اليوم.. هبة ثورية باسم “تحرير الخرطوم” مرة أخرى

الخرطوم: عبدالناصر الحاج
يوم الذكرى
منذ انقلاب الـ25 من أكتوبر، انتظمت لجان المقاومة السودانية في تصعيد ثوري كبير وفقاً لجداول زمنية متفق عليها وبمساندة قطاعات عريضة من جماهير شعب السودان، وعلى الرغم من أن القائد العام للجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان كان قد أوضح بأن تلك الاجراءات التي قام بها لا تعدو أن تكون غير اضطرار لأجل تصحيح مسار الثورة السودانية بعد أن اختطفتها قوى سياسية معدودة – بحسب زعمه، إلا أن الثوار لم يلتفتوا لهذا الحديث ولم يعيروه اهتماماً وعلى الفور أعلنوا الثورة الهادفة لإسقاط من سموهم بـ”الانقلابيين”، وفي سبيل ذلك دفع الثوار أثمان باهظة حيث فقدوا فيها كثير من الرفاق الذين لقوا حتفهم جراء استخدام الرصاص الحي من قبل القوات الأمنية، على الرغم من أن رواية السلطات الرسمية لا زالت تتمسك بأن الجهة التي أطلقت الرصاص مجهولة وأسمتها بـ”الطرف الثالث” وأن الحكومة شرعت في تشكيل لجان تحقيق لمعرفة الجناة، وفي غضون ذلك تواصل الحراك الثوري ولم يتوقف عند محطة اتفاق البرهان ورئيس الوزراء في 21 نوفمبر، بالرغم من أن الاتفاق لاقى ترحيباً دولياً وإقليمياً بحسبان أنه كان خطوة مهمة في طريق التراجع عن الانقلاب العسكري وبحسب الرؤية الدولية، وبعد نجحت لجان المقاومة في الإيفاء بتنفيذ كل جداول حراكها الثوري، تبقى لهم تنفيذ مليونية اليوم الـ19 من ديسمبر، والتي تأتي بالتزامن مع ذكرى ثورة ديسمبر المجيدة التي تعني للثوار ذكرى الفخر بقدرتهم على إسقاط البشير عبر ذات الوسائل السلمية التي يتبنوها الآن في حراكهم ضد المكون العسكري الحاكم الآن.
موقف الاستعدادات
وبمجرد الفراغ من مليونية الـ17 من ديسمبر، ارتفعت الدعوة بشكل كبير لانجاز مليونية اليوم والتي أولاها الثوار اهتماماً بالغاً وأطلقوا عليها اسم مليونية تحرير الخرطوم، وبالمقابل استجابت لجان المقاومة في جميع مدن السودان لهذه الدعوة وقرروا الخروج اليوم لإعلان رفضهم لاتفاق البرهان حمدوك، وكذلك انضمت العديد من التكتلات الثورية وعدد من القوى السياسية لهذه الدعوة وأعلنت عن استعدادها للخروج اليوم، وكانت العاصمة الخرطوم وعدد من مدن السودان شهدت الخميس والجمعة والسبت، حراكاً ثورياً دعائياً لمليونية اليوم، ووجدت هذه التعبئة السياسية تفاعلاً وتجاوباً كبيراً من قبل المواطنين، خصوصاً في ظل تباطؤ ملحوظ لرئيس الوزراء عبد الله حمدوك منذ أن تمت إعادته لمنصبه في عدم القدرة على تشكيل حكومته وعدم التوصل لاتفاق سياسي جديد مع قوى الثورة التي تتمسك بالتصعيد الثوري لرفض الانقلاب وترفع شعار اللا تفاوض واللا شراكة واللا شرعية، ورصدت (الجريدة) تفاعلاً منقطع النظير على منصات التواصل الاجتماعي مع الدعوة لحراك اليوم، كذلك تداول النشطاء الأنباء عن قدوم مواكب ثورية من خارج ولاية الخرطوم للمشاركة في مليونية اليوم من داخل الخرطوم، والتي حددت لها لجان المقاومة ” القصر الجمهوري” مساراً نهائياً للمواكب، وأصدرت عدد من لجان المقاومة عزمها للسير نحو الخرطوم سيراً على الأقدام، مثل لجان مقاومة محلية الحصاحيصا، وبالمقابل أعلنت لجان الخرطوم استعدادها لاستضافة الثوار في حال أقدمت السلطات على إغلاق الكباري، وتداولت منصات التواصل الاجتماعي أنباء عن احتمالات قيام السلطات بقطع خدمة الانترنت والاتصال، إلا أن لجان المقاومة أكدت جاهزيتها للتعامل مع كل هذه الاحتمالات، بل ذهبت بعض لجان المقاومة بمدينة أمدرمان للإعلان عن إنها سوف تقوم بعبور النهر سباحة للخرطوم في حال تم إغلاق الكباري الموصلة للعاصمة الخرطوم حيث ينتصب القصر الجمهوري هناك.
مخاوف مشروعة
وفي غضون هذه الأجواء المشحونة بالحماس الثوري الشديد، ارتفعت مخاوف عدد من المواطنيين من احتمال وقوع عنف خلال التظاهرات اليوم، وقد ساعدت الأحداث التي شهدتها ندوة لقوى إعلان الحرية والتغيير مساء الجمعة بميدان الرابطة شمبات بمدينة بحري، على ارتفاع وتيرة هذه المخاوف، واعتبروا بأن ما حدث من عنف وإطلاق للغاز المُسيل للدموع لتفريق ندوة سياسية، فهو مؤشر بأن السلطات لن تتساهل في التعامل مع مظاهرات اليوم خصوصاً وأن تظاهرات اليوم ترفع شعاراً ثورياً قوياً وهو محاصرة القصر الجمهوري من كل الاتجاهات لإجبار السلطة على الرحيل وهو ذات الأمر الذي يعتبره مواطنون بأنه السلطات سوف تقاومه بأية طريقة وبأية ثمن، غير أن آخرون قللوا من هذه الفرضية مؤكدين بأن اتفاق البرهان حمدوك يحتاج انضباطاً شديداً من قبل السلطات حتى يعبر إلى بر الأمان، وأن أية تعامل عنيف مع المتظاهرين سوف يرتد سلباً على الجدوى من كل هذا الاتفاق، خصوصاً وأن المجتمع الدولي وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية أكدت مراراً وتكراراً على أنها تقف إلى جانب الشعب السوداني في رحلة تطلعاته وبحثه عن الحرية والديمقراطية ورفضه لاستيلاء العسكر على السلطة، وظل المجتمع الدولي بما فيه البعثة الأممية في السودان يحث الحكومة على الدوام على احترام حرية التظاهر والتعبير والابتعاد عن استخدام العنف المفرط تجاههم.
كواليس
فض ندوة قوى الحرية والتغيير.. قراءة أخرى !!
أطلقت قوى الحرية والتغيير بيانا حول تخريب الندوة الجماهيرية بميدان الرابطة شمبات ببحري وقالت قوى الحرية والتغيير أن عناصر قامت بتخريب أول ندوة جماهيرية دعت لها قوى الحرية و التغيير بميدان الرابطة بشمبات مساء الجمعة الموافق ١٧ ديسمبر ٢٠٢١، وان العناصر قامت بقصف الندوة بقنابل الغاز المسيل للدموع و الهجوم عليها بالأسلحة البيضاء وتحطيم الكراسي و معدات الندوة و الاعتداء على أجهزة الإعلام و الحضور من المواطنين. وأدانت القوى الحادث ودعت المجتمع الإقليمي والدولي أن يدرك قبل فوات الأوان أن اتفاق ٢١ نوفمبر لن يؤدي إلى الإصلاح. بالمقابل سجلت أعداد كبيرة من صفحات السياسيين والنشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي إدانة بالغة للعنف الذي تعرضت له ندوة الحرية والتغيير واعتبروه انتكاسة كبيرة في قيم الحرية واحترام الرأي، فضلاً عن أن ذلك يهدف إلى إعاقة منهج البحث عن وحدة قوى الثورة السودانية، كذلك أدان الحزب الشيوعي السوداني، اليوم السبت، الهجوم الذي تعرّضت له ندوة قِوى الحرية والتغيير مساء الأمس الجمعة بميدان الرابطة شمبات بحري، حيث تعرّض الحاضرون للندوة لإطلاق عبوات الغاز المسيل للدموع، مما أدى إلى تفريق النشاط الجماهيري المقام. وعبّر الحزب في بيان صحفي له، عن استهجانه لعدم قيام الأجهزة الأمنية بدورها الطبيعي في حماية التجمعات السلمية وحرية التعبير، وأضاف “إنّ الهجوم تقف وراءه فئة من الفلول ومن خلفها الأجهزة الأمنية التي تمدها بالعبوات المسيلة للدموع”. وأوضح “أن الهدف من هذه الأحداث المختلقة يصب في اتجاه المحاولات الحثيثة لحرف مسيرة الثورة وخروجها عن سلميتها ليسهل ضربها من قبل الفلول والأجهزة الأمنية”، بالمقابل أدانت لجان المقاومة هذا العنف ووصفته بأنه يضاهي سلوك السلطة الانقلابية في التعامل مع الرأي الآخر، إلا أن كثير من المراقبين، وصفوا ما حدث في ندوة الحرية والتغيير بأنه هو الضارة النافعة، ورأوا أن في ذلك خيراً لمسيرة الحراك الثوري، حيث أنه كسر الحواجز النفسية بين الحرية والتغيير والشارع، وأن الذي حدث أثبت أن هناك أطراف تعمل لصالح الفئة الانقلابية لا تريد وحدة قوى الثورة ولا ترحب بعودة الحرية والتغيير إلى صفوف الثوار في الشارع، وهو ذات الأمر الذي استيقظت على هوله الآن لجان المقاومة وعدد من مكونات قوى الثورة وبات الأمر يُناقش على نحو أكثر رحابة بأن الشارع يسع الجميع وأن قيام جبهة شعبية عريضة بات هو المطلب الأوحد والجامع لكل الذين يقاومون سلطة الانقلاب.
همهمة الشارع
ثم ماذا بعد مليونية اليوم إذا لم تتحقق الأهداف ؟
يتساءل مواطنون كُثر عن أن المد الثوري الذي ينتظم البلاد هذه الأيام يجد ترحيباً وتشجيعاً قوياً من لدن كثير من المواطنيين، بيد أن الغالبية وجدت نفسها تنظر إلى مليونية اليوم وما يتحقق من نهايتها، شاهرين السؤال: وماذا إذا لم تبلغ الثورة اليوم إلى نهايتها؟.
سؤال الملف
تُرى كيف ينظر ضباط وجنود القوات المسلحة إلى عزيمة وإصرار الثوار في مواصلة الجداول التصعيدية ضد قيادات المؤسسة العسكرية؟.
الجريدة
يجب تحرير الخرطوم من قحط المنسدة وأذنابها الدودية عد أن تحررت من المؤتمر الوطني.
شكرا حمدوك.. خليك قوي وما تخاف من النفخة الكضابة بتاعت قحط والكريستالات (من مخدر الميث كريستال).
ثوار من الشارع وسواقة المناظراتية بالخلا