تأديب الأسد قد يقضي عليه

بين تأديب النظام وتغييره الفارق كبير جدا، في لغة البيانات الصحافية، والإجراءات القانونية. ما سيحدث قريبا ضد نظام بشار الأسد لن يزيد على عملية محدودة. الهدف منها أن يعيد النظر في موقفه، ويمتنع عن استخدام الغازات والكيماوي من الأسلحة المحرمة دوليا.

صحيح أن الضربة صفعة محدودة، إلى درجة لن تضطر الرئيس السوري بشار الأسد إلى تغيير غرفة نومه، لكن تداعياتها لاحقا خطيرة، ودلالاتها مهمة.

هذا هو أول هجوم عسكري دولي ضد الأسد بعد سبعة وعشرين شهرا من الاقتتال. أهم دلالاتها موقف موسكو، فقد أعطى حليف الأسد الدولي إشارات غير مسبوقة بالموافقة ميدانيا على الهجوم، وإن لم يتخل عن لغته الدبلوماسية الناهية. موقف روسيا يشبه موقفها قبيل الغزو الأميركي للعراق في عام 2003. حينها اعترضت على الغزو لكن رفعت يدها، معلنة أنها لن تتدخل عسكريا لحماية صدام. الأمر نفسه مع سوريا، وهذا تطور ميداني مهم، لأن روسيا خلال العامين الماضيين دأبت على التهديد بأنها لن تقف متفرجة في حال ضرب حليفها السوري.

إن كانت القراءة صحيحة للموقف الروسي، فإننا أمام تبدل مهم في الحرب السورية في أعقاب التقارب السعودي الأخير مع الروس. حيث نلاحظ أن الروس ينسحبون من سوريا بهدوء. أولا، بدأوا في تقليص عدد خبرائهم العسكريين، ومن ناحية ثانية يتجه الروس إلى التخلي عن سوريا كقاعدة بحرية لبوارجهم في البحر المتوسط، والانتقال إلى اليونان. المعلومات من موسكو تقول: إن التخلي عن ميناء طرطوس مهد له بصفقة صواريخ روسية أرض جو لأثينا. وبانسحاب الروس يخسر الأسد أهم حليف دولي. بقي له إيران وحزب الله، لكن ما الذي في يد هذين الحليفين المخلصين للأسد أن يفعلاه؟

التهديد بحرق المنطقة جملة يكررانها، وسبق أن رددها صدام العراق، وقذافي ليبيا، وراحت معهم. إيران أكثر ذكاء منهم لا تورط نفسها، فقد حاربت مرة واحدة مضطرة ضد العراق في الثمانينات، بعدها لم تحارب أبدا لثلاثة عقود في أي عمليات عسكرية كبيرة، سواء في الخليج المهم نفطيا للعالم، أو ضد إسرائيل. تركت المهمة دائما لحلفائها الصغار، حزب الله وحماس. إيران تعرف أن ثمن المواجهة غال جدا، فحرب شهر قد تهدم ما بنته من منشآت عسكرية في ثلاثين سنة.

وكذلك حزب الله لن يطلق صواريخه على الشمال الإسرائيلي إلا مضطرا، أولا يدرك أنها لن تمنع الهجوم الغربي على الأسد، وثانيا سلاح الحزب الذي يوجع اللبنانيين، لإسرائيل ليس سوى «خربشات» قطط، فقط. الحزب، كذلك، قادر على تنفيذ عمليات إرهابية ضد مصالح عربية وأجنبية، وهذه أيضا لن توقف انهيار النظام في دمشق، بل ستزيد من قناعة دول العالم بضرورة محاصرة حزب الله، ومعاقبته في وقت لاحق.

نحن لن نشهد تكرارا للأحداث المزلزلة عندما دخلت الدبابات الأميركية وسط العاصمة العراقية وأسقطت صدام في ظرف بضعة أيام. المتوقع أنها ضربات عن بعد لمراكز سورية منتقاة، لن تسقط نظام الأسد لكن ستسهم وتعجل بانهياره في وقت لاحق. فالأسد، برغم ما تلقاه من دعم لا مثيل له، من إيران وروسيا والعراق وحزب الله، فشل في كسب الحرب، وبالتالي سنشاهد مريضا منهكا يقارع هجوما غربيا متفوقا عليه. ولو أن المعارضة موحدة، وجيشها كذلك موحد، ربما ما كانت هناك أصلا حاجة للعقوبات العسكرية الدولية، فالأسد منهك وكل الدعم الروسي والإيراني الضخم لم يرجع له شيئا مما فقده من أرض وسلطة.

وإضافة إلى ضعف النظام، عورته باتت مكشوفة نتيجة سحب الغطاء الروسي عنه، وكذلك بسبب إعلان إيران امتناعها عن الدفاع عسكريا عنه. لنتذكر أن هذا تحرك الغرب العسكري ضده لأول مرة، وها نحن نرى تداعيات التهديد من خوف ظاهر على النظام السوري، إلى استعداد الجيش الحر لتوسيع عملياته باتجاه العاصمة. جميعها نذر تؤذن بقرب سقوط الأسد خلال الأشهر المقبلة، وربما يعجل الخوف واليأس بانهياره قبل ذلك.

الشرق الأوسط

تعليق واحد

  1. حياك الله أستاذ عبدالرحمن الراشد

    أحي فيك هذا التحليل الجميل وما فيه من مهنيه عاليه تجاه ما يجرى فى الساحه الأقليميه والدوليه.

  2. السيد الفاضل تحليلك لا يستند الى الواقع ، صدام صحيح كان لديه كيماوي لكن لم يكن لديه صواريخ بعيدة المدى ، اما بشار لديه مختلف الصواريخ وهو قريب جدا من اسرآئيل ، ثانيا صدام سني والسنة كانوا منقسمين عليه ولم يساندوه ، اما بشار شيعي والشيعة ل جميعا سيذهبون الى سوريا للدفاع عنه وهذا هو الفرق بين السنة والشيعة رغم كثرة السنة ، ثالثا امريكا تدرك جيدا عواقب التدخل في سوريا ولو كانت تستطيع التدخل لم انتظرت سنتين ونص

  3. الرئيس الاسد هو الجن الذي نعرفه اما الجيش الحر فهو الجن الذي لا نعرف مثلما لم نعرف الجن المسمي مرسي واتباعه والذي تبين لاحقا انه اسوأ من الجن الاول المباركي ! اسفا علي الفيحاء والغوطة , عليها ان تختار بين تفاحتبن معطوبتين ! هل كان امير الشعراء ينظر اليها من وراء حجاب : ومعذرة اليراعة والقوافي
    جلال الرزء عن وصف يدق

  4. هذا بشار نعجة وليس اسد . لان الاسد الحقيقي يحمي وطنه ويفدية بالتنازل عن الحكم لحقن الدماء كما فعل سيدي الحسين إبن سيدي علي بن ابي طالب رضي الله عنهم اؤلئك أسود حقيقين مش زي ده أسد من ورق أو قل نعجة سكرانة مغيبة صدقت انها اسد .وهو لو أسد يثبت قدام الغرب وامريكا .صدام ماثبت ولا القذافي اين هو من أولئك .

  5. سوف تندمون ندامة الكسعي ماذا استفاد العرب والشعب العراقي من سقوط صدام غير تفجيرات وصراعات بين القاعده والشيعة من جهة وبين الغرب والقاعده الكل يحارب الكل ودمرت بغداد واصبحت تعيش في القرون الاوسطي وكذلك القذافي وتفكك الاتحاد السوفيتي وحلفة فرحتم وغدا سوف تبكون ولن تجدوا من يدافع عنكم من صلف تل ابيب وواشنطن وباقي الغرب

  6. إنها المقاومة العراقية الباسلة.. أيها العرب

    د. خضير المرشدي
    من تابع تصريحات ومناقشات ومواقف قادة الولايات المتحدة الامريكية ودول الغرب، حول إتخاذ قرار الحرب ضد الشقيقة سوريا، سيجد ذلك القول الفصل،،، بأن جميع ماصدر من بعد تلك المناقشات من مواقف، لا يخلو من الرعب والرهبة والخوف المترسخ في عقول وقلوب هؤلاء الساسة، بأن تجربة العراق يجب أن لاتتكرر، والدعوة لتجنبها أمر في صميم الاستراتيجية والفعل لتلك الدول،،، حتى باتت عملية إتخاذ القرارات المصيرية، عملية فيها من الصعوبة بمكان في قواميس الساسة الغربيين بشكل عام، والأمريكان منهم بشكل خاص.
    ولعل المتتبع قد استمع خلال اليومين الماضيين الى بيانات البيت الأبيض، والى مناقشات مجلس العموم البريطاني حول سوريا، حيث لايخلو تعليقا او مداخلة من التنبيه بأن يجب أن لاتتكرر الورطة الغربية والامريكية في العراق،،،
    رغم أن حيثيات ومقدمات ونتائج ماجرى ويجري في العراق، وعناصر الصراع وأطرافه،، يختلف تماماً عن تلك التي تجري في سوريا الآن وتطورات الموقف الميداني فيها، بين شعب ثائر، ونظام يرفض الثورة! مع مابينهما من قوى وعناصر ساهمت في تعقيد المشهد!!
    اذن ماهي التجربة التي يعاني منها المعتدون في العراق، وماهي تلك الورطة التي يتحدثون عنها؟؟
    أليس هم من يدعي بأنهم قد جاءوا محررين!! وبأن (النموذج الديمقراطي) بامتياز؟؟ كان إنجازا يتفاخرون به ويدافعون عنه، ويعملون جاهدين على تثبيت أركانه يائسين، وعلى حساب حياة ودماء العراقيين التي تجري أنهارا، بفعل تلك الجريمة الكبرى التي ارتكبوها باحتلال العراق والعدوان عليه.. وتحت ذرائع ومبررات كاذبة؟؟؟؟

    اذن ماهي تلك الورطة في العراق؟
    وماهي التجربة التي يجب أن يتجنبوها؟ والسيناريو الذي يجب أن لايتكرر؟؟
    إنها الحقيقة الناصعة أيها السادة، التي لم يعترفوا بها كاملة، لكنها الالم الخفي المحفور في عقول وضمائر هؤلاء ليس صحوة في ضمير، أو ندم على عمل عبثي مجرم!!! بل إنها المكابرة على ماجرى من خسائر بفعل مقاومة شعب عظيم، مقاومة العراقيين الباسلة،،، وما زرعته من خوف في قلوب وعقول هؤلاء القادة والساسة والمخططين، وهو اعتراف جزئي أمام شعوبهم التي ضللوها واخفوا عنها تلك الحقيقة.

    إذن على أبناء الأمة في جميع أقطارها وأحرارها والصادقين فيها، بل والإنسانية جمعاء، أن يفخروا برجال مقاومة شعب العراق الاباة، كما هم دائماً.. نموذجا للعطاء والكرم والشجاعة والتضحية بالغالي والنفيس،،، في السراء والضراء… من أجل أن تعلو راية الأمة حقاً وعدلا وهداية وعزا وكرامة.

    وإنه لمن الثابت قولا واحدا، لا يقبل التأويل أو التفسير،، وهو محط فخر وعز وشرف ورفعة، ومقاما عاليا للشرفاء من العراقيين ومعهم أحرار أمتهم والعالم، بأن المقاومة العراقية الباسلة،،، قد لقنت اميريكا وحلفاءها درسا لن ينسوه، واهانت الجيش الامريكي وقواتها المسلحة في تلك المنازلة التاريخية، والتي لازالت ذيولها ممتدة في العراق،،، والحقت بهم هزيمة منكرة، وتسببت لهم بازمة اقتصادية قاتلة هي الاخطر في تاريخ اميريكا والعالم،،، بسبب ماتكبدته القوات الغازية للعراق من خسائر بشرية ومادية وسياسية واخلاقية أمام ضربات رجال تلك المقاومة الأسطورية الحقيقية،،، خسائر لم تتعرض لها هذه الدولة العملاقة من قبل!!!،، وجعلتها تترنح وتتهاوى من تربع قمة العالم لتنحدر تدريجيا على مستوى السوق والسياسة والاستراتيجية معا، وتلجأ لتغيير استراتيجية الفعل خارج حدودها،،، وانكفأت تلعق جراحها!!! وأضحت تتردد حائرة في اتخاذ أي موقف تجاه أي قضية من قضايا العالم الساخنة،،، واصبحت تبحث عن حلول متعثرة، تقدم فيها قدم هنا، وتؤخر ثلاث هناك…..

    قد بدا واضحا حيال نيتها في العدوان على سوريا الشقيقة…. تصرف الادارة الامريكية المتردد، كما هو تصرفها حيال العدوان على ليبيا الشقيقة من قبل!!
    وكان التردد والتراجع طاهرا في تصريحات (((الرئيس الاميركي باراك اوباما في حديث نقلته صحيفة تورنتو ستار الكندية، واطلعت عليه (المدى برس)، ان “الخطة الاميركية تجاه سوريا لن تكون تكرارا لما حدث في العراق”، مشيرا الى ان “اي اجراء عسكري من هذا النوع، سيكون محددا وفقا لما خطط له لضمان ان لا تنجر الولايات المتحدة في خضم حرب طويلة وتتعرض لما تعرضت له في العراق،،.
    واضاف اوباما أن “الخطة التي ندرسها ستكون بمثابة ارسال ضربة سهم من خلال القوس، نقول فيها لهم بان يتوقفوا عن استخدام الاسلحة الكيمياوية مرة اخرى… ولفت اوباما الى أن “الولايات المتحدة ليس لها مصلحة بخوض حرب ليسي لها نهاية، ولكن علينا ان نؤكد بان هذا الامر يجب ان لا يمر بدون حساب”)))

    كما تابعنا وسمعنا مناقشات مجلس العموم البريطاني التي اظهرت المناقشات رعبهم من تجربتهم في العراق، وكان قرارهم المتردد بالعدوان على سوريا، وآخرها تصريح وزير الدفاع البريطاني الذي قال بأن بريطانيا لن تشترك في ضربة عسكرية ضد سوريا.

    إنها الحقيقة،،، والدرس البليغ، وهي إن اميريكا لاتستطيع المجازفة بحرب جديدة ولن تجرؤ على ان تبعث جيشا، بعد أن تعرضت لتلك الإهانة والخسائر بالأفراد والمعدات والمعنويات… على ايدي أسود الرافدين.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..