسة تتأثر بوجود الوسط الموجودين فيه من خلال الأسرة والإعلام والملاحظ أن اتجاه الشباب والأطفال في الفترات السابقة من خلال المسيرات والمواكب وتعبيرهم بالهتافات والأناشيد والأهازيج هذا لا يعني أنه اتهام باستغلال للأطفال في العمل السياسي، لكنه لا يعدو أن يكون نوعاً من التربية الموجودة في المجتمع الدمقراطي والمدني. وأضاف: من الممكن عليه الانتماء للمؤسسات والمكونات السياسية يكون محكوماً بالسن القانونية (١٨) سنة كأعضاء ولكن المشاركة والنشاط في الفعاليات والأنشطة الوطنية والسياسية مطلوب، كعتبة في طريق طويل للمسؤولية الوطنية وخدمة المجتمع.

قاعات الدراسة

ويرى الأستاذ نورين محمد رئيس حزب الغد للتنمية في حديث لـ(اليوم التالي) أن استخدام الأطفال وإقحامهم في العمل السياسي أياً كان نوعه في  الحروب أو أي أعمال أخرى هو بالطبع عمل غير إنساني وجريمة دولية في حقهم. فمكان الأطفال الطبيعي هو قاعات وفصول المدارس وتعليمهم والارتقاء بما يصلح أفكارهم لا سيما وأن بلادنا الآن تشهد حراكاً كبيراً بخروج الأطفال مع الثوار في المواكب والمسيرات، نعم هو تعبير عن المشاركة السياسية، لكن ليس بهذه الطرق التقليدية المعروفة وهذا يحتاج الى نوع من التربية والتوعية في كيفية الخروج واستخدام أدوات التعبير السلمي حتى يتعلم الأطفال من الكبار كيفية التظاهر مع الثوار باستخدام اللافتات دون التخريب أو تعطيل حركة المارة وبهذه الطريقة يمكن أن تتم تنشئة الأطفال على عمل سياسي مقنن حتى يبلغوا سن الرشد ويعرفون كيف يعبرون عن آرائهم في المستقبل منوهاً الى أنه يجب على كل القوة السياسية السودانية أن تعمل على توعية الأطفال في كيفية التظاهر أو تكون بمنأى عنهم بعدم الزج بهم في أشياء ليست في مقدورهم لأنهم وقعوا ضحايا لكثير من الأخطاء التي كانت ذات طابع سياسي.

اليوم التالي

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..