هي أزمتُنا..!

ما أنْ يحتدمُ الوضع داخلياً، تعلو على إثر ذلك، أصوات تستجير بالمجتمع الدولي لإنصافها أو دعمها، وما أنْ تنتهي جولة مفاوضات بالفشل تشتعل التصريحات والتصريحات المضادة، كل طرف يتهم المجتمع الدولي بدعم وتبني أجندة الطرف الآخر.
بيان منسوب لقوى نداء السودان، يشيرُ إلى أنَّ (نداء السودان) عقد اجتماعاً ناقش التطورات على الساحة الداخلية، وأقرَّ مواصلة الاحتجاج على الأوضاع الاقتصادية وصولاً إلى الانتفاضة، ثم انتقدَ البيان مواقف المجتمع الدولي تجاه ?جرائم النظام? وتقييد الحريات والاعتقالات.
ثم انتقد البيان آلية الوساطة الأفريقية بزعامة ثامبو أمبيكي على خلفية دعوتها قوى معارضة، لاجتماع تشاوري، فيما تجاوزتْ قوى معارضة أخرى.
تناقض الموقفين في ذات البيان أنَّ القوى المعارضة التي أقرت مواصلة الاحتجاج على الأوضاع الاقتصادية وصولاً إلى الانتفاضة، انتقدتْ في ذات الوقت تجاوزها في الدعوة للمفاوضات.
أعتقدُ أنَّ المسارين لا يُمكن أنْ يجتمعا، فالذي اختار التصعيد الشعبي وصولا إلى الانتفاضة بالضرورة هو غير معني بأية مفاوضات مع الحكومة، فلا يُمكن اعتماد المسارين وتبني الموقفين في وقت واحد.
لا أدري إن كان هناك انقسام في المعارضة أم هو تكتيك، لكن بأية حال فإنَّ التعويل على المجتمع الدولي لا يوصل إلى حلول جذرية للأزمة، المجتمع الدولي لديه مجموعة قيم ومباديء ينبغي أن تكون معياراً قاطعاً بالنسبة له في التعامل مع الحكومات وكذا المعارضة، لكن هو غير مطالب بتاتاً أن يقوم نيابة عنا بحل أزمتنا، وليس منطقياً أن ترتفع النداءات مع كل أزمة تطالب المجتمع الدولي بأن ?يشوف شغله?، لأنَّ هذا ليس ?شغله?، وكما عبر أحد الدبلوماسيين الغربيين قبل فترة ?لسنا معنيين بإسقاط النظام?.
أظنُّ أنَّ السودان واحد من البلدان التي تشربتْ بتدخل المجتمع الدولي الذي تحول الأمر في أحيان كثيرة إلى وصاية كاملة، وللأسف هناك قوى كثيرة ترغبُ في ذلك دون أن تقصد، وإن كان في ذلك مبررها أنَّ السلطة لا تخشى إلا المجتمع الدولي إلا أنَّها تكرس لتقبل الوصاية.
الحاجة الآن إلى العمل الداخلي باتتْ أكثر من قبل.. ليكن المجتمع الدولي صديقاً وليس شريكاً في حل الأزمات.. الأزمة أزمتُنا، ونحن صناعها، وبالتالي فإنَّ الحل بين أيدينا لا أيدي المجتمع الدولي.
التيار
وما العيب في الوصاية إذا كنا نحن غير مؤهلين لحكم أنفسنا ؟؟؟
نحن نصنع الأزمة ونعجز عن حلها …
وما العيب في الوصاية إذا كنا نحن غير مؤهلين لحكم أنفسنا ؟؟؟
نحن نصنع الأزمة ونعجز عن حلها …