طب يطب فهو طبيب «مجازاً»

مازال العديد من الآباء والأمهات يرغمون أولادهم وبناتهم على دراسة الطب، من منطلق «البرستيج»، ويقول الواحد منهم: الولد بيدرس طب، ويحس ساعتها أنه صعد عدة درجات في سلم المجد الاجتماعي، وليس مهماً عنده أن الولد كان يريد أن يدرس المحاسبة أو علم النفس، بل المهم أنه رفع رأس العائلة عالياً بدخول كلية الطب، ولهذا صار عدد كليات الطب عندنا أكبر من عدد رياض الأطفال، وصار القبول فيها أسهل من دخول الحمام في الأسواق العامة، وبعد أن نشطت بعض الدول العربية فيما صار يعرف ب «السياحة الطبية»، صارت بلادنا جاذبة لأطباء من الشرق والغرب، وتكاثرت العيادات والمستشفيات الخاصة مثل الفطر، وبالتالي اكتشف أصحاب القروش والكروش ،أن إنشاء كليات للطب، تجارة رابحة، حتى صار عددها يفوق عدد المطربات، فكلما يتطلبه إنشاءها، هو غرف واسعة بكل منها سبورة، وفي بلد يستطيع فيه جرسون في مطعم، أن يعمل كاختصاصي جهاز هضمي «ربما باعتبار أنه زي بعضه طالما الأمر يتعلق بالأكل والهضم»، فما أسهل تدريس الطب وإنشاء كليات للطب، وتخريج أطباء بنظام «دردم ازقلا»
دراسة الطب تضمن للدارس مستقبلاً محدداً وشبه مضمون، حتى وإن صار الأطباء عاجزين عن توفير أساسيات المعيشة لعائلاتهم، قبل انقضاء 12 سنة على دخولهم الحياة العملية، فلأننا لا نقدَّر أن الطبيب العمومي هو عصب الخدمات الطبية، فإننا لا نعرض عليه شروط خدمة لائقة، ومن ثم فإن حلم كل طبيب هو أن يصبح «اخصائياً»، ثم استشارياً، وبهذا وحده يضمن الراتب المحترم والمكانة اللائقة، ويفوت على الآباء والأمهات الذين يرغمون عيالهم على دراسة الطب، أنهم يزجون بهم في ميدان شاق وصعب ،فدراسة الطب تتطلب صبراً وجلدا ومثابرة ودأبا اعلى مدى لا يقل عن ست سنوات، فلا تنخدعوا بسهولة مناهج الجامعات البروس، لأن الطبيب يظل معظم سنوات عمره خاضعا الامتحانات، للانتقال من مستوى مهني إلى آخر.
وما هو أهم من الجانب الأكاديمي، هو أن يكون دارس الطب راغباً في دخول ميدان الطبابة، ومستعداً نفسياً لتحمل أعباء ضخمة تتطلب قوة التحمل و «طول البال» والحس الإنساني، وجميع المستشفيات في جميع أنحاء العالم تكلف الطبيب في مرحلة أو أخرى بأن يعمل 36 ساعة متصلة أو أكثر، والطبيب ـ ومهما علت درجته الوظيفية ـ يجب أن يكون مزوداً على الدوام بجهاز اتصال، لأنه من الوارد استدعاؤه للعمل خلال عطلته الأسبوعية أو السنوية أو العارضة، والجراح قد يعمل يوما ثماني ساعات ويوماً آخر 14 ساعة متصلة «بدون أجر إضافي» ،ومع هذا فإن المهن الطبية لم تعد مجزية مالياً، ولم يعد الأطباء ـ خصوصا صغارهم، مرفهين ومدللين ومميزين كما كان حالهم قبل 25 سنة مثلاً، ومن طلعوا فيها هم أطباء التجميل، بعد أن صار الهوس بالجمال وبائياً، وصار حلم كل فتاة أن يكون أنفها في جمال أنف جعفر عباس، القادر على شفط الأوكسجين وسط حريق في محطة بترول، وصار شفط الدهون من البطن والأرداف عملاً روتينياً في العديد من المستشفيات الخاصة، وصار بإمكان أي فتاة أن تدخل عيادة تجميل وهي تحمل ألبوماً من الصور وتقول للدكتور: أريد شفتي نوال الزغبي، وعيون كديس، وأنف بنت العجرمية ورقبة قزازة عصير!! وأدى الهوس بالجمال المفبرك عن طريق الجراحات إلى تطور مذهل في طب التجميل لأن الاعتبارات التجارية هي التي تحرك شركات الأدوية والبحوث الطبية، وقد يجري أبو الجعافر قريباً جراحة تجميل بعد أن قرأ في مجلة «جيرنل أوف دينتال ريسيرش «،المتعلقة بأبحاث طب الأسنان أن مستشفى كنجز كولد جفيلندن نجح في تزريع الأسنان باستخدام الخلايا الجذعية ،بنفس طريقة تزريع الأعضاء فحالي لأسناني «يكسف»، لأنني، وكنتاج للسياسة السودانية، ظللت أحسم كل ضرس يزعزع استقرار فمي بالاستئصال، ثم اضطررت الى الاستنجاد بالأضراس المؤقتة، مجاراة لحكومتنا التي تستخدم المسكنات المؤقتة لعلاج علل البلاد المستعصية.

الصحافة

تعليق واحد

  1. صدقا لي كلامك استاذ جعفر كنت أحد ضحايا ما تتحدث عنه
    أحمد الله على حالي الان والطب مهنة عظيمة و تمنح صاحبها كثير من الرضى الذاتي self satisfaction غير الأجر العظيم لمن اخلص وعمل بضمير
    كنت ارغب ان ادرس الفيزياء لحبي لها اقنعني والدي جزاه الله عنى خير الجزاء ومتعة بالصحة والعافية ان ادرس الطب وكان له ما أراد لست نادما على شيء ولكن اعتقد انه اذا درست ما ارغب به لربما تفوقت وكانت حياتي أسهل وأخذت عهدا على نفسي ان لا اتدخل فيما يريد ان يدرس أبنائي
    ربط نوع الدراسة البرستيج الاجتماعي وبالرزق خطأ فكم من ملياردير اكتفى بالتعليم الابتدائي وكم من بروف كان كالحمار يحمل أسفارا لسوء أخلاقه
    التعليم عندنا منفصل عن الواقع تماما إلا لماما والهرم مقلوب مثلا كليات الطب أكثر من كليات التمريض التعليم الحرفي والمهني الذي له علاقة مباشرة بالتنمية مهمل وكل الخريجين افندية خريجي كليات نظرية وجيش من العطالى يتنافس على فرص ضيقة ولا يرضى بمهن أخرى هي شريفة وواقعية ومجزية لان اهله زرعو فيه احلام زائفة

  2. نسيت ان تذكر ياابوالجعافر هوس تبييض البشره عند الفتيات الذى صار وباء مع ماله من اضرار طبيه واقتصاديه . ان مايصرف على استيرات كريمات التببض بالاخضر اللونو زرعى (الدولار) عملة الكفر يكفى لتأهيل جميع مستشفيات السودان .البنت صارت مسخ مشوه . قال صلاح احمد ابراهيم ( يامريا.. انا من افريقيا..من صحرائها الكبرى.. .حرقتنى الشموس ..صيرتنى كعود الابنوس) قريبا سوف تختفى اغنيات مثل ( ياحليلك يا اسمر ابيت لعيونى نظهر), ( اسمر اسمر ياسميرى) وعلى صديقنا ازهرى محمد على النظر فى اغنيته الرائعه وضاحه التى يقول فيها( يابنية من خبز الفنادك ..غابة الابنوس عيونك ) لان العيون مع العدسات صارت شىْ اخضر ,شىء ازرق عيون كديس الخ ,

  3. صدقا لي كلامك استاذ جعفر كنت أحد ضحايا ما تتحدث عنه
    أحمد الله على حالي الان والطب مهنة عظيمة و تمنح صاحبها كثير من الرضى الذاتي self satisfaction غير الأجر العظيم لمن اخلص وعمل بضمير
    كنت ارغب ان ادرس الفيزياء لحبي لها اقنعني والدي جزاه الله عنى خير الجزاء ومتعة بالصحة والعافية ان ادرس الطب وكان له ما أراد لست نادما على شيء ولكن اعتقد انه اذا درست ما ارغب به لربما تفوقت وكانت حياتي أسهل وأخذت عهدا على نفسي ان لا اتدخل فيما يريد ان يدرس أبنائي
    ربط نوع الدراسة البرستيج الاجتماعي وبالرزق خطأ فكم من ملياردير اكتفى بالتعليم الابتدائي وكم من بروف كان كالحمار يحمل أسفارا لسوء أخلاقه
    التعليم عندنا منفصل عن الواقع تماما إلا لماما والهرم مقلوب مثلا كليات الطب أكثر من كليات التمريض التعليم الحرفي والمهني الذي له علاقة مباشرة بالتنمية مهمل وكل الخريجين افندية خريجي كليات نظرية وجيش من العطالى يتنافس على فرص ضيقة ولا يرضى بمهن أخرى هي شريفة وواقعية ومجزية لان اهله زرعو فيه احلام زائفة

  4. نسيت ان تذكر ياابوالجعافر هوس تبييض البشره عند الفتيات الذى صار وباء مع ماله من اضرار طبيه واقتصاديه . ان مايصرف على استيرات كريمات التببض بالاخضر اللونو زرعى (الدولار) عملة الكفر يكفى لتأهيل جميع مستشفيات السودان .البنت صارت مسخ مشوه . قال صلاح احمد ابراهيم ( يامريا.. انا من افريقيا..من صحرائها الكبرى.. .حرقتنى الشموس ..صيرتنى كعود الابنوس) قريبا سوف تختفى اغنيات مثل ( ياحليلك يا اسمر ابيت لعيونى نظهر), ( اسمر اسمر ياسميرى) وعلى صديقنا ازهرى محمد على النظر فى اغنيته الرائعه وضاحه التى يقول فيها( يابنية من خبز الفنادك ..غابة الابنوس عيونك ) لان العيون مع العدسات صارت شىْ اخضر ,شىء ازرق عيون كديس الخ ,

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..