مقالات سياسية

نكسة.!

الجدل محتدم عقب تصريحات وزير الداخلية الألماني التي قال فيها إنه يعتقد أن ?الإسلام لا ينتمي لبلاده?، وهو خطاب مناقض لخطاب المستشارة انجيلا ميركل، التي سبق وأن قالت إنها تعتقد أن الإسلام جزء من ألمانيا، لكن وزير الداخلية عُرف بانتقاده لسياسات ميركل الخاصة باللاجئين.

منذ الفترة التي أعقبت ثورات الربيع العربي وتفجر الحروب في عدد من الدول العربية والأفريقية، علا صوت اليمين الأوروبي للدرجة التي حصدت رموزه أصوات الناخبين في أعقاب حوادث إرهابية متتالية.

صعود اليمين في بعض دول أوروبا، وإن كان نتاجاً طبيعياً لصعود التيارات المتطرفة في العالم الإسلامي، لكن لن يكون التطرف المضاد ترياقاً للتطرف، هذا إن لم يعزز تمدده.

تذكرون مشهد رجال الشرطة وهم يجبرون بالقوة، إحدى النساء على نزع ملابس بحر (إسلامية) في أعقاب الحملة على ما يُعرف بـ(البوركيني)، في الشواطئ الفرنسية والذي تزامنت معه أحكام قضائية خصمت من علمانية تلك الدول التي تقف على مسافات متساوية من جميع المعتقدات.

تصاعد الخطاب الشعبوي، ثم القبول العريض الذي حظي به، يبدو أنه لن يكون مجرد ردة فعل لخطاب إسلامي محدد، بل الأمر تحول إلى سياسات وبرامج انتخابية، وهذا من شأنه يرتد بأوروبا إلى عهد سحيق.

ليس المؤسف فقط في أنَّ المسلمين هم من يقع عليهم الضرر الأكبر ما قد يجعل الإسلام فاصلاً حقيقياً في حياة الملايين، وليس في تنامي حدة خطاب الكراهية المتصاعد والذي ربما يقود إلى أن يبقى كل ببلده.

لكن الأمر المؤسف، أنَّ النموذج الذي يجذب ويحج إليه كل العالم بمختلف دياناته وأعراقه وثقافاته، يتهدم بأيدي الذين صنعوه وأسسوه، ومكثوا فيه قروناً.. وكي يُعاد بناء ما هدمته الكراهية، يحتاج لذات القرون.

سيبقى، بالنسبة لنا، أنَّ الأنظمة التي ترعى الكراهية تفرض أنماطاً محددة، فُرضت علينا فرضاً، أما في أوروبا والولايات المتحدة، فقد اختاروها ترياقاً للتطرف الذي تسيد المشهد في المنطقة.. لا هذا ولا ذاك يحل قضية الإرهاب الذي أصبح مصطلحاً تجارياً من جهة وسياسياً من جهة أخرى.

الأمر يحتاج مواجهة شجاعة لإنزال خطاب جديد تقابله سياسات جديدة بعيداً عن الابتزاز السياسي.. نحتاج أن نواجه الحقيقة كما هي، وهي أنَّ هناك خللاً كبيراً في فئة محدودة يدفع ثمنه الملايين.

التيار

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..