الإنتخابات رهان ..على هدف متحرك ..!!

كلما أتذكر الإنتخابات الماضية التي كانت مليئة بالخبث والخبائث ولكنها بالرغم من أنها كانت جيفة تزكم الإنوف رائحتها وتملأ كل الأزقة والأمكنة دخلتها القوى السياسة غير مستعيذة وبحسن نية فإنغمست فيها حتى النخاع ولم تبالِ بما سيحدث وحدث من تزوير وفساد شهد عليه الأعمى والبصير ولم تكن بيدها حيلة لتفادي هذا الكابوس ولم تُلهم بالتحصين …ولكن إصرارها ومواصلتها وإن أعطى الشرعية وعمر جديد لنظام كان مهماً لإثبات وتثبيت أشياء كثيرة حتى وإن كان يرى البعض ليس له صلة بأي أية من أيات المنطق والعقل ولكن أثبت مصداقية وإلتزام المعارضين بالقيم ورغبتهم في أداء الواجبات والحقوق بأرقى الوسائل والأساليب فغضوا الطرف عن كل التجاوزات و كل محاولات طمسهم وسلبهم وتجريدهم من حقوقهم نهاراً جهاراً. إن من لا يملك ذرة من الثقة في نفسه ليمارس عملية إنتخابية حرة ويكون قانعاً بما يظفر به دون أن يكون مدجج بصولجان السلطة وسيطان التسلط لا يرقى ولا يستحق أن يطلق على نفسه صاحب مشروع وإسلاموي .. فكيف نصدق ما يقال ونحن من خضنا وشاركنا في هذه العملية القذرة التي سميت زيفاً بالإنتخابات وإشتهرت بالمخجوجة العاهرة ومشاهدها ما زالت ماثلة أمامنا ، مما يجعلنا نشك أو نتيقن أننا في تصديقنا أحياناً لشعارات وإتباعها أقرب ما نكون للإنتهازية لأنه لايمكن أن تخاطر في صناديق مع طرف متخندق بالسلاح والسلطان وقابض على تلابيب السلطة بمخالبه وأظفاره .. .).!!
..إننا لا ننكر ما تعلمناه من هذه التجربة برغم خطئها وخطرها ومرارتها فقد كشفت لنا الكثير المثير وتأكد لنا فيها من إفك وبهتان المدعين والمنادين بالحقوق والحق والدين ولو لم نفعل لربما كنا نفتح ابواباً من الجدل لصالحههم بعدم قبول أسلم الطرق لتداول السلمي لسلطة فيتبجحوا بها علينا وعندها لما إنعدمت فرصة أخرى لتلاعب وتمثيل مسرحية باهتة بصناعة أشكال وهمية وأحزاب شكلية كما هو ماثل وحدث من قبل ، والإمتناع ربما كا ن يحرمنا من التعمق في معرفة هذه النفوس المعاقة البغيضة وتفكيرها الضحل الذي بالتأكيد سيزودنا بكل أركان الرفض والإمتناع من تكرار نفس الهنات . بدأت الإنتخابات بتكوين المفوضيات وكانت عارية تماماً من الحقيقة ثم اللجان التي كانت هي الأخرى ليس في وجهها مزعة لحم وقد تم إبرام إتفاق معها وأقسمت على التعاون والتهاون ، وكان هناك تواطؤ وتباطؤ من بعض القوى التي قبضت قبضتها مقدماً وضمنت المؤخر بإعلان دعمها لمرشح الرئاسة بالحزب الحاكم الذي إستغلوا وعملو على إبقائه بحجة نيفاشا والجنوب وتدثر كل معتوه من مرشحي الحزب الوطني تحت ذلك الجلباب فأبيح التزوير والربا وحلل الحرام وحرم الحلال فكان الحبل على القارب وعم الفساد البوادي والحضر فظهر القمل والجراد والنطيحة والمتردية .. أما الوجوه التي كانت مشوهة أكثر هي قيادات الأحزاب المركزية المصنوع منها والموروث وذلك بمساندتها للحكومة وتبرئها من قياداتها وشبابها وقواعدها بولايات السودان المختلفة سراً و علانية لتضمن رشفة أخرى من فنجان القصروتأبطت حفنة من الجنيهات بإسمهم.. كم كنا نتمنى بأن يكون هؤلاء صادقون وشجعان فيترجلو ويقونا والبلاد شر الزمان والظنون ويكتبون لأنفسهم حرف في أسفار التأريخ بأنهم أعطوا وسلم الوطن في عهدهم سنوات وأشركوا بعد أن حكموا وأنجزوا ، ولكن كما عودونا أن يلطخوا سيرتهم على الدوام بقبح الأعمال من الفصل والقطع والتدميروالفساد والهتك والإعتداء على الحرمات والمحارم .لم يخلق أحد لأن يكون إلى الأبد حاكماً ولا الأخر محكوماً فكان من الأفضل أن يستغلوا تلك الإنتخابات لتحسين وجوههم الكالحة بعيداً عن الشراهة والجشع والإستئثار ومن ثم ربما كانت تفتح نافذة من الثقة والتصديق والفرصة لتخلص مما يحيق بهم على حد قولهم ،وبالوطن ،ولوكان هناك إشراك حقيقي لكانت القوى الأخرى في إمتحان وأمام مسئولية كبيرة وتأريخية ولكن ما أتعس الأشقياء يجلبون لأنفسهم الويلات والثبور التي بالطبع ستغير طريقة التفكير والتعاطي مع ما هو أت من قبل الأطراف التي تجرعت منهم مرارات الممارسة السابقة “ولا يلدغ المؤمن من الجحر مرتين ”
إن ما يضحك من البلايا أن يتحدث المؤتمر الوطني عن إنتخابات وبنفس الطريقة والسلوك وترشيح لنفس الأشخاص وهياكل الحزب الشكلية التي تبدأ وتنتهي فعاليتها بعد الترشيح والإنتخاب والتنصيب وهي تهرول بلا حياء في تلك اللحظات لترتوي من ذات الكؤوس ما هذا السكر والإدمان الذي ظللنا نتعامل به مع الأحداث ونكرر نفس الأخطاء ثم نعود لنتباكي من جديد .على القوى السياسية أن توحد رؤيتها وتتفق في عدم خوض إنتخابات تتطاير فيها الصناديق أبابيلا فترميكم بأصوات من سجيل تحت دعاية أنكم كفار ومن أصحاب الفيل..!!و على القوى الشبابية أن تكون أكثر وعيا بعدم الخوض في هذا الهراء بنفس الشكل الدرامي والمحاربة والتصدي لكل من يحاول أن يكرر بإسمكم وأسم الجماهير هذه التجربة ويجب أن تكون الإنتخابات في ظل حكومة قومية إنتقالية يشترك ويتراضى فيها الجميع وليس حكومة شكلية مفروضة أو ناقصة عقل تحمل مسميات عريضة أو فضفاضة .صحيح عدم مشاركتكم قد لا تمنع الحزب الحاكم من الإستمرار في الهذر والإتيان بأشباح من الحزب نفسه تحت جلباب مستقلين أو( بسروال) أحزاب موالية ليس لها قيمة سوى أنها تطليه بمغنطيسية الشرعية المزيفة، ولكن عليكم أن تصونوا أنفسكم من المشاركة في تمديد المعاناة وتقنينها فتموتوا ندما على ما صنعتموه بأيديكم . ومن المؤسف أن تستخدم هذه الإنتخابات درعاً يقي النظام منكم ولا تقدم لكم مثقال ذرة من الفوائد. والحقيقة التي لا جدال فيها أن الحزب الحاكم نفسه غير مقتنع بصحة تلك الإنتخابات ونزاهتها بدليل خلع عدد من الولاة المنتخبين وإقالة بعض ممن صدّقوا بفرية هذه الصناديق فتمطوا على ككر السلطان فتم كنسهم وتحريكهم وتأديبهم إلا الذين مكنهم المركز وأصبح يتوجس منهم خيفة .عندما يتحدث المعارضون عن كبائرالحكومة يُشهر سيف الشرعية وتصدروا الفتاوى بطهارة وقدسية تلك الإنتخابات ؛إن الولاة الذين حاولوا تمثيل نفس دور نيل الشرعية على كبارهم فتطاولوا وتبجحوا وخيل إليهم أنهم جاءوا بصناديق الإقتراع تخطفتهم الطير وسارت بهم الركبان، ومن لزم الصمت وتأدب أعطي المكافأة بلا إنتخاب وبلا شرعية وتشريع … من يبالغ في الصمت ويقدم قرابين الولاء والطاعة هو من يتقدم ويبقى وإن إجتمع أهل الأرض في رفضه .
صالح احمد … بورتسودان
[email][email protected][/email]