أخبار السودان

أزمة دارفور لن تُحل في ميدان القتال

محجوب محمد صالح

تسعى الحكومة في السودان سعياً حثيثاً لتطبيع علاقاتها مع المجتمع الدولي كما تسعى لإنهاء وجود قوات حفظ السلام الأممية/ الإقليمية (اليوناميد) في دارفور، لكنها في الوقت نفسه تتخذ من الإجراءات والممارسات ما يجهض هذه المساعي، وأحداث جبل مرة الأخيرة تقف شاهداً على هذا التناقض في المواقف؛ إذ شنت هجوماً عسكرياً كاسحاً على مواقع حملة السلاح في جبل مرة، ما أفرز حركة نزوح كبيرة وسط المدنيين هروباً من الحرب المستعرة إلى أماكن أكثر أماناً، وأثار النزوح موجة انتقاد كبيرة من منظمات المجتمع المدني العالمية ومن الأمم المتحدة التي عبرت عن قلقها مما يتعرض له المدنيون في المنطقة وعدم قدرة الأمم المتحدة ومنظماتها الوصول إلى مواقع النازحين، وهذه الحملة ستؤدي بالضرورة إلى نتائج سالبة بالنسبة لمساعي الحكومة لإقناع المجتمع الدولي بأن الأحوال في دارفور استقرت وأن التمرد قد انتهى وأنه لم يعد هناك سبب لوجود قوات أممية أو إقليمية لحفظ السلام.

وقد تصاعد مؤخراً النقد الذي توجهه أجهزة الأمم المتحدة لمنع جمعيات العون الإنساني من الوصول إلى أماكن وجود النازحين الذين هربوا من مناطق القتال في جبل مرة إلى مناطق آمنة في شرق ووسط دارفور، وأصدر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق أعمال الإغاثة بيانات عبَّر فيها عن قلقه من منع عمال الإغاثة الوصول إلى النازحين الذين قدر المكتب عددهم بتسعين ألفاً، الحكومة من جانبها تشكك في صحة هذه الأرقام وترى أنها تعتمد على معلومات سماعية وغير دقيقة وتقول إن بعض الذين نزحوا أثناء المعارك عادوا لقراهم بعد توقف القتال وإنهم الآن يمارسون حياتهم العادية، كما أنها قد قدمت لهم العون خلال نزوحهم.

وما دام الأمر كذلك فلماذا لا تسمح الحكومة لعمال الإغاثة بدخول المنطقة والاطمئنان على استقرار الأوضاع حتى تأتي شهاداتهم لصالحها؟ ولماذا لا يصحب مندوبون منها العاملين في مجال الإغاثة الدولية إلى معسكرات النازحين التي يشير إليها مكتب الأمم المتحدة لحصرهم حصراً دقيقاً لمعرفة حقيقة أعدادهم وحقيقة أوضاعهم، وبذلك تجد الحكومة نفسها في وضع يسمح لها بتأكيد انتهاء المعارك واستقرار المنطقة؟

آخر بيانات مكتب الأمم المتحدة يشير بأنهم تقدموا بجملة طلبات للسماح لهم بزيارة مواقع النازحين لكن أربعة طلبات منها قوبلت بالرفض والخامس ما زال قيد النظر? فلماذا لا تستجيب الحكومة لتلك الطلبات ما دامت الأوضاع باتت مستقرة الآن وأيّ شهادة تصدر من مكتب الأمم المتحدة بشأن استقرار الأوضاع في الإقليم ستصب في صالح الحكومة وتعزز موقفها، وأيّ رفض لطلبات العون الإنساني سيرسل رسالة مؤداها أن الحكومة غير معنية بمأساة ضحايا الحرب، وبالتالي يسهم ذلك في إجهاض مسعى الحكومة لإنهاء وجود قوات حفظ السلام.

وبصرف النظر عن موقف الأمم المتحدة فإننا ما زلنا نرى أن الأزمة الداخلية في دارفور لن تُحل في ميدان القتال، وأنه مهما كانت نتيجة المعارك فإن البندقية لن تحل صراعاً سياسياً، ولن ينجح التمرد في الانتصار على قوات الحكومة، ولن تستطيع الحكومة حل الأزمة السياسية في ساحات القتال، وهذا هو الدرس الذي تعلمناه من أزمة الجنوب. ولا سبيل لتفادي الحل السياسي التفاوضي الذي يرضي كافة التطلعات المشروعة في أية أزمة داخلية، وهذا هو ما ينبغي التركيز عليه كمدخل لإحلال السلام ليس في دارفور وحدها بل في سائر أنحاء السودان بديلاً عن العنف المتبادل.

العرب

تعليق واحد

  1. كاتب من ذالك الزمن الجميل.تحليل منطقي ذكي.استشهاد موثق. ونصيحة حكيم لحكم جائر.
    ابقاك الله معلما. عل صحفيي الغفلة و الانخاس يتعلمون.

  2. شكرا لمعلم الاجيال لاثارته دائما لنقاط ذات اهمية قصوى فى سبيل استقرار البلاد واقراره لمبدأ الحوار فى حل المسائل المستعصية والمعرف بالاسلوب الحضارى الوحيد للوصول الى حلول ترضى جميع الاطراف ورغم اسلوبه الناعم لكنى اتساءل عما اذا كان الطرف الاخر يؤمن بذلك وفى علمنا ان النظام يلهث وراءه بشتى السبل والوسائل رغم استهجان الناس لتلك الوسائل وعدم كفاءتها لاحداث اختراق رئيسى فى جدار الصمت والعناد من الجانبين ومها يكن الامر سواء فى دارفور او النوبة او الانقسنا فالقضية واحدة والهدف واضح ومحدد ومعلن سواء من قبل قياداتها او من قبل الاطراف الخارجية الداعمة والممولة وبدلالة كثير من المؤشرات والوقائع والمشاهد والمواقف الواضحة التى لا يتطرق اليها شك ورغم تغليفه بشعارات وطنية وحدوية ومصطلحات يسهل قبولها وابتلاعها بل والترحيب بها من قبل الراى العام لا تعكس جوهرها الحقيقى الذى يحمل مفهوما عدائيا ومصادماليس للنظام بعينه بل للمجتمع باسره ومهددا فى غاياتها القصوى حتى لوجوده … ولعل المرء ليتساءل طالما ان الامر بهذا الوضوح والجدية والخطورة لماذا الاصرار على اخقائه والقفزفوق حقائقه بل وانكاره والتعامل معه وكأنه لم يكن وفيم الهروب الى الامام والتهرب من التعامل مع الوضع بما يلائمه من حلول وتفويت الفرص التى تلوح والتى ربما تكون مثار الندم حينما تدلهم الخطوب وتتطور المسائل الصغيرة وتنمو وتستفحل وفيم اضاعة الوقت وهدر الموارد والارواح وفرص الاستقرار وبسط الخدمات والتنمية بل وفيم الاصرار على الاحتفاظ باقاليم لا ترغب فى البقاء و يكون مهر بقائها تنازلنا طوعا قبل ان يكون كرها عن حقنا فى البقاءوالوجود ليس بارضهم بل حتى بارضنا ……وختاما أفليس الامر واضحا وجليا ثم افلا ينبغى ان يكون حله كذلك ؟؟؟؟ ثم ألم يبلغ السيل الزبى بعد ؟؟؟؟؟؟

  3. شكرا لمعلم الاجيال لاثارته دائما لنقاط ذات اهمية قصوى فى سبيل استقرار البلاد واقراره لمبدأ الحوار فى حل المسائل المستعصية والمعرف بالاسلوب الحضارى الوحيد للوصول الى حلول ترضى جميع الاطراف ورغم اسلوبه الناعم لكنى اتساءل عما اذا كان الطرف الاخر يؤمن بذلك وفى علمنا ان النظام يلهث وراءه بشتى السبل والوسائل رغم استهجان الناس لتلك الوسائل وعدم كفاءتها لاحداث اختراق رئيسى فى جدار الصمت والعناد من الجانبين ومها يكن الامر سواء فى دارفور او النوبة او الانقسنا فالقضية واحدة والهدف واضح ومحدد ومعلن سواء من قبل قياداتها او من قبل الاطراف الخارجية الداعمة والممولة وبدلالة كثير من المؤشرات والوقائع والمشاهد والمواقف الواضحة التى لا يتطرق اليها شك ورغم تغليفه بشعارات وطنية وحدوية ومصطلحات يسهل قبولها وابتلاعها بل والترحيب بها من قبل الراى العام لا تعكس جوهرها الحقيقى الذى يحمل مفهوما عدائيا ومصادماليس للنظام بعينه بل للمجتمع باسره ومهددا فى غاياتها القصوى حتى لوجوده … ولعل المرء ليتساءل طالما ان الامر بهذا الوضوح والجدية والخطورة لماذا الاصرار على اخقائه والقفزفوق حقائقه بل وانكاره والتعامل معه وكأنه لم يكن وفيم الهروب الى الامام والتهرب من التعامل مع الوضع بما يلائمه من حلول وتفويت الفرص التى تلوح والتى ربما تكون مثار الندم حينما تدلهم الخطوب وتتطور المسائل الصغيرة وتنمو وتستفحل وفيم اضاعة الوقت وهدر الموارد والارواح وفرص الاستقرار وبسط الخدمات والتنمية بل وفيم الاصرار على الاحتفاظ باقاليم لا ترغب فى البقاء و يكون مهر بقائها تنازلنا طوعا قبل ان يكون كرها عن حقنا فى البقاءوالوجود ليس بارضهم بل حتى بارضنا ……وختاما أفليس الامر واضحا وجليا ثم افلا ينبغى ان يكون حله كذلك ؟؟؟؟ ثم ألم يبلغ السيل الزبى بعد ؟؟؟؟؟؟

  4. لك التحية اخ محجوب..مقال موضوعي هام..رؤية سليمة جدا..ان الحرب التي بقودها النظام ضد مواطنيه هي حرب خاسرة بكل المقاييس..لقد درج النظام على تفويت الحلول “عمدا”..وليست لديه أي رؤية سوى البندقية وهي ما اوصلت الحال الى ما هو عليه الان.. منذ اغتصابهم السلطة لم تسكت البندقية يوما..

  5. حتى ولو تم اسقاط حكومة المؤتمر الوطني فلن يشهد اقليم دارفور الامن بين ليلة وضحاها
    لن يستقر اقليم دارفور الا بعدكتابة دستور دائم للسودان ولحينها لن يكون التمرد من المؤهلات للحصول على المناصب الدستوريه والغرف من خزينة الشعب
    ومع كل هذا فان تقصير الظل الاداري هو جوهر الحل لازمة دارفور والاقاليم الاخري حيث تكون دارفور اقليم واحد وكذلك كردفان اقليم واحد والبحر الاحمر والشماليه والاقليم الاوسط بمافيه العاصمه الخرطوم وان لا تزيد الوزارات اكثر من 12 وزاره وفقط 100 عضو برلمان ويتم الاختيار بالانتخاب لا مجال فيه لمحاصصات او ترضيات فقط الكفاءة والتخصص والحساب والعقاب
    اما الوضع الراهن الذي سمته الاساسيه الفساد والمفاسد فان الطامعون كثر والانفلات اكبر حتى اتلات دوواين الحكومه بالمتمردين والترضيات والمحاصصات ولا ترجو من هؤلاء فلاحا ابدا

  6. اولا دعنا من الامم المتحده وجنودها اليوناميد كلهم مرتشين يتعاملون ب اللون انظر لاجئ دول الشام والافارقة بياناتها لا تطعم لاجئ ولا تحميه زمهرير الشتاء وقبظ الحر مرتشون من قبل الحكومة والمجتمع المتحضر لماذا لا تفرض البند السابع بدخول مواد الاغاثة عنوة وفرض حظر للطيران و الجنود المعاركة الاخيره الحكومة تريد ان تفاوض من موقف قوة وتنتزع تنازلات من الحركات المسلحة لكن هيهات

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..