العنف الطلابي

بسم الله الرحمن الرحيم

جامعة كلمة مشتقة عربياً من الاجتماع حول هدف ألا وهو التعليم العالي
والأبحاث والمعرفة ، و يمكننا القول أن الجامعة هي مؤسسة تربوية تعليمية لتخريج أجيال تحذق العلم كأساس ومن ثم قيادة الأوطان في شتي المناحي العلمية والبحثية والإجتماعية والإكتشافات والتطور ، بل وقيادة الوطن سياسياً
في البداية عرفت البشرية الجامعة في بلاد الإغريق ومصر وفارس والهند لكن أولى جامعات العالم بالمفهوم الحديث جامعة القروين بفاس بالمغرب ثم تلتها جامعة الأزهر التي أسسها الفاطميون بالقاهرة في القرن التاسع ونالت شهرة أوسع ،أما أقدم جامعة بالمفهوم الحديث للتعليم العالي هي جامعة بولونيا في القسطنطينية في عهد الإمبراطورية البيزنطية .
بدأ التعليم الجامعي في السودان في العهد الإستعماري بإنشاء كلية غردون تخليدا لذكراه وتطورت حتي وصلت إلي جامعة الخرطوم وكان أول مدير لها هو نصر الحاج علي وتمددت كلياتها حتي وصلت إلي مراحل الدراسات العليا فوق الجامعية، وكان لها شأن في المجتمع ليس علي المستوي الوطني فقط ولكن حتي المستوي الإقليمي عربيا وإفريقيا ومن ثم عالميا.
جامعة الخرطوم، الجميلة ومستحيلة كما يحلو لطلابها وخريجيها هذا الإسم، كان لها إستقلالها المالي والإداري وفق قوانينها ولوائحها التي تستظل بها، ولكن سطوة الدكتاتوريات العسكرية حاولت أن تضع يدها عليها وترضخها تحت بيت الطاعة لأنهم كانوا يعتقدون أنها فعلا منارة سامقة للعلم ولكن كانت في نفس الوقت ملتقي ثقافي نضالي حيوي عبر منابرها وأركان نقاشها ودار إتحادها حيث الرأي والرأي الآخر في حرية الكلمة والنقاش .
تمددت جامعة الخرطوم فشملت مجمع الوسط وكلياته المختلفة والدراسات العليا والهندسة وأبحاث البناء والطرق والعمادة والإدارة وداخليات البركس ودار الإتحاد،ثم مجمع الدراسات الطبية طب وصيدلة واسنان وتمريض وضباط صحة ومختبرات جوار مستشفي الخرطوم وكلية التربية بأمدرمان وكليات البيطرة والزراعة ومزرعة الجامعة بشمبات ، ومستشفي سوبا الجامعي وغيرها من مؤسسات تتبع لها.
جامعة الخرطوم وما لها من مكانة وإرث تاريخي إرتبط بوجدان الشعب السوداني وثورة أكتوبر 64 ثم ثورة رجب أبريل85 وقادة إتحادها الذين صاروا قادة للوطن في مقبل الأيام ديمقراطية ودكتاتورية !!
الجميلة ومستحيلة منذ إنشائها في عهد الإستعمار وإلي يومنا هذا كما قلنا لها وقع خاص في وجدان الشعب السوداني لهذا يتفاعلون مع أحداثها بكل مافيها من فرح أو حزن أو ألم، واليوم الشعب السوداني يتحسر علي ماوصلت إليه الجامعة في تصنيفها العالمي مقارنة بتاريخها التليد وماضيها المشرف.
نأتي للب الموضوع وهو العنف الطلابي في الجامعات السودانية وإن كان موضوعاً شائكاً لإرتباطه بمستقبل أجيال وقادة وطن والعنف دائما وأبدا يُقابل بعنف وفورة وحماس الشباب لا يمكن لجمها إلا بالعقلانية والحوار والرأي والرأي الآخر في ظروف طبيعية!
نتعجب من أبنائنا الطلاب وعدم إستصحابهم لمبدأ حرية الآخر في إبداء رأيه فيما يراه، بل والنزعة نحو أخذ الأمر بقوة العضلات ترهيبا وإرغاما وتخويفا وتخوينا وإلصاق تهم مثل طابور خامس والآن حركة شعبية شمال وأحزاب معارضة تحمل السلاح وغيرها ومادروا أن جوهر الخلاف ليس الوطن ولكن الوسيلة للإقناع والإقتناع فيما يدور في الساحة من خلافات ووجهات نظر مختلفة يمكن حسمها بالمنطق والعقلانية وليس بالسلاح أبيض أو ناري ، وإزهاق روح طالب أو تعطيله من الدراسة مؤقتا أو تسبيب عاهة مستديمة تعتبر جريمة في حق الوطن والإنسانية وحقوق المواطنة وصولا إلي تعطيل الدراسة ربما تمتد لسنوات في بعض الكليات ، وهذا بحد ذاته نعتبره وصمة عار علي أبنائنا الطلاب تتحمل وزره إدارات الجامعات التي فشلت في تهيئة بيئة للحوار والنقاش عبر تلك الأركان التي كنا نتمني أن تكون ساحة لعرض وجهات النظر بالتي أحسن وبالمنطق والعقلانية ودعوة للتسامح والله سبحانه وتعالي يأمرنا بأن الدعوة بالتي هي أحسن وبالحكمة والموعظة الحسنة، فهل فقد بناتنا وأبنائنا الطلاب المنطق؟ وهل فشلت إدارات الجامعات في كبح ثورة الشباب وحماسهم وعدم قدرتها علي تهيئة بيئة ومناخ صالح للحوار الآمن من أجل عرض الأفكار والآراء ولإقناع الطرف الآخر؟
شباب كانت تنتظرهم أسرهم ليسدوا الفرقة ويشيلوا الشيلة مع الأم والأب والعمة والخالة والأخوات والأخوان، شباب كان ينتظرهم الوطن من أجل التنمية والبناء والنهضة والعمران، أصبحوا في رمشة عين جثثا هامدة لاحراك فيها ليس حادث حركة أو مرض أو وباء أوكارثة إعصار وسيول وزلازل، ولكن خلاف في وجهات نظر أدت إلي تفاقم المشكلة وصولا إلي إستعمال السلاح أبيض أو ناري فأُزهقت أرواح بريئة ربما بعضها ليس له علاقة حتي مع النقاش في تلك الأركان وليس له أي توجه سياسي حزبي، ولكن شاءت الأقدار أن يكون ضحية لهذا العنف ففقدته أسرته والوطن والإنسانية.، وليت الأمر توقف عند ذلك الحد، إنتشر العنف من جامعة لإخري ومن كلية لغيرها وتفاقم العنف فأصبح ظاهرة تحتاج لدراسة من المختصين أهل العلم الإجتماعي والنفسي والتربوي لدراسة أسبابه بتجرد ولماذا وصل لهذه الدرجة وكيفية القضاء الكامل لهذه الظاهرة.
إن إدارات الجامعات عليها مسئولية لجد عظيمة وكبيرة في أن تخلق بيئة للتحصيل والبحث والدراسة، فالجامعة ليست مكانا لحشو العقول فقط ، بل هي منارة سامقة، طلابها اليوم هم قادة الوطن في المستقبل وعبر علمهم وبحوثهم وإختراعاتهم ومشاركتهم في كل مايخص المجتمع والوطن لابد أن تكون لهم بصمات واضحة ، وكل ذلك يعتمد علي مبدأ حرية الجامعة وإستقلاليتها من الجهاز التنفيذي للحكومة ماليا وإداريا وأكاديميا وسياسيا، فمبدأ إستقلالية الجامعة هو المحك وأول درجات السلم لحسم العنف الطلابي.
إن تدخل السلطة التنفيذية في سياسة الجامعة ووضع القيود المالية والإدارية والأكاديمية وتقييد سلطة إتحاد الأساتذة وإتحاد الطلاب ، ستنعكس سلبا علي حرية وإستقلالية الجامعة وهذا بدوره سيخلق كيانات وخيار وفقوس بين الطلبة وهيئة التدريس مما يعكر صفو الإستقرار الجامعي لأن فئة من الطلاب ستستنصر بالحكومة وأجهزتها ضد فئة أخري تعارضها أو تختلف معها في توجهها السياسي ورؤياها لمشاكل الوطن وكيفية الحلول وكل طرف يتمترس خلف فكرته ولكن من تساندهم الحكومة هم الأقوي فيقود ذلك إلي العنف الطلابي ونهاياته معروفة.
حجر الرأي والفكر علي الطالب الجامعي سيولد قائداً في المستقبل يكون عبئا علي الوطن لعدم قدرته علي التفكير وإتخاذ الرأي الصواب، لأن القائد لابد أن تكون له قوة الشخصية وإتخاذ القرار والدفاع عنه والتضحية من أجله بقوة المنطق، أما إن صار الطالب والتعليم الجامعي يعتمد علي التلقين فعلي الوطن تنميته ونهضته وتقدمه وعلي الطالب السلام، وبنفس القدر والمساواة إن كانت الجامعة تسير وفق أهواء الحكومة ومكبلة بقيود وقوانين إستثنائية فعلي الوطن السلام.
كسرة:عقد إتحاد أطباء السودان الإسبوع المنصرم جلسة شرفتها وزير الدولة بوزارة الصحة الأستاذة سمية أكد لمناقشة القضايا الخاصة بالممارسة الطبية وبيئة العمل ، كماعقدت جمعية الجراحين السودانيين منتدي علمي تحت عنوان الجوانب المهنية والقانونية لممارسة الجراحة بالسودان، وأيضا كانت الوزيرة حضورا مشاركا وحديثها في الحالتين ينم عن حضور علمي وتخطيطي سليم وفق أسس مهنية وترتيب أسبقيات للحوجة الفعلية.
تحدث أغلب الحضور عن بيئة ومناخ العمل والوضع المزري للخدمات الصحية وهجرة الكوادر وتضارب الإختصاصات بين الولاية والإتحادية وإستبقاء الطبيب وحمايته وتوفير الأمن له ليخدم في بيئة معافاة وصالحة للإبداع، كما تناول النقاش كثير من المحاور مثل التدريب والإبتعاث والإنتداب وإستراحات وميزات الطبيبات والأطباء ومشاكل الأخطاء الطبية ومسئولية الوزارة تجاه الطبيب وهيكلة وزارة الصحة ومراجعة الأيلولة والميزانيات المخصصة للصحة.
كسرة أخيرة: إن الترميمات والصيانات والبوهية والسيراميك والكلادن لن تضيف شيئا لمؤسسة أصلا كانت فاعلة ولكن شوية صيانات وإعادة إفتتاح وفارغة من الأطباء والكوادر لأن هجرتهم غير مقلقة ولاتزعج المسئول بل إنه يقول خليهم يمشو بجي غيرم، ومادري أن غيرم يحتاج لسنوات ليصل لمثل كفاءتهم ومقدرتهم وخبرتهم وهم فقد وخسارة للوطن ولكن هل يدرك المسئول ذلك؟ هل عنده هذا الفهم؟ هل يملك من الوطنية ما يجعله يغير ويتحسر علي ما وصلت إليه الصحة أخيراً بسبب سياسة البطة العرجاء والإستعلا وكبر الراس، أم أن تضارب المصالح أولي؟؟
النمل والطيور

تعليق واحد

  1. اقتباس (( نتعجب من أبنائنا الطلاب وعدم إستصحابهم لمبدأ حرية الآخر في إبداء رأيه فيما يراه، بل والنزعة نحو أخذ الأمر بقوة العضلات ترهيبا وإرغاما وتخويفا وتخوينا وإلصاق تهم مثل طابور خامس )) ..
    يا سعادة العميد .. لماذا لا تطعن الفيل ..التعميم في مثل هذه الحالات مخل . لقد أشرت إلى أن التنظيمات التي تدعمها الحكومة هي الأقوى ، ولكن هذا ليس مطلقاً ، ففي زمن النميري لم يكن طلاب الإتحاد الاشتراكي هم الأقوى . ما أردت قوله تحديداً هو أن طلاب الاتجاه الإسلامي سابقاً والمؤتمر الوطني حالياً هم من يبدأون العنف . لقد حضرنا عشرات حلقات النقاش في جامعة الخرطوم وغيرها ، وكان من يبدأ العنف على الدوام وبلا استثناء هم من يسمون أنفسهم إسلاميين ، هم من كانوا ولا زالوا يخزنزن أسلحتهم في مسجد جامعة الخرطوم ، وهم الوحيدون الذين لديهم وحدات جهادية داخل الجامعات ، ماذا تفعل هذه الوحدات ؟؟؟ وهل الجامعات ساحات جهاد بالسلاح ؟؟؟ لقد كان الإسلاميون يبدأون بالعنف حتى وهم في المعارضة ، أما الآن وقد تمكنوا من السلطة فصار للعنف أصول حيث أصبحت أجهزة أمن النظام تكفيهم شر القتال ، وما مقتل طلاب جامعة الجزيرة والطالب على أبكر ببعيد ..
    نسأل الله العلي القدير أن يقصم ظهورهم ويشتت شملهم ويمزقهم كل ممزق كما مزقوا وحدة واقتصاد وأخلاق البلد ..
    حسبنا الله ونعم الوكيل ..

  2. صحيح ماذكرته عن مستشفى الجامعة الوطنية فهى عبارة عن سراميك وبوهيات وتفتفد للكوادر لان جامعة قرشى لم توفر الكادر التعليمى لطلابها الذين يستغلون مستشفيات الولاية للتدريب ديل ينشؤوا جامعات ومتشفيات دون كوادر

  3. اهنئك بافتتاح مركز غسيل الكلى بالمستشفى الصينى ليصل عدد ماكينات غسيل الكلى ل 247وتصبح قائمة الانتظار لغسيل الكلى صفر فخر كبير لكم يا اطباء خاصة فى ام درمان لأن هذه المراكز نقلت بجانب سكن المرضى تسهيلأ لهم

  4. الموضوع وهو العنف الطلابي في الجامعات السودانية!!!!
    لم يظهر العنف في الجامعات إلا بظهور الجماعات الاسلاموية وسط الطلاب من خارج الجامعة نتيجة تأثيرات الصراعات السياسية على السلطة في الدولة من طائفية وحزبية وعقائدية بسبب جو الحرية المتاحة في الحرم الجامعي والآن صارت هذه الجماعات الاسلاموية تابعة للسلطة الانقلابية الحاكمة قسرياً وهي التي جاء بطريقة ديمقراطية ومن ثم لا يمكن وصف العنف في الجامعات بأنه طلابي ولكنه عنف النظام مع الطلاب في كفاحهم لاستعادة الحريات على الأقل تلك التي كانوا يتمتعون بها قبل مجيء هذا النظام الذي كبت حتى حقوق الانسان وداس كرامته ليس في فقط في الجامعات بل في كل بقاع السودان الفضل.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..