هوامش على موسم الفضائيات السودانية

شهد الموسم الرمضاني وعيد الفطر المبارك على مجهودٍ متزاحمٍ بذلته الفضائيات السودانية التي صار (عددها) محترماً، مقارنة بماضي السنوات حين كنا نصوم ونفطر على النيل الأزرق وفضائية السودان فقط .
وليس خفياً على أحد ذلك التنافس الظاهر بين الفضائيات السودانية على مستوى برامج المنوعات والبرامج الفنية خلال موسم رمضان والعيد، لكن وبكل الأسف لا يزال الإعلام التلفزيوني السوداني فاقداً تماماً للسمة الخاصة به والتي يمكن من خلالها تمييزه وتمييز تجربته عن غيرها.
لا تزال قصة الإعلام الفضائي السوداني مثل حكاية المعمار في السودان تماماً، هو بلا هوية ولا يكلفك التأكد من هذا الزعم إلا تجوال سريع داخل أحياء الخرطوم الجديدة والقديمة، ستشعر أحياناً أنك في إستانبول وأحياناً أخرى تجد بيوتاً إنجليزية التصميم وبجوارها بنايات على الطراز الشرقي، وأخرى مسقوفة بأسقف منازل قطبية باردة وبينهما منازل أفكار تصاميمها ربما آتية من الصين أو الهند .
هذه الحالة المعمارية الممسوخة التي تضيّع ملامح المدينة السودانية وتجعلها تائهة معمارياً وهندسياً، كان من الممكن أن يمثل التنوع فيها مصدر إثراء وقوة لو كانت مصادره ومنابعه سودانية، بحيث تجد منازل مطورة من (الدردر) في غرب السودان و(القطية) في شرق ووسط السودان، وغيرها من نماذج المساكن التقليدية السودانية التي كان علينا تطويرها والإتيان بنموذج أوسع وأكبر وأكثر تطوراً من النموذج التقليدي القديم، أو إظهارها على الأقل في ملامح المعمار السوداني الحديث .
كذلك حال الفضائيات السودانية المشغولة بتقليد واستنساخ أفكار برامج من فضائيات أخرى، مثلما حاولت فضائية سودانية 24 بتقديم برنامج (عليك واحد)، بفكرة برنامج الممثل رامز جلال في (إم بي سي)، وليس العيب في مبدأ التقليد، فرامز جلال نفسه قام بتطوير تجارب المقالب المنتشرة في الفضائيات العربية والأجنبية، لكنه أضاف عليها الكثير على مستوى الفكرة والجرأة وتحمل مسؤولية المخاطرة بشكل يجعلك تصفه بالجنون، وتصف فكرته أيضاً بأنها فكرة متهورة، رغم أنه يتخذ إجراءات مكلفة جداً لتقليل درجة الخطر .
لا يصح محاولة تقليد مثل هذه البرامج إلا حين تحمل الفضائية التي تريد تقليدها ما يدل على أنها تضيف شيئاً جديداً كلياً على الفكرة المراد تقليدها .
فضائية أم درمان مثلاً قدمت (رجل في قبضة النساء) بفكرة جديدة وجميلة تماماً، وكذلك فعلت عفاف حسن أمين في النيل الأزرق وفعل محمد عثمان في برنامج (كل الحكاية)، والطاهر التوم في زياراته الخاصة للسيد علي عثمان وأسرة الراحل الترابي.. تلك برامج تستحق المشاهدة وأفكار ليست بالضرورة أن تكون جديدة كلياً، فالزيارات و(التوك شو) ليست جديدة، لكن هناك إضافة جميلة وسمة خاصة مميزة تجعلك تحترم البرنامج.
على مستوى النيل الأزرق و(أغاني واغاني)، تحدث الكثيرون وقدموا ملاحظاتهم على هذا البرنامج الذي بدأ يأكل من سنامه ويراهن على (خرمة) قديمة للمشاهد السوداني لم يعد هذا البرنامج أو مقدمه أستاذنا قدور قادراً على (أن يفك تلك الخرمة)، وبالتالي لم يتبقَ لـ(أغاني وأغاني) ما يخاطر به في الموسم القادم، وليكتفي بدروع التقدير وليالي التكريم وروعة الاحتجاب النهائي .
نمني أنفسنا بمواسم وأعياد فضائية سودانية أجمل وأوروع وكل عام وأنتم بخير .
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.
اليوم التالي
برنامج المنصة في الجزيرة الخضراء هو أفضل برنامج ولو وجد دعم من المعلنيين لأصبح أكثر مشاهدة من كل البرامج
برنامج المنصة في الجزيرة الخضراء هو أفضل برنامج ولو وجد دعم من المعلنيين لأصبح أكثر مشاهدة من كل البرامج