ثم ماذا بعد أن تضع الحرب أوزارها؟

طارق يسن الطاهر
لا توجد حرب في الدنيا دون نهاية ، وها هي الحرب في السودان – رغم كل المعاناة التي سببتها للمواطنين – تلوح نهايتها قريبا بحول الله.
المهم في الأمر أن يستفيد السودانيون-قادة وشعبا- من درس الحرب القاسي ، ويعوا تلك الرسائل الضمنية التي أُرسلت لهم.
كثير من الأشياء لا بد أن تتغير : طبائعنا، سلوكنا ، أخلاقنا ، تعاملاتنا ، نظرتنا للآخر ، نظرتنا لأنفسنا …
لابد أن توجد عواصم بديلة ، وليست عاصمة بديلة واحدة ، كل الدول عندها عاصمة شتوية ، وأخرى صيفية.
لا ينبغي أن تكون الخرطوم مستحوذة على كل شيء ، يلجا إليها من أراد السفر والعلاج والتعليم والحياة الكريمة والتنزه والإقامة والسكن …. ينبغي أن تكون كل تلك الخدمات متوافرة على حد سواء في جميع المدن.
لابد من إخراج القيادة والمطار وقيادات الجيش وأسلحته من قلب العاصمة لأطرافها ، هبني دولة واحدة في العالم -حتى لو من دول العالم العاشر -مطارها في قلب المدينة ، هبني دولة واحدة في العالم قيادة جيشها مجاورة لمطارها القومي الرئيس في البلاد ، هبني دولة واحدة حاميات جيشها داخل الأسواق ، وهكذا أصبحت محمية وليست حامية.
لابد من تأهيل جميع المطارات الإقليمية على الحد الذي حدث معه الآن مع مطار بورتسودان وكسلا ومروي ، ما المانع من أن تكون كل المدن بها مطارات دولية تقلع من عليها الطائرات ، وتحط فيها لجميع العالم ومنه؟! .
لابد من تقوية شبكة الإنترنت حتى لا يتعطل التعليم ، ولا تنقطع الدراسة ، فالطوامّ تعم جميع دول العالم ، كلنا نذكر الكورونا وأيامها ، وقد تعطل لدينا التعليم فيها ، وهذا لم يحدث في أية دولة في العالم ، فقد حولت جميع الدول تعليمها عن بعد لمواكبة العام الدراسي ، وحفاظا على استمرار التعليم وعدم انقطاعه.
لابد من السعي لربط البلاد بشبكة قطارات ، فهي الوسيلة الوحيدة التي تلائمنا ؛ لأننا دولة غير نفطية ، فالاعتماد فيها على البصات السفرية يعد ضربا من العبث.
لابد أن نعي الدرس الأهمّ ، وهو أنه لا توجد مدينة ولا قرية بمأمن من أية انتهاكات ، فكنا نرى الحرب في الجنوب وفي دارفور بعيدة ، ولا يظن ظانّ أن حربًا ستبدأ من العاصمة ، ومن قلبها : مطارها وقيادتها العسكرية.
لابد من إعادة صياغة الإنسان السوداني ، وتغيير نمط حياته القاتل ، ولابد من العمل الدؤوب.
لابد من إعادة هيكلة الدولة ومؤسساتها ، وإجادة اختيار الأكفاء الذين يقودون هذه البلاد على بر الأمان.
لابد من السيطرة على الحدود ، وبسط نفوذ الدولة فيها ، ومعرفة الخارج والداخل.
لابد من الاهتمام بالتعليم والصحة ، ولابد من محاسبة المقصر ومعاقبة الجاني ، وإشهار العقوبة أمام الملأ ليكون عبرة للآخرين.
لابد من منع مظاهر التفسخ الأخلاقي التي غزت العاصمة قبل الحرب ووصلت مرحلة كانت تنذر بما حدث.
لابد من تقبل الآخر ، وأن نؤمن بأننا سودانيون ، كل جار يتقبل جاره وكل قبيلة تصاهر الأخرى، وأن تذوب الفوارق ، وتتلاشى المسافات ، ويتحد الهدف ، ونستغل التنوع كما استفادت منه دول كبرى.
السودان في مرحلة ما بعد الحرب سيبدأ على بياض ، صفحة فاضية تستقبل ما يريد أن يكتبه عليها الناس ، قادة وشعبا ، فليحسنوا ما يكتبون.
لابد من التخطيط ، وترك العشوائية ، وعلينا الإحساس بالمسؤولية ، فالمسؤولية لا تكون قاصرة على حدود الإنسان ، ومن يرعاهم ، وإنما كل واحد مسؤول عن كل ما حوله ، ومن حوله ، مسؤول عن جهل الجاهل ، ومرض المريض ، وفقر الفقير ، حتى مسؤول عن المجرم لماذا أصبح مجرما ، مادام أن أحدنا قادر على أن يضطلع بمسؤولياته ، ويعالج الأخطاء التي تقع أمامه ، ويرتق الفتق الذي بدا قدامه ، وأن يردع كل فرد منا من يراه مقصرا أو فاسدا.
على الجميع أن يعمل على تطوير ذاته ، وبناء قدراته ، في مجاله ، وفي عمله وفي تخصصه ؛ لأن بناء وطن بعد حرب لا يكون بقدرات متواضعة ولا بإمكانات قاصرة.
لابد للدولة أن تفرض هيبتها ، ولأجهزتها الأمنية أن تبدأ بنفسها فتطهر الفاسد ، وتعاقب المفسد.
لابد لنا أن نعي تماما أننا لسنا الأفضل بين الناس ، ولا الأحسن بين الشعوب ، ولا الأفضل بين الأمم ، فتلك الشوفونية التي تسيطر علينا ، والنرجسية التي تظللنا ، لا بد من إبعادها ، وعلينا النظر بعين العقل والحياد لتصنيف حالتنا ، وتوصيف وضعنا ، فالاعتراف بمثالبنا بداية النجاح ، والإقرار بعيوبنا أولى خطوات التقدم.
لابد أن نترك التصنيف ، وندع الأحكام التي تمجّد من شأن قبائل ، وتحط من قدر أخرى ، ولنترك النكات التي تسخر من بعضنا ، والأغاني التي تمجدنا ، فلا بيننا أسد نتر ، ولا سيف قطع ، ولا دابي بيعيق ، وبدلا من أن نتخيل كيف يكون الحال؟! فالحال أمامنا مزرٍ ، فلنغيره ، والواقع مؤلم ، فلنصلحه.
لابد أن نعلم أن السودان وطن الجميع ، لا حق لأحد فيه أكثر من الآخر ، فهو وطن يسعنا جميعا ، ولو ركزنا وأحسنّا النية لعلمنا أن “المكان يتسع للجميع” فكما قال الكبير الطيب صالح في إحدى قصصه.
خليها تقيف اول
يا شيخنا أنت قضيتها لينا كلها لابد لابد، شوف الكيزان ديل قاعدين في السودان دا، البلد دى ما بيمشي شبر.
كلام جميل وسليم لكن زى احلام زلوط لان السودان لن يعود كما كان بعد القتل والسحل والنزوح وانا لمنتظرون
اذا كانت قيادة الدولة الحالية باكملها وغالبية الشعب تؤمن ايمانا قاطعا بعكس ما سطرته!! من يا ترى سيطبق ال(لابد)ات اعلاه!؟ الا نجيب حكومة منتدبة من الامم المتحدة كما حصل فى كمبوديا بعد مجزرة الخمير الحمر !!
البلد موعود باسواء مرحلة فى تاريخة بعد انتهاء الحرب وسيطرة الاسلاميين الدواعش عليه