أخبار السودان

المؤتمر الوطني.. ململة..!!

ما وراء الخبر/ محمد وداعة

ململة وانسلاخات، وتوهان وتخبط صاحبت أداء المؤتمر الوطني في الفترة الماضية، حديث هامس حول الأوضاع المتفجرة من بعض قيادات المؤتمر الوطني، مما حدا بعضو الحزب الحاكم والقيادي (سابقاً) الشفيع أحمد محمد إلى تسجيل رسالة تستحق الفحص والتدقيق لمعرفة الأسباب التي جعلت المؤتمر الوطني عبارة عن مجموعة (ميتة) لا حراك عاقل يجمع فيما بينها، ولا تربطهم إلا المصالح الحزبية وربما الشخصية.

فقد تحدث الشفيع في المقطع الصوتي عن بعض تفاصيل مجهوداته للإصلاح، وتم تداول الرسالة على نطاق واسع، ذكر الشفيع أنه عندما كان أمينا للأمانة السياسية للمؤتمر الوطني عام 2002م قام بإعداد مذكرة أشار فيها إلى أن حكم المؤتمر الوطني قد تطاول وفاق الـ10 سنين ظل خلالها يتحكم بكل مفاصل السلطة حتى كثر وساد الفساد وطالب الشفيع من خلال المذكرة بضرورة التغيير، وعندما عرضها للسيد إبراهيم أحمد عمر الذي كان يشغل منصب الأمين العام للمؤتمر الوطني آنذاك، علّق عليه إبراهيم أحمد عمر بأنك قد نعيت المؤتمر الوطني!!

ثم في عام 2009م أرسل رسالة للرئيس طالب فيها بضرورة الإصلاح ولكنه، كما قال: (إنهم فضلوا الضغط على غطاء القدر بدل إطفاء النار من تحتها)، وقد أكد أن هذه الرسالة قد نشرت بصحيفة الأحداث والصحافة بتاريخ 9 يناير 2009م، تلت ذلك عدة رسائل كان أخرها بتاريخ 12/12/2018.

ذكر الشفيع في المقطع الصوتي لرسالته أن الحل موجود بيد الرئيس ولكن ليس بلغة وصف المتظاهرين بالمأجورين والعملاء لأن المتظاهرين لديهم الأسباب الحقيقة للتظاهر ضد النظام وذكر بكل وضوح أن التظاهر في هذه المرة تحرك مسنود من الشعب وله سند حقيقي كما قال (ما كل مرة تسلم الجرة)، وطالب الحكومة بتحمل المسؤولية والبدء في اتخاذ إجراءات التخلي عن السلطة والإتفاق على فترة إنتقالية قائلاً: (لأننا خلال 30 سنة لم نحل المشاكل المتكررة وهذه فرصة حتى لا يكون الأمر أسوأ مما هو عليه)، وناشد قيادة المؤتمر الوطني والغائبين والمغييبن من الحركة الإسلامية الذين أتوا بهذه السلطة ورئيسها، لدفع الحكومة للاستجابة للشعب لأن (الحكاية دى ما ماشة وما دايرين فوضى)، ثم يتم الترتيب للفترة الإنتقالية بكل الصدق والأمانة، وقال: هذا الحراك شعبي ومشروع ومسنود، لكن لا يتم بأي طريقة لان الوضع هش فإذا قصدنا الإصلاح ستكون الفترة الانتقالية من غير انتقام وتشفي من المرارات إذا كان التخلي عن السلطة بطريقة سلمية وسلسة.

ثم قدم مقترح لكيفية الإنتقال السلس للسلطة وذلك بتولي مجموعة تمثل كل الفئات بما فيها الحركات التي ما زالت تحمل السلاح لإعداد وثيقة للخلاص الوطني ضمن فترة إنتقالية بدون فراغ دستوري مع الاعتبار التام للدولة العميقة وذلك في مدة أقصاها أسبوع فقط لأن الخطر قادم.

ثم تجاز هذه الوثيقة وتكون القوات النظامية شاهد وضامن، هذه الوثيقة توقع عليها المنظمات الإقليمية والدولية، بموجب هذه الوثيقة تسلم كل الصلاحيات للنائب الأول الذي يقوم بدوره بحل الحكومة وتسيير مهامها عن طريق وكلاء الوزارات وخلال أسبوعين يتم تكوين جسم جديد متفق عليه لإدارة البلاد بما فيها إختيار الحكومة الإنتقالية لمدة 3 سنوات يتم خلالها الإعداد لإنتخابات حرة ونزيهة.

في تقديري كمراقب للأوضاع السياسية وللأزمة الأخيرة التي فجرت الاحتجاجات، فإن الشفيع لخص بعض من أوجه الخلل المتعددة والتي أوصلتنا إلى هذا الوضع الحرج، لكنه جانب الصواب في إعتماده ابتدار الحل (السلس) لهذه الأزمة على المؤتمر الوطني وقيادات الحركة الإسلامية، وهم نفس المكونات التي تسببت في الأزمة، سبب لهذا التدهور الكبير، فهم أشخاص يدارون ويتم التحكم فيهم بالإشارة فقط وما حدث في إجازة الحكومة الأخيرة خير دليل حيث صرح الكثير من قيادات المؤتمر بأن الإختيار تم دون معرفة تامة للشخصيات المكونة لهذه للحكومة وتم تغييب كل مؤسسات الحزب.

وبالرغم من ذلك أجازوا الحكومة دون علم بمن يمثلهم ربما خوفا على مصالح شخصية فهم يخشون مجرد إبداء أية ملاحظات فكيف يكون بمقدورهم إقناع قياداتهم بالتخلي عن السطة؟ و مع تقديرنا لمساهمة الأستاذ الشفيع أحمد محمد إلا أنه يؤسفنا القول، أن الاوضاع تجاوزت مرحلة التسوية بهذا الأسلوب الذي ربما حافظ على استمرار الحزب الحاكم والحركة الإسلامية كفاعل رئيسي في الحياة السياسية، بسبب الغيبوبة التي يعيش فيها النظام، وعدم قدرته على قراءة الخريطة الجديدة للمكونات الاجتماعية والسياسية الصاعدة، وبسبب التصعيد الحكومي العنيف، واستمرار نفس الخطاب الحكومي البالي لمستمعين غير موجودين، والصدمة التي قصد منها رئيس الوزراء تمرير سياسات اقتصادية قاسية كما سماها، ارتدت على الحكومة صدمة مرتدة ورافضة.

كان من الطبيعي أن تتحول وتتطور إلى رفض تام للنظام برمته، وعليه فان إطالة أمد المعركة لا يعني حسمها، ومحاولة تجفيف وتجريف موارد الاحتجاجات، لن يؤدي إلى توقفها، وإذا كان أغلب أهل الوطني لا يرون إلا ما يراه الشفيع، فماذا تنتظرون؟ فمن لم يستطع فليقل خيراً، أو ليصمت، إن الوطني يسعى للصدام إن فكر في تسيير موكب لدعم الحكومة في هذه الظروف.

الجريدة

تعليق واحد

  1. ينسلخو و يتجلخو يتململو و يتلولوو .. مصيرهم في النهاية انهم حيتخارجو و في مزبلة التاريخ سيدونو

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..