قضية “الحرية والمواطنة والنهضة” ..مثقفون سودانيون.. عصفٌ ذهنيٌّ لتحقيق مصالح الناس

الخرطوم: الهضيبي يس
ما تزال جدلية قضية (الحرية) تأخذ جيزاً كبيراً في النقاش والتدول وسط النخب والمثقفين ومدى تأثير وتأثر المجتمعات بهذا الحق وخلق ما يُعرف بالتوازن الطبيعي ما بين السلطة والمجتمع، بهذه الصورة دار نقاش امتد لـ(120) دقيقة ضم مجموعة من المفكرين والمثقفين السودانيين الذين تقاطروا للاستماع لندوة حول “الحرية والمواطنة والنهضة ” للمفكر الدكتور/ لؤي صافي، التي نظمتها هيئة الأعمال الفكرية، أمس، (السبت) بقاعة الصداقة.
الشريعة.. أصل الحرية
بصيغة التأكيد يقول الدكتور لؤي إن (الحرية) إحدى القيم الأساسية للشريعة الإسلامية بل وأعلى من الإيمان مستدلاً في ذلك بجملة الخيارات التي وضعها الخالق للإنسان بالدخول في الإسلام أو البقاء كافراً، بينما أشار إلى أنها أي “الحرية” لا تعني التخلص من القيود فقط بل هي عملية ترفيع للتخلص من مرحلة القيود وأيضاً عدم القفز إلى الفراغ أي أنها ليست معادلة “صفرية ” فهي نتاج لسعي مشترك وجماعي بهدف تطوير العمل السياسي والاقتصادي والثقافي والقانوني بالدولة.
فيما تعتبر المواطنة لا تعمل ضمن دائرة التأثير. وهنا يؤكد لؤي أن المجتمع هو الأفق الأعلى لكل شئ، وقتها ستكون النتائج عملاً ضائعاً وبدون جدوى ومن أجل تحقيق ذلك المطلب يستوجب الربط بين حرية المسؤولية والمواطنة- على حد تعبير لؤي الصافي- إذ أن “الحرية” لابد لها أن تقوم على قيم إنسانية والسعي لتحقيق مصالح الناس.
حيث قامت الشريعة بوضع مصلحة الإنسان بينما الإنسان المسلم ولد على “الفطرة ” التي تجمعها مجموعة قيم وأخلاقيات هي التي كونت هذه الشريعة والتي جاءت بغرض تقويم وتقييم المجتمع منذ ما يزيد عن العشرة آلالف عام، ونوَّه الصافي وبالعودة لقضية الحرية التي أيضاً تعني المساواة بين المواطنين والتمتع بكافة الحقوق كما يلزم بجميع الواجبات ويقول “الكرامة “هي الإنسانية.
ولكنه رجع وقطع بأن العالم الإسلامي في حاجة إلى تفعيل دور وآليات التوجه الحضاري لكل دولة ترغب في الاستناد على مرجعية إسلامية أساسها الشريعة التي هي في الأصل صالحة لكل زمان ومكان مع اختلاف وسائل التطبيق والإدراك والأخذ منها من قبل مجتمع لآخر.
فضاء مفتوح
أما رئيس حركة “الإصلاح الآن” والمفكر الإسلامي د.غازي صلاح الدين، فيوضح أنه في ظل ما يعيش فيه العالم من انفتاح باتت آفاق الحرية وتطلعاتها أكبر مع ارتباط ذلك بعوالم التقنية والتكنلوجيا الحديثة الأمر الذي قد يترتب عليه تغيير كامل في فهم ومعرفة مدلول الوطن.
ويؤكد أن الانهيار الذي صاحب الاتحاد السوفييتي وما تبع ذلك جعل من قضية المواطنة فيما بعد عالمية بينما القيم الإسلامية جاءت وفق الحرية حيث أن الإسلام ذاته أحد أهداف مجيئه هو الحصول على الحرية ومن ثم تطبيقها والآن تعدت مفاهيم الحرية الاحتياجات الحياتية من “مأكل ? مشرب”حيث بات الآن التكليف الواقع على عاتق الحاكم وأهل السلطة.
نظرة مفكرين
وبالمقابل لم يبخل أحد من الحضور بالإدلاء بوجهة نظره لتضيف “نقاشا” للنقاش وتعمل علي توسعة مدار المشاركين وهو ما جعل مدير معهد دراسات وأبحاث السلام بجامعة الخرطوم د. محمد محجوب هارون أن يدفع بسؤال حول صيغة الموازنة ما بين (الحرية) والدين والمعتقد خاصة وأن الغرب الذي يعتد بتطبيق الحرية هو نفسه الذي قام بوضع مجموعة آليات ووسائل لها تفادياً للوصول إلى حالة الفوضى.
بدوره أشار السفير خالد موسى انه يريد القفز فوق حواجز عملية التحليل والاستنباط لقضيتي الحرية والمواطنة والذهاب للنتائج بصورة مباشرة بقوله: “إن المجتمعات الغربية لعبت فيها دور التعليم والتنمية البشرية بالتركيز على الإنسان الذي وجد الإيمان من أنظمة تقود العمل من أجل ديمقراطية الدولة ومؤخراً خضعت المملكة المتحدة البريطانية لقرار شعبها باستفتاء شعبي رجح كفة الخروج من الاتحاد الأوربي بينما جاءت نتائج الانتخابات الأمريكية والتي أدهشت العالم من خلال ممارسة حرية الاختيار دون إسقاط العوامل السياسية والاجتماعية على المواطن”.
وعد الوزير السابق للمجلس الأعلى للتخطيط الاستراتيجي د.عمر باسان أن الثورات التي عرفت بـ(الربيع العربي) في كل من ليبيا ? مصر ? تونس، كان عنصر الحرية فيها هو الأساس وإشعالها بالرغم من أن العوامل الاقتصادية والاجتماعية من توفير الخدمات كانت متوفرة للمواطن في هذه البلدان، ما جعل التحول يحدث فيها بحثاً عن الحرية والانتقال بها من مرحلة الدولة إلى “اللا دولة” للأسف الشديد أي أن “الحرية” في حد ذاتها قد تكون سبباً في انفلات.
الصيحة