رقابة التركيع .. وتكسير العظام .. والتجويع .!

دخل زائر الليل الى صالة التحرير والصحيفة في لمسات الإخراج الأخيرة ..فقام بحذف أربع مواد مختلفة ..ثم اشار بعدم ممانعته مباشرة الطبع.. تنفس العاملون الصعداء وهم الذين إنتظروه طويلا حتى تدور المطبعة قبل إنبلاج الصبح .
وبعد أن نزلت الصحيفة الى أماكن البيع كانت المفاجأة المذهلة .. إذ صدر قرار من الجهاز إياه بالمصادرة !
هكذا حدثني وقتها رئيس تحرير تلك الصحيفة منذ عدة سنوات وهو يضع كفه على خد المحنة ..!
فالسيد الرقيب ترك لهم مسمار جحا متعمدا وهو الخبر الذي عاد و صادر به الصحيفة صباحاً.. إمعانا في إتباع سياسة التركيع وتكسير العظم .. بغرض التأديب .. ومن ثم تعقبها مرحلة التجويع وتجفيف المصادر لتصل ذروة تلك المكايدات والحقارة وهي خراب البيوت بمحاربة اسر كل العاملين بالصحف التي لاتستجيب لما يستهوي السلطات من شكل ومضامين الإصدارات !
الآن صحيفة الجريدة .. تتعرض لحملة من المعاكسات الشرسة ويتم مصادرة أربعة أعداد متتالية ..وبعد الطبع بغرض تكبيدها الخسائر التي تقصيها عن الساحة وتشتت العاملين فيها أيد سبأ .. وهو مسلك مقصود في إتجاه هذا الهدف .. وكان من الممكن لو أن المسالة هي رقابة ليست إلا .. فالقبلية منها .. ستكون كفيلة بسحب ما لا يروق للرقيب ذلك العبقري من الأخبار أو المقالات أو حتى منع أقلام بعينها. كما فعل مجلس الصحافة مع الأستاذين حيدر خيرالله وصلاح عبد الله ..بدعوى عدم حصولهما على بطاقة القيد الصحفي .. ولو أن الأمر في حدود هذا السبب .. لكان من الممكن أن يكتب الرجلان في صفحات الرأي دون قيد صحفي و لكن .. لان القرار ليس من المجلس وحده ..فكان لابد من إبعادهما.. والصورة هنا طبعا واضحة !
بالتأكيد لن نشطح ونطالب الصحف السودانية جميعها بإعلان الإضراب العام أو حتى بوقفة إحتجاجية تضامنا مع هذه الصحيفة المنكوبة أو تلك الموقوفة .. لان الصحافة الموالية للنظام أول من سيكسر الصف في هذا الصدد وهي التي عملت أضان الحامل حيال نكبة التيار ..وحتى بعد أن أنصفتها المحكمة الدستورية وأقرت حقها في معاودة الصدور لم يفتح الله على كتاب الموالاة بكلمة واحدة حيال الإسراع في تنفيذ الأمر ..ولن يعنيها بالتالي في شي أن تنزاح الجريدة عن طريقهم هي الآخرى .. ليخلو لهم جو الشماتة وحتى لا يشربوا ذات الكأس المر .. وهم المصنفون بانهم أولاد الحكم كما وصفهم معاتبا في تحذير مبطن ..السيد/ رئيس الجمهورية شخصيا .. فكان ذلك تحفيزا للأجهزة التي نصبت نفسها رقيبا فوق الدستور و القانون لتكيل المزيد من الضربات لمن لا يقول الرووووووووب !
[email][email protected][/email]