الباش بزق في السودان

في عام 1821 دخلت جيوش الخديوي محمد على باشا السودان. وقامت باحتلال البلد حتى سنار عاصمة الفونج، والتي استسلم ملكها دون مقاومة تذكر. وعدا معارك الشايقية في الشمال لم كن هناك مقاومة للاحتلال. دخلت البلاد مرحلة جديدة، كانت مساوئها أكثر بكثير من حسناتها.وبالرغم من أن الخديوي محمد علي باشا الباني الأصل إلا أنه يعتبر تركيا خالصا فهو قد تربى في كنف الأتراك وهو من كان يعتبر دولته في مصر تابعة للباب العالي في الاستانة عاصمة الإمبراطورية التركية وقتها.
وكما تعلمون جيداً أن هدف الباشا وقتئذٍ كان هو الاستيلاء على الذهب من جبال بني شنقول فقد وصلته معلومة بان تلك البلاد الذهب فيها على سطح الأرض. والهدف الثاني هو الحصول على العبيد لكي يدعم بهم جيشه.
عرف عن الدولة التركية سوء معاملة المواطن السوداني ولا هم لها إلا فرض المكوس والضرائب على المواطن الضعيف، تماما كما هو الحال الآن في عهد حكومة الحركات الإسلامية. وتماما كما في عهد حكومة الإسلاميين انتشر الفساد والرشوة والمحسوبية انتشر الفقر وتبعه المرض والجهل. أضف لهذا تفشي الأمراض الاجتماعية الناتجة من الفقر كفساد الأخلاق وتفشي الانحلال الخلقي. ولكن الأتراك أدخلوا لنا أمراض لم تكن معروفة من قبل كالشذوذ الجنسي.
نظام سلطة ما يسمى بالإنقاذ أعد نفسه جيداً لاستقبال الباش بزق، أخذ يسوق ويماثل نظامه بنظام الباش بزق وأشاعوا بأن أردوغان هو من صعد بتركيا من الهوة السحيقة ليوصلها لمراقي السماء بفضل عبقريته وإتباعه للنهج الإسلامي القويم. في كذبة موغلة في السخف. وهم بهذه المقاربة والمماثلة يحاولون بذل الخديعة وطرحها للتسويق بأنهم كذلك سيرتقون بالبلاد مراقد النجوم طالما أنهم يتبعون نفس نظام الأردوغان. وهو طرح موغل في التدليس والنفاق فتركيا لم تكن في حاجة لأردوغان ولا لغيره من الإسلاميين فهي بلد قبل مجيء الأردوغان كان من أسباب نهضتها أنها بلد صاحبة بنية تحتية مهيأة تماما لنهضة شاملة وبدأت تضع يدها على مواضع الخلل فتصلحها. والطغمة الحاكمة وعلى ما يزيد من ربع القرن لم تتمكن من وضع أسس للنهضة الشاملة فقراراتها الاقتصادية والسياسية تفصل لا وفق مصالح البلاد والشعب بل لمصلحة التنظيم والأسرة الحاكمة ومن نافقهم وسايرهم.
مجيء أردوغان للبلاد لن يحل مشاكل السودان. وسفره لن يخفض الدولار الجمركي فليس هناك داع لمزيد من الكذب. وتماما كخديعة رفع العقوبات الاقتصادية الأمريكية بأن رفع العقوبات سينزل بردا وسلاما على شعب السودان مما أضحى فيما بعد مثار سخرية حتى من بعض مناصري الإنقاذ.
أردوغان له طموح كبير ـ وهذا من حقه ـ أن يعيد تركيا التي كانت تتزعم العالم الإسلامي ولبعض الناس وجهات نظر قريبة من تلك.ولست على يقين إن كان تنظيم الأخوان المسلمين يبادله نفس الفكرة أم لا ولكن من حيث أنه الداعم الأكبر للتنظيمات الإسلامية ربما صمت التنظيم مؤقتا لعلمي أن فكرة إنشاء دولة الإسلام في النهج الاخواني لم تضع في حسابها تركيا أبدا أن تكون نواة لدولتهم الوهمية.
بالطبع أردوغان هو الداعم الأكبر للتنظيمات التي تتبنى النهج الإسلامي. ولا يخفى على أحد تحول تلك الجماعات إلي أداة من أدوات القهر والتسلط، حتى لو لم تكن في السلطة فانتشار الهوس الديني يعود في واحدٍ من أهم أسبابه إلي دعم الحركة الوهابية بالمال لكل من يتبنى هذا الفكر. وبعد انحسار الدعم الوهابي برزت تركيا وقطر والسودان على فقره داعما أساسيا.
الحركة الإسلامية لربما ارتأت في النظام السوداني الورقة الأخيرة لها بعد أن ضاق الخناق عليها في بلاد كثيرة. وتحاول الآن الإبقاء عليه حيا قبل أن يهده الغضب الشعبي المتعاظم جراء سياساته الحمقى.
سيحل الخديوي أردوغان ضيفا على بلدنا وانا واحد ممن لا يرجون من ورائه طائلا فلا مرحبا به ولا ولن ننسى ما عاناه أهلنا إبان حكم التركية السابقة.
عمر التجاني
[email][email protected][/email]
علي اردوغان ان يعتذر عن ما لحق للسودانيين من الحكم التركي من قتل و نهب و سحل و فساد