نصوص اميمة عبد الله.. إمساك لتقنية السرد ونمذجة للشخصيات النسوية

الخرطوم – حسن موسي
القاصة والروائية أميمة عبد الله تُعد امتداداً لجيل ملكة الدار محمد وملكة الفاضل وبثينة خضر مكي وزينب بليل في مجال الكتابة الأدبية، وهي من الكاتبات الشباب اللائي يخضن في أكثر من درب من دروب الإبداع المختلفة. وأميمة إلى جانب أنها قاصة وروائية وتكتب الخاطرة فهي مهندسة وإذاعية تعمل في إذاعة المساء، فظهرت أديبة في نهاية التسعينيات من القرن الماضي وبداية العام 2000م بمجموعة قصصية وسمتها بـ (لحين إشعار آخر) جاءت أغلب أبطال مجموعتها القصصية من المهمشين وأطفال الشوارع من الذين لفظتهم الحروبات الأهلية، فكتب عنها في تلك الفترة عدد كبير من النقاد أبرزهم الناقد معاوية البلال والناقد التشكيلي إبراهيم العوام وغيرهم. وامتدت هذه التجربة فأنتجت رواية (ذاكرة مشلولة) ثم تبعتها رواية (أماديرا) التي أثارت ضجة كبيرة داخل الأوساط الثقافية بالسودان.
وأميمة عبد الله ها هي الآن ترفد الساحة الثقافية برواية جديدة سمَّتها (نور القمر) ومجموعة قصصية جاءت بعنوان (حبيبة طافية على رماد). ومن داخل قاعة اتحاد المصارف بالخرطوم التي شهدت تدشين هذه المطبوعات عبر مؤسسة أروقة للثقافة والعلوم استطلعت (اليوم التالي) كلاً من الأستاذ القاص صديق الحلو والناقد الدكتور مصطفى الصاوي الذي قال إن أميمة عبد الله هي من الكتاب الشباب الذين أثروا بالساحة الثقافية في الإنتاج القصصي والروائي في الألفية الثانية. وأبدى الصاوي بعض الملاحظات حول روايتها الأخيرة (نور القمر)، مشيراً إلى الاختلاف بينها وبين الروايتين السابقتين (أماديرا) وذاكرة مشلولة .. لافتاً إلى أنها الأفضل من حيث الشكل الفني والإمساك بخيوط السرد وجوهر الإبداع الروائي ويريان رواية (نور القمر) قامت على تقنية المذكرات، إضافة إلى الثورية التي اخذت من التاريخ السوداني (الخريجين) وحاولت قراءة هذه الفترة، وفي تصنيفه لها وضعها الصاوي ضمن الروايات النسوية من الطراز الرفيع من خلال إسناد البطولة لامرأة والتضحيات التي قامت بها. وخلص الصاوي في إفادته إلى أن هذا النص اعتمد على تقنية سردية سيرية ونمذجة لشخصيات نسوية ، وبكل تأكيد يختلف هذا النص عن تجاربها السابقة؛ الأمر الذي يشير إلى أن أميمة عبد الله تمسك بقوة على عالمها الروائي.
وفي ذات السياق أكد الأستاذ صديق الحلو أن أميمة تعشق التمرد، حيث إن التمرد هو أساس التغيير والكتابة تجربة خطرة ، فإذا كنت تكتب وترى أنه الحق سوف يزعج أحداً فنحن نستمتع بأن تزعجنا أميمة عبد الله. وذكر أن أميمة في مجموعتها القصصية (حبيبة طافية على رماد) لا تبدو مندهشة أو غرائبية، وإنما تنبع من تجربة مريرة الاضطرابات والقهر وانهيار القيم. وأشار إلى أن أميمة تحاول أن تعبر عن دواخل الناس وهي في كل رواية تنشيء عوالم جديدة فكتبت عن القمع والكبت والقهر الاجتماعي، ويرى أنها تنهل من حياة خصبة وغنية من جماليات الحياة المتفردة. وأبان أن لأميمة روحاً تمنح النص قوة ولا تخفي شجاعتها أمام وحوش القبح والاستلاب. وأكد أن كتاباتها تحس فيها بالشفافية والصفاء الشديد وهي مولعة بتجاويف المجاز والكلام وحنين التئام الموجودات والتأليف بين ضراوة متناقضاتها، حيث أجادت لعبة التشظي والاتحاد والتدرب الصبور على ممارسة الكتابة والإبداع معاً. وأوضح أنه تجلى ذلك في (حبيبة طافية على رماد) ورواية (نور القمر). وحسب قوله رأى توقف بعض الكتابات أو تكرار الأفكار عند بعضهن أو ممارسة الغموض عند إحداهن حين تتلاشى معه فنية الكتابة، وهنالك قطعاً فضاء كبير بين الإثارة التي يعتمدها البعض وبين الإبداع النصي، مشيراً إلى أن أميمة تجاوزت كل ذلك، حيث إنها تمتلك موهبة حقيقية وثقافة جيدة استطاعت من خلالها تقليص العوائق مما جعلها تنتج كتابة غاية في التشويق فكتبت بحميمية عبرت فيها عن خلجات جيلها.
وخلص صديق الحلو في إفادته إلى أن أميمة تناولت في كتاباتها المرأة الخاضعة للرجل والمرأة الثرثارة والرجل الضعيف وغيرها من الموضوعات والسؤال هل المرأة كائن يفترض فيه السرية، ولكن أميمة تكتب جهراً وبصيغ مختلفة لتوضيح تلك المشاعر المتضاربة والمتأزمة والفياضة في أعماق الأنثى وكذلك ترسم ما تلاحظه في أفعال الآخرين.
ويذكر أن هذا التدشين لروايتي (نورالقمر) و(حبيبة طافية على رماد) ألقى عليه الضوء كل من الناقدين مجذوب عيدروس وعز الدين ميرغني، حيث أشار عيدروس إلى أن أميمة نهلت في ذات المواعين الثقافية التي نهلت منها ملكة الدار محمد، مشيراً إلى أن روايتها (نور القمر) هي من الروايات الجيدة. كما أن عزالدين أشار إلى أن أميمة عبد الله أصبحت من الكاتبات اللائي يمتلكن قدرات إبداعية في مجال الكتابة الأدبية، لافتاً إلى أن المرأة هي أكثر قدرة من الرجل في التعبير عن الدواخل

اليوم التالي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..