أخبار السودان

السودان وجنوب السودان : متى تتوقف الحروب؟

محجوب محمد صالح

نبأ نُشر بالأمس ربما لا يكون قد لفت نظر الكثيرين ولكنه نبأ له دلالة كبيرة بالنسبة لعلاقات السودان مع دولة جنوب السودان؛ إذ أعلن برنامج الغذاء العالمي العالم في السودان أنه نجح في نقل مئات الأطنان من المواد الغذائية عبر البواخر النيلية من ميناء كوستي في السودان إلى مدينتي الرنك وودكونا في ولاية أعالي النيل بجنوب السودان، وهي أول رحلة نيلية تقطع هذه المسافة منذ أكثر من ثلاث سنوات حين أغلقت الحدود بين البلدين بسبب النزاع الذي أعقب انفصال جنوب السودان، وكان لإغلاق الحدود أثر سلبي على العلاقة بين مواطني البلدين فقطع بصورة كبيرة التواصل الاجتماعي بينهما، وأوقف إلى حد كبير التبادل التجاري إلا عبر نشاط المهربين.

لقد ترتب على ذلك أن اضطر برنامج الغذاء العالمي وغيره من المنظمات التي تقدم العون الإنساني للمناطق المنكوبة في جنوب السودان إلى اللجوء لنقل المواد الغذائية جوا عبر الطائرات، ما يكلف أموالا طائلة تستنفذ أغلب الاعتمادات المالية للإغاثة وتقلل كميات الأغذية التي تصل الجنوب فتزيد من مخاطر المجاعة هناك.

كما أن إغلاق الحدود أفقد السودان موردا هاما من عائدات التجارة بين السودان ودولة جنوب السودان وفتح الباب أمام النشاط التهريبي نسبة للحاجة الماسة للجنوبيين واعتمادهم على السلع السودانية، وهو أمر يضر بمصلحة البلدين، ورغم أن الدولتين توصلتا إلى اتفاقات وقعا عليها قبل عامين فإن تنفيذها على الأرض لم يكتمل، وما زال ترسيم الحدود بينهما متوقفا وجاءت الحرب الأهلية الأخيرة لتوقف أي نشاط لتوفيق الأوضاع وتطبيعها بين البلدين، واضطرت جمعيات الإغاثة الدولية أن تعمتد على الطيران عالي التكلفة لنقل مواد الإغاثة، ما أرهق ميزانياتها وقلل من الكميات المتاحة لأن تكلفة الترحيل الجوي تؤثر على ميزانيتها، ولهذه الأسباب فقد احتفى برنامج الغذاء العالمى أيما احتفاء بنجاحه في تسيير أول باخرة لينقل أربعمائة وخمسين طنا من المواد الغذائية إلى ولاية أعالي النيل تمكنه من إنقاذ ستة وعشرين ألف شخص من المجاعة في تلك المنطقة، وستقود إلى المزيد من الرحلات النيلية لنقل أكثر من عشرين ألف طن من المواد الغذائية خلال الرحلات التالية، وقد تم فتح هذا الممر المائي الهام بين البلدين وإقناع أطراف الصراع المسلح عبر مشاورات ومفاوضات بين المسؤولين في البلدين حتى وضعت الترتيبات النهائية لعملية النقل التي بدأت بالأمس.
على أن الدرس الأهم من كل هذه العملية هو أهمية السلام في المنطقة وأثره على تطبيع العلاقات بين البلدين والفوائد التي يمكن أن يحققها السلام لصالح الجميع، وحتى الفرقاء المتصارعين في جنوب السودان وافقوا على مرور هذه الشحنات وعلى عدم التعرض لها لأنها ستسهم في إنقاذ السكان المحليين، ولكن مصالح البلدين لن تتحقق بشكل كامل ما لم يتحقق السلام الكامل داخل الجنوب وداخل الشمال وبين الدولتين.

وهذه الواقعة تثبت هذه الحقيقة البسيطة والتي ظلت غائبة عن أجندة أطراف الصراع المحتدم هنا وهناك وهم يصعدون صراعاتهم حاليا ويعودون إلى مربع الاتهامات المتبادلة.

الصراع لا يزال محتدما داخل كل من السودان وجنوب السودان وقد تعطلت لغة الحوار تماما أمام أصوات المدافع، وبالتالي فإن مصالح الشعبين تتأثر سلبا كل يوم ومثل هذه الواقعة المحدودة ينبغي أن تحتل موقعا هاماً في تفكير النخب المتصارعة وترسل إشارة إلى أن الحرب والدمار سيقضي على آمال المستقبل لدى أهل البلدين، وأن تجاربهم السابقة قد أثبتت أن كل المعاناة الحالية سببها الأساسي هو هذه الحروب الداخلية والأنظمة الشمولية، وستظل نجاحات برنامج الغذاء العالمي في تسيير أول باخرة من كوستي إلى الرنك وتوفير الغذاء لآلاف الناس مثالاً وحيداً ومنعزلاً ولكنه مثال مضيء لما يمكن أن يتحقق إذا ما عم السلام البلدين لو كانت القيادات التي تقبض على أزمة الأمور تدرك هذه المعاني.

انفصل الجنوب ولكن الأزمة السودانية بتجلياتها الشمالية والجنوبية لم تتأثر وظلت قائمة في البلدين والصراع الدموي لا يزال يدور هنا وهناك؛ ولذلك تكتسب عملية تسيير هذه البواخر على هذا الخط الملاحي النهري أهمية (رمزية) لأنها ترسل إشارة واضحة تؤكد أنه لا نماء ولا استقرار ولا تقدم إلا عبر ترسيخ السلام. السلام صنو للتحول الديمقراطي ولن يقوم أي مشروع وطني سليم في أي من البلدين إلا على ساقين هما السلام والديمقراطية، ولا مخرج إلا بتعبئة كل الطاقات والقدرات في سبيل إنجاز هذه المهمة مهما كانت العقبات التي تعترض الطريق الآن وليكن هذا هو الوعد الذي نستقبل به العام الجديد!!?
? [email][email protected][/email] العرب

تعليق واحد

  1. ي استاذنا الجليل سلامات
    اولا الرقعة الجغرافيا التي تحتوي داخلها قبائل شتي المسمية ب السودان هي قطعة من جهنم كتب علي قبائلها الشقاء والنحس اين ما ولوا هل تصدق حتي الطبيعة ضدنا كل البلاد بها 4 مواسم نحن 3 مواسم وكمان متعاركات انها قسمتنا من الله انها قدرنا ولا راد لقدر الله غيرة ف البؤس ودالكلب ملاحقنا ف قبورنا ومقابرنا و س يلجسنا لحس

  2. النظامان الحاكمان بدولة السودان ودولة جنوب السودان الوليدة يكتنفها الكثير من الغبن والرواسب القديمة
    النظام الحاكم في السودان يحس بمدى الفشل والغباء والبلاهة التى ركاه في مصيدتها الحركة الشعبيه الحاكمة في الجنوب والتى خطط لها الصهاينة كل شئ من قرار مجلس الامن 1593 والمحكمة الجنائية لابتزاز النظام الحاكم في السودان الذي خضع تماما للابتزاز والتهديد والتهويش ووقع منكسرا على المشئومة نيفاشا بل وقد امعنوا في اضطهاده بان الحقوا بروتوكولات ثلاثة داخل حدود 1956م بمثابة استنساخ لانفصال جنوب كردفان والنيل الازرق وابيي بكل سهولة ويسر وهاهو النظام الحاكم قبل ايام يقر بامتثاله لاتفاقية نيفاشا اساسا لحل مشكلة المنطقتين ( ج كردفان والنيل الازرق) وفقا لاتفاقية نيفاشا مما زاد احساسه بانه مازال مسلسل هوانه وقلة حيلته مستمرا
    وما زالت الحركة الشعبية الحاكمة في جنوب السودان تتعامل بنفس المعايير مع النظام الحاكم في السودان وتسلح وتدعم المعارضين على نحو واضح وما زال استجداء النظام الحاكم في السودان لها بالالتزام بالاتفاقيات الموقعة بينهما واستقباله للاجئين الجنوبيين كسودانيين كل ذلك يحسبه النظام الحاكم في جوبا نوعا واستسلاما لذلك اصبح يمارس سياسة صفع النظام الحاكم في خده الايمن وتقبيل خده الايسر بعد ذلك وهلمجرا

  3. Peace b/w the two countries will prevail only if there is something connecting them as one block!….. I am sure if this small step is given encouragement by the two countries, many more good things will be coming ahead…….. The only fear now is the recent rebellion in South Sudan and which is being supported by Sudan, may take us back to square one again. Because South Sudan might restart supporting their comrades in SPLM-N, JEM and other Darfur rebels after stopping it due to heavy pressure from the IGAD & International Community. But I am optimistic and hopeful that traders will start their business soon b/w the two lovely countries.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..