إشكالية كلمة “إسلامي” ..!!

بسم الله الرحمن الرحيم يقول سبحانه وتعالى :((وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا)) [البقرة: 31]. إسم الشئ هو رمزه أو عنوانه والذي يمكن أن تعلم من خلاله ماهية هذا الشئ ومضمونه عموما. وللأهمية لابد من إطلاق الإسم على الأشياء لتتعرف عليها قبل التعامل معها. فإذا أردت أن أصلح سيارتي مثلا سأذهب للميكانيكي. والمكانيكى مثلا لا يستطيع تصليح السيارة اذا لم يعرف اسم السيارة ومن ثم أجزاءها المتعطلة.
و يجب ان تلاحظ أن الإسم ليس معناه بالضرورة معناه مطابقة المضمون أو الماهية أو الفعل. فالميكانيكي يمكن أنه مدعي ولا يعرف عمله وإنما هو مجرد إسم. ولكن عندما يطابق الإسم الفعل فإن الإسم والفعل يصبحان صفة وحال دائم مصاحب لصاحب الإسم. ومثال لذلك أسماء الله عز وجل الحسنى فهى أسماء حقيقية لمطابقتها صفات فعلية لا مراء فيها للحق رب العزة جل وعلا.

وفي حال إن لم يتطابق الإسم مع الفعل فقد يسبب هذا إشكالية وتعقيد للشئ فيصعب فهمه والتعامل معه، كما في حالة كلمة “إسلامي”.
فكلمة إسلامي منشقة من إسلام أو “الإسلام” ولكنها لم تعرف من قبل كما تعرف كلمة مسلم.
كلمة مسلم واضحة ومعروفة. فمن القاموس:-
مُسلِم: اسم فاعل من أسلمَ. أو سَلَمَ. سلَّمَ / سلَّمَ بـ / سلَّمَ على يُسلِّم ، تسليمًا ، فهو مُسلِّم. أسلمَ يُسلم ، إسلامًا ، فهو
مُسلِم. فالمسلم: من على دين الإسلام و صدّق برسالة محمد صلّى الله عليه وآله وسلَّم.

ولكن كلمة “إسلامى” لم أجد لها معنى فى بحثى. ولكن وجدته فى شرح كلمة نفق وبالتحديد شرح كلمة نِّفاقُ.
والنِّفاقُ: الدخول في الإسلام من وَجْه والخروُج عنه من آخر، مشتقّ من نَافِقَاء اليربوع إسلامية، وقد نافَقَ مُنافَقَةً ونِفاقاً، وقد تكرر في الحديث ذكر النِّفاق وما تصرّف منه اسماً وفعلاً، وهو اسم إسلاميّ لم تعرفه العرب بالمعنى المخصوص به، وهو الذي يَسْترُ كُفْره ويظهر إيمانَه وإن كان أَصله في اللغة معروفاً. يقال: نافَقَ يُنافِق مُنافقة ونِفاقاً،
وهو مأْخوذ من النافقاء لا من النَّفَق وهو السَّرَب الذي يستتر فيه لستره كُفْره.

إذا لدينا مشكلة في التسمية أصلا التي لم ترد حتى في القرآن الكريم. فعلى لسان نبينا ابراهيم عليه الصلاة والسلام: ((هو سماكم المسلمين))، وعلى لسان نبى الله نوح عليه الصلاة والسلام: ((أمرت أن أكون من المسلمين)).

وإذا أردنا أن نتجاوز الإسم نذهب للأفعال أو صفات الذين يندرجون تحت هذا الإسم “إسلامي”. الإسلامي أو الإسلاميون هم جماعة من المسلمين يمارسون السياسة أسموا أنفسهم بالإسلاميين. إذن هم مثلهم مثل الآخرين الذين يمارسون السياسة، شيوعيون، بعثيون، ليبراليون، .. ولكن يتميزون عليهم بالعنوان أو الإسم لأنه يضفي عليهم صفة الإسلام. وكما قلنا ليس الإسم بالضرورة معناه مطابقة الفعل.
إذا ممارسة السياسة جعلتهم يطلقون هذا الإسم على أنفسهم. ولكن إذا كان هناك مزايدة في السياسة هل هناك مزايدة في الإسلام؟.
لماذا يتخلى المسلم عن كلمة “مسلم” ويزايد على اخيه بأنه “إسلامي”، ولم ترد كلمة “إسلاميين” أساسا في القرآن الكريم بل وردت كلمة “مسلمين و مسلمون” حوالي 25 مرة. وإذا تجاوزنا هذه التسمية هل تدل الأفعال والصفات التي يتحلون بها على أخلاق الإسلام؟.
‏فهل الإسلاميون مسلمون ومؤمنون حقا. فقد قال الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم: (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم). فهل ينطبق هذا على هؤلاء الإسلاميين؟. ‏
فهل من صفات المسلم أن يسترزق بالدين و يغش المسلمين ويخدعهم بإسم الدين ويستقطبهم. هل من صفات المسلم أذية الناس وتعذيبهم وقمعهم وقهرهم وخلق الفتن ولهوهم للإستفراد بالحكم. فإذا انجز عظم إنجازه وإذا اخفق وفشل عزاه لبلاء الله سبحانه وتعالى.
وهل من صفات المسلم الإقصاء والإزدراء والتكبر والإستعلاء؟.
هل من صفات المسلم النفاق والرياء والكذب والخيانة؟.
هل من صفات المسلم الفساد والسرقة وأكل مال الضعيف؟
فإذا كان ليس هناك إسم “إسلامي” وصفات الإسلام لا تنطبق على الإسلامي فلماذا الإصرار على هذا النعت؟.

فإذن هذه الكلمة لمجرد المزايدة السياسية. أولا لتفزيع أي معارض. فإذا أنتقدت شخص إسلامي يقال لك لا يصح وكأنك تنتقد الإسلام!!!. وثانيا إستدرار عطف المسلمين الذي لم يكتشفوهم لإستقطابهم.
والخلاصة هي عدم التطور السياسي و الاقتصادي و العلمي بسبب أحادية الرأي الذي يوحي بأنه مع الإسلام وآخره خلاف وفتنة بين المسلمين الذين إكتشفوا خدعة الإسلاميين وبين المسلمين الذين لا يزالون يرونهم يمثلون الإسلام.
و في النهاية التفرقة بين المسلمين وإلصاق التناقضات على الإسلام بالأفعال المنافية للإسلام.

فإذا ا لا تقل أنا إسلامي ولكن بل قل أنا مسلم. فالله قال لنا هو سماكم المسلمون. مصطلح الإسلاميين لم يكن معروفاً في عهد الرسول صلي الله عليه وآله وسلم ولا في عهود الصحابة حتي القرن التاسع عشر. وكما ذكرت لك في التعريف كان من يلصق عليه كلمة إسلامي يعني منافق. والتابعين الذين أتوا من بعدهم كان كل من يجتهد منهم ينسب الاجتهاد لنفسه لا للإسلام وذلك للتقوى وخشية أن يلصق بالإسلام ما ليس فيه. فهذا حنفي وذاك مالكي، وذلك شافعي وهكذا. لم يجرؤ أحدهم على أن ينسب الإسلام لنفسه أو يقول أنا صاحب المذهب الإسلامي.
ولذلك قل أيضا “مذاهب المسلمين” وليس المذاهب الإسلامية و “فقه المسلمين” وليس الفقه الإسلامي لأن الإسلام ثابت ولكن الفقه يتغير من شيخ إلى آخر. وكذلك قل حضارة المسلمين وليس الحضارة الإسلامية، وتاريخ المسلمين وليس التاريخ الإسلامي وهكذا.

نشر الفهم والوعي بمعنى ومغزى وخطورة كلمة “إسلامي” هي أولى الخطوات للفصل بين الإسلاميين والإسلام وذلك لإيقاف خطورة الإسلام السياسي. فهذه الكلمة لا تشكل إشكالية حقيقية على المسلمين فحسب بل خطورة على الإسلام وعلى الآخرين الذين يرون الإسلام، وربما يريدون دخوله، ولكن يقيمونه بأقوال وأفعال الإسلاميين.

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. الحق قلت يا سيف الحق بارك الله فيك فإن كلمة إسلامي حينما يتسمى بها المرء أو يصف بها أفعاله فإنه فعلاً ينسب ذلك للاسلام، وواضح أن من أراد أن ينتسب للإسلام يقول إنني مسلم وليس إسلامي أما إذا وصف أفعاله وسياساته بالاسلامية فيعني ذلك إدعاء نسبتها للإسلام إن وافقت تعاليم الاسلام أو جانبتها وهي في الحالة الثانية تعتبر نفاقاً إن كان يعلم ذلك ابتداء أو كان كاذبا، هذا علاوة على ما ذكرته مما فيه من مزايدة على بقية عباد الله وتفريقاً بين المسلمين.

  2. لا أعتقد أن هناك أي اشكال فى استعمال كلمة اسلامي لأنها منسوبة للاسلام و لا يعقل و لا يستساغ أن يكون معناها منافق كما لم أسمع قبل اليوم ان كلمة إسلامي يعني منافق.
    أما كلمة الفقه الإسلامي فهي مستعملة بكثرة و لم أسمع يوما بكلمة “فقه المسلمين” أو “مذاهب المسلمين” بل المذاهب الإسلامية هي الكلمة المستعملة و لا شك هي الكلمة الصحيحة
    أما مصطلح “الإسلام السياسي” فهو مصطلح درج الليبراليون و العلمانيون علي استعماله لابعاد الدين عن حياة المسلمين و قصره على المساجد و دور العبادة كما هو الحال فى الدول الغربية.
    لا يوجد اسلام سياسي و آخر غير سياسي، الاسلام لا ينفصل عن حياة المسلم السياسية و غير السياسية حيث هو المنظم لحياة المسلمين العادية و الاجتماعية و السياسية و لا يمكن فصله عن السياسة و لا غيرها من أوجه حياة المسلمين.
    و علي المسلمين الانتباه لما يريده لهم الليبراليون و العلمانيون و أن لا ينخدعوا بشعاراتهم البراقة و ألاعيبهم الكذوبة لابعاد المسلمين عن دينهم لأن المسلم عليه التسليم لأمر ربه و هو أصلا لا يسعه الخروج عن شرع ربه و لا طلب الهداية فى غير الكتاب و السنة و الكتاب و السنة قد حثتا علي الحكم بما أنزل الله و الرضاء بحكم الله و رسوله و الأدلة علي ذلك لا حصر لها. و علي المسلمون أن يلتزموا كتاب ربهم و سنة رسولهم صلي الله عليه و سلم و لا يستسلموا لأي ارهاب أو تخويف أيا كان مصدره و المسلم لا ينبغي له أن يرهب أحدا غير الله سبحانه و تعالي.

  3. السلام عليكم
    قلت:- (وهل من صفات المسلم الإقصاء والإزدراء والتكبر والإستعلاء؟.
    هل من صفات المسلم النفاق والرياء والكذب والخيانة؟.
    هل من صفات المسلم الفساد والسرقة وأكل مال الضعيف؟)
    كل هذه الصفات ظهرت جلية فى من يسمون انفسهم بالعلمانيين
    هل حصل اقصاء لاحد ايام حكم مرسى؟ حتى التهم التى اتهم بها مرسى الآن كلها تثير السخريه. لو انه وجهت له تهمة بأنه قام بتعيين فلان الفلانى وزيرا للدفاع فى حين ان فلان هو اكثر منه خبرة وكفاءة او حتى قاضى او اى وظيفه اخرى جعلها مرسى للاخوان وكان احق بها شخص آخر لقنا ان الاخوان يمارسون اقصاء الآخر ولكنك ترى الآن وتسمع عياننا بيانا ان مصر دوله علمانية ويجب ان تظل علمانيه, وترى اقصاء الاخوان وقتلهم والفاق تهم باطله لهم وبعد كل هذا تدافع عنهم؟ لا اقول لك انى ادافع عن الاخوان ولكن هذا ما اراه واضحا امام عينى قد يكونوا ارتكبوا اخطاء كثيره ولكن لم تصل الى افعال هؤلاء. كل الناس شاهدت المعتصمين فى رابعه العدويه وقنوات العالم كلها ومنظماتها نقلت وصورت كل شبر فى الميدان ولم يجدوا قطعة سلاح واحده ورغم ذلك تراهم يكذبون لبرروا افعالهم الشنيعه ولو انهم يملكون سلاحا هل يقتلون به انفسهم؟ لا تقول لى التفجيرات فى سيناء الم تر ان هذه المشاكل كانت موجوده ايام حكم مرسى؟ هذه المنطقه اسرائيل تريدها هكذا لكى تجد مبررا لاحتلالها مرة اخرى وكل ما يدث فيها بسبب اسرائيل

  4. تحليل جميل ورائع، وكثيراً ما تم التنبيه بواسطة الكثير من المعلقين بضرورة ضبط المصطلحات قبل الخوض في طرح ونقاش أي قضية.

    و حتى لو افترضنا أن كلمة “إسلامي” هي صفة مشتقة من “إسلام” فلا يصح ان تحتكرها فئة او اشخاص بأن تطلقها على افعالها او أقوالها وكأنما ما غير ذلك هو ضد الاسلام.

    والمشكلة هي أن تيارات اليسار اصبحت تساهم في نشر هذا المصطلح باستخدامه اكثر من مدعي صفة “الاسلامية” انفسهم، حتى اصبح الكثير منهم لا يفرق بين نقد الاسلام وبين نقد جماعات مثل الاخوان المسلمين او غيرهم.

    عدم صحة إحتكار فئة لصفة “إسلامي” في أقوالها أو أفعالها لا يعني أن يصبح الأمر فوضي وأن يخوض الناس في الفتوى أو تفسير القرآن أو غيره دون علم وبدون الاستدلال بمصادر التشريع الثابتة، فكل علم ومجال له قواعد يجب الالمام بها قبل الخوض في عملية البحث والاجتهاد فيه.

    أيضاً لا يوجد شئ إسمه “إسلام سياسي” كما يردد كثير من اليساريون، فالاسلام هو الاسلام، هذا الدين الشامل المراعي لاحوال الناس وتغير احوال الزمن، الداعي الى اعمال العقل والاجتهاد، والذي ترك الكثير من الامور للناس ليجتهدوا فيها وحدد اشياء محصورة بأوامر واضحة لا تحتمل التأويل وهي مما لا يتغير بتغير الزمان ويتعلق بجوهر الانسان والحياة، وبالتالي ليس هناك اسلام “سياسي” وآخر “إجتماعي” وغيره من التسميات التي قد تسبب الكثير من التخليط.

    بالتالي على أطراف اليمين الالتزام بعدم إلصاق صفة “إسلامية” على اجتهاداتها بكافة مجالات الحياة وأن ينسبوا هذه الاجتهادات لأنفسهم، كما يجب على اليساريين من علمانيين وليبراليين وغيره أن ينتقدوا الجماعات والاشخاص بأسمآءهم بدلاً عن نقد صفة “إسلامي” لتجنب التخليط المشار اليه في المقال، وحتى يقطعوا الطريق على هذه الجماعات التي تحاول إستغلال التسمية بالإيحاء بأن من يخالفهم هو من منتقدي الاسلام نفسه، بالاضافة الى قطع الطريق على الكثيرين ممن يستغلون هذه الخلافات السياسية ليركبوا سرج المعارضة ويحاولوا من خلاله الهجوم على الاسلام نفسه بإنتقاد مباشر لآيات القرآن وثوابت الاسلام كما نرى من قليل من كتاب اليسار بما فيهم بعض من يكتب بالراكوبة نسأل الله ان يهديهم ويهدينا الى الحق بإذنه.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..