قراءة في دفتر 30 يونيو … ما بعد المسيرة

** مضوي الخليفة **
* التاريخ تكتبه حركة المصانع والمواني و(أبوات) العساكر وليس الأشعار والهتافات والحشود المليونية, فعندما أغلق طارق بن زياد طرق العودة على جنوده بإحراق المراكب, كتبوا تاريخ عظيم صار جزء من تاريخ أمم بأكملها.
والتاريخ يخبرنا أن الحشد أمام القصر الرئاسي للرئيس الروماني نيكولاي تشاوتشيسكو تحول إلى مظاهرة ضده حينما رفض الجيش ضرب الثوار وذات الحشد المليوني حدث في الخرطوم الملتهبة بجدول تجمع المهنيين وترفض لجنته الأمنية من القوات النظامية ضرب الثوار كذلك ويسقط في أبريل من العام الماضي.
وما أسقط تشاتشيسكو والبشير وغيرهم إلا نقص معاش الناس فحركة المصانع والمواني هي التي تقلق وتنقص منام الحكومات ثم يتربص البوت بالطرقات ويترص بهذا المبرر.
* الحشود الجماهيرية التي خرجت بالأمس في شوارع الخرطوم الكبرى (المدن الثلاث) هي فعل عفوي وتلقائي غير مسيس لإظهار قوة الشارع لما أحسه المواطن بعد صبر عام كامل على سقوط الطاغية من عدم التقدم في أي من الملفات خاصة معاش الناس (حركة المصانع) والعدالة. إلا أن البعض حاول ركوب الموجة وسكب لونه المفضل عليها لكنهم فشلوا لأن الموجة كانت أكبر من أن تلون فلا يجزم حزب بعينه أن الجماهير التي خرجت بالأمس أنها جماهيره, فدمها متفرق في الأحزاب وأي محاولة لتبنيها من حزب معين ستكون خاسرة.
* ولنا عدد من الأسئلة تتعلق بالمسيرة: من الذي خاطب المسيرات هذه من أعضاء الحكومة أو المجلس السيادي ؟
من خرج من قيادات الصف الأول من الأحزاب التي دعت للخروج ؟
وهل كانت هناك مذكرة موحدة بعدد من القضايا أم أنها الشعارات التي كُتبت على لافتات القماش يحملها صبية دون الرشد بتكليف من مجهول لا تعتمد كخطاب رسمي؟
فإن لم تكن هناك اجابات على هذه الأسئلة فلم تعد أن تكون المسيرة احتفال متحرك نفس عن الناس من (حبسة) ثلاثة أشهر ولم يكن فعلا سياسيا.
غير أن هناك سؤال آخر مزعج من المسؤول من سقوط قتيل أو (قتلى) أم درمان؟
* المادة (58. 1) من الوثيقة الدستورية تكفل لكل مواطن سوداني حق التظاهر والتجمع السلمي والمادة (24. 1) من ذات الوثيقة تحظر فقط حزب المؤتمر الوطني من أي فعل سياسي سلمي أو غيره لكن أحزاب: دولة القانون والاصلاح الآن وأنصار السنة والأخوان المسلمون ووو كلها أحزاب تتمتع بحقوق المادة الأولى ولا تنطبق عليها المادة الثانية وجميعها أحزاب يمينية تعارض حكومة الثورة ضمنا أو صراحة بالاضافة لأحزاب أخرى خارج سور الحرية والتغيير (المهلهل) وجميعها لها مطالب وتريد ايصال صوتها, فمسيرة 30 يونيو فتحت الباب أمام التظاهر لجميع هذه القوى السياسية أو يكون واحد من شعارات الثورة سقط (حرية) كما تنكب شعار الـ(عدالة) الطريق ولم يبقى غير السلام المتعثر وفي هذه الحالة يبقى انتزاع الحقوق مرة أخرى وهذه المرة من حكومة (ق ح ت).
* خمسة عشر يوما تزيد أو تنقص قليلا ومصداقية الحكومة على المحك إما حدوث انفجار بالاصابات بفايروس كورونا ويكون هذا نتيجة لتفريط وتساهل الحكومة في صحة المواطنين أو لا توجد كورونا أصلا وكانت الحكومة تمارس الغش والكذب والخداع خلال الثلاثة اشهر الفائتة. لم توجد مساحات للتباعد بين المتظاهرين ولا ارتداء للكمامات ولا تعقيم كي يحتج بها مؤيدو المسيرة من الحكوميين وعلى رأسهم وزير الصحة الذي ترك محله على جبل أُحد ليحق بالغنائم يستقوى بها ضد أي اقاله في حالة حدوثها. أو ليقل لنا الوزير بنفسه لماذا ظهر في هذا الوقت وهو الذي يتغيب عن اجتماعات الةزارة ويرفض مقابلة الصحفيين, وعرض نفسه لهذا الاعتداء.
وليس بعيدا من هذا السياق الخروج للعمل أخف قدرا من الخروج في المسيرة. (أفتحوا أشغال الناس)
* على ذكر الاعتداء أنا لا أُؤيد التفلت واستخدام اليد مهما كانت المبررات وما حدث لوزير الصحة مرفوض لأنه يفتح باب على العنف غير المبرر ويقلل من هيبة مسؤولي الدولة, إلا أن وجود الوزير في المكان والزمان الخطأ دفع عدد من ضعاف النفوس بذلك الفعل المشين. فلو كان واحد من قادة الأحزاب لما اهتم به أحد لكنه وزير في منصب دستوري.
* آخر حاجة:
قومة السودان كانت ذات صوت عالي جدا اين هي الآن وما هي نتائجها وبنفس الفهم ننتظر نتيجة 30 يونيو.




موضوع جيد,
“الدم قصاد الدم”, “حرية سلام و عدالة” و غيرها ليست شعارات جوفاء بل مطالب ثورة دونها ستقف حركة التاريخ في السودان الي حين- و الموانئ و المصانع لا تدور بافكار معطوبة.
التاريخ تصنعه الافكار, و حركة المصانع و الموانئ نتاج لافكار و رؤي ابداعية وجدت من عزم الرجال ما جعلها فتحا بشريا , فهي لا تتحرك أو تدور من أو في فراغ. و عندما يعجز الفكر و المنهج تتوقف الادوات عن الحركة و الدوران.
طارق بن زياد و جنده لم ينتصر وا لانهم احرقوا مراكب العودة بل انتصروا لانهم آمنوا بفكرة و هدف -و العدو اقوي منهم عدة و عتادا,- و لكن الفكرة كانت لديهم واضحة. مستعدون للتضحية في سبيل تحقيق هدفهم ” يا غرق يا جيت حازمه”
العفوية لا تصنع تاريخا بل أهلها دائما ريشة في مهب تارخ يصنعه آخرون- و الامم العفوية دائما مصيرها مزبلة التاريخ.
30 يونيو 2020 تاكيد بأن الشعب السوداني ممسك بزمام أمره, و لكن الخبر السعيد حقيقة أن هنالك الكثير من الشرفاء في القوات النظامية و يبدو أن الأخيار ينتصرون داخل القوات النظامية و دي بشارة خير كبيرة.