أسباب لمقاومة الضجر!

* (أعظم مراتب العلم ما تعلمه المرء
من تجاربه الشخصية في الحياة!..).
– قاسم أمين –
.. ربما كانت الأحداث التي رافقت كتابة رواية شهيرة (ذهب مع الريح)، لمرغريت ميتشل، ليست أقل إثارة مما كتبته في الرواية ذاتها، فمرغريت ميتشل، لم تفكر أن تكتب رواية في الأصل، لولا إصابتها بحادث سيارة، الأمر الذي جعلها طريحة الفراش لمدة ثلاث سنوات، ليس لديها ما تفعله سوى القراءة، وعندما نفدت كل العناوين الجديدة للكتب في مكتبات ولاية (اتلانتا) حيث تقطن، أحضر لها زوجها ذات ليلة، أوراقاً وأقلام رصاص، واقترح عليها قائلاً (لماذا لا تؤلفين أنتِ بنفسك كتاباً.. خذي هذه الأوراق وها هو القلم).
بعد ذهابه، فكرت مرغريت بما قاله زوجها، لكنها شعرت بالرعب، فماذا عساها أن تكتب؟
في الليالي التالية، سيطرت عليها فكرة الكتابة عن الحرب الأهلية في أميركا بين الشمال والجنوب، هكذا أحضرت دفتراً مدرسياً وقلم رصاص، وقالت لنفسها: سأكتب رواية من مئة صفحة، ولكن كيف سأكتب الجملة الأولى، ولأن الأمر يشبه العبث الصبياني، قررت أن تكتب الفصل الأخير من الرواية، ما دامت المسألة نوعاً من التسلية في مقاومة الضجر.
هكذا تبلورت الشخصيات على الورق شيئاً فشيئا، ومع نهاية الفصل الأخير، ازدادت جرأة، لتبدأ الفصل الذي قبله، إلى أن تشكلت عوالم روايتها (ذهب مع الريح).
ولم تكن تعلم هذه الصبية الرومانسية التي تبدو لناظرها أنها لا تستطيع العد إلى العشرة، أنها أنجزت تحفة أدبية، سوف تصبح إحدى كلاسيكيات الرواية العالمية، وأن شخصية (سكارليت أوهارا) بطلة الرواية، ستكون إحدى الشخصيات الخالدة في الأدب، وفي السينما لاحقاً، حيث جسدتها على الشاشة (فيفيان لي).
وقد بيع من هذه الرواية فور طباعتها 4 ملايين نسخة في أميركا ومليون نسخة في لندن وباريس، ونصف مليون نسخة في ألمانيا.
طبعاً من الصعب أن تتحول كل النساء الضجرات إلى روائيات مرموقات، ولكن ما الذي يمنع اكتشاف مواهب مدفونة بين جدران المطابخ وحبال الغسيل، فالأمر في نهاية المطاف لا يحتاج إلى أكثر من أوراق دفتر مدرسي وأقلام رصاص!.
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..