مقالات سياسية

استمرار القمع وخطاب التضليل ، لن يقود لهزيمة الثورة !!! 

د. أحمد عثمان عمر 
الثالث عشر من ديسمبر ٢٠٢٢م، ومليونية اللاءات الثلاثة تتجه نحو قصر الانقلابيين مجددا ، مؤكدة في اصرار استمرار الثورة ، ورفض التسوية المجزأة عبر الإتفاق الإطاري المعيب ، المخصص لإحتواء الثورة وتصفية قواها الحية. وكما هو متوقع ، ووجهت المليونية بقمع مفرط غير مسبوق ، في محاولة لتحويل الأمر إلى حرب شوارع بين المتظاهرين السلميين العزل ، وقوات الانقلاب النظامية المدججة بالاسلحة المختلفة ، والمعادية لتطلعات شعبنا في الحرية والعدالة والسلام . وهو قمع ، تمدد إلى الاقاليم ومدينة الدمازين مثال لذلك ، حيث قوبلت مسيرات طلاب المدارس الثانوية بعنف مفرط في منطقة حساسة تعاني من توترات قبلية وتخريب لنسيجها الإجتماعي من الانقلاب والحركات المسلحة الملتحقة باللجنة الامنية عبر إتفاق جوبا. وبالطبع لم يكن القمع المفرط هو الوسيلة الوحيدة لتمرير إتفاق التسوية الإطاري وشراكة الدم الجديدة بل تواصلت محاولة التضليل من قبل (قحت) ودعائييها مع بعض المثقفين قصيري النظر برغم حسن نية البعض الذين لا يدرون ان الطريق إلى جهنم الشراكة الجديدة معبد ببعض النوايا الحسنة . فبدلا من الدفاع عن الإتفاق الإطاري وفقا لمحتواه الذي لا ظهرا ابقى ولا ارضا قطع ، يحاولون تسويقه عبر النظر الى من يعارضوه والمساواة بينهم ، بالرغم من التناقضات الجوهرية بينهم ، والاختلاف الجذري بين مشاريعهم السياسية. فمثلا يساوون بين معارضة الحزب الشيوعي وقوى التغيير الجذري للتسوية القائمة على لاءات الشارع الثلاثة ومعارضة المؤتمر الوطني (يسمونهم الكيزان وكأن لجنة الانقاذ الحاكمة والمؤتمر الشعبي ليسوا كيزان) القائمة على رفضهم لعزل جناحهم السياسي وإقصاءه من التسوية ، وكذلك معارضة حركات جوبا القائمة على الخوف على معادلة المحاصصة برغم الاعتراف بإتفاق جوبا الذي يستحيل ان يكون اتفاق سلام. كذلك يتم إستخدام صمت العسكر كدلالة على صحة الإتفاق الإطاري. هذه القراءة المضللة خاطئة من عدة اوجه ، وهي  غير صحيحة لما يلي من اسباب:
١- الإتفاق لن يفكك نظام المتاسلمين ، بل سيقود إلى مشروع المنظومة الخالفة التي ارادها الترابي ، والدلالة على ذلك قبول المؤتمر الشعبي به لأنه خطوة في اتجاه المشروع. فجوهر هذه المنظومة هو الحفاظ على التمكين ، مع التخلص من قيادة المؤتمر الوطني. الكيزان الرافضين هم فلول المؤتمر الوطني ، الذين لا يكتفون بسيطرة ذراعهم الامني العسكري ، ويرغبون في العودة كتنظيم للسلطة . وهؤلاء رافضون لاقصائهم فقط من الترتيبات ، وعدم السماح لهم بالالتحاق بها.
٢- الحركات رافضة ليس لان الاتفاق سيملأ الفراغ الدستوري لأن اتفاقية جوبا تم الاعتراف بها حتى على مستوى مشروع الدستور المنسوب للجنة تسيير نقابة المحامين ، مما يعني ان وضعها الدستوري محفوظ ، وهي رافضة لأن الإتفاق يعيد شركاء أقوياء مقارنة بهذه الحركات للسلطة ، ويوسع من دائرة المحاصصة ، ويفقدهم حتماً بعض المناصب والمكاسب والانفراد بالعسكر في حالة المساكنة غير الشرعية الراهنة ، مع ظهور حاضنة جديدة للسلطة لا يسيطرون عليها.
٣- صمت العسكر ليس الغرض منه افشال الإتفاق ، على العكس الغرض منه انجاح الإتفاق. فالإتفاق اعطاهم قبلة الحياة ، ووفر لهم دعم المجتمع الدولي ، وقنن افلاتهم من العقاب واستمرارهم في السيطرة عبر مجلس الامن والدفاع ، واستعاده دور المجتمع الدولي في دعم كل ما تقدم . فصمتهم هو للسماح ل (قحت) بالترويج لهذا الاتفاق بصورة تضليلية واسعة ، وعدم احراجها بوجودهم في ساحة السجال السياسي ، مع تفادي الاصطدام بالحركات المسلحة ، وعدم اتخاذ أي مواقف سياسية تؤثر على تمرير هذه التسوية.
تمرير هذا الإتفاق ، هو مساعدة فاعلة في تصفية الثورة ، وتمكين لدولة التمكين عبر واجهة مدنية تؤسس للافلات من العقاب الذي يبدأ بعدم محاسبة العساكر على انقلابهم نفسه!!! .
والواضح أن هذا الخطاب المضلل قد القت به مليونية اليوم في سلة المهملات ، حين سارت وتملكت شوارعها ، واكدت أنها قادرة على التصدي للقمع المفرط وخطاب التضليل معا ، وأنها لم تتأثر بهذا الخطاب ، الذي تعلم أنه لن يتوقف بل سيستمر لمواكبة ادوات القمع ومساندتها ، في تكامل ادوار الشريكين في شراكة الدم الجديدة.
وقوموا الى ثورتكم يرحمكم الله!!! .

‫3 تعليقات

  1. زمان كانت هناك قصيدة حلمنتيشية تحكي عن مستحيلات تقول في صيغة سؤال استنكارى :النيل بمر بكردفان /الروس بيصالحوا الامريكان والا الاساتذة بحلوا لينا الامتحان ؟! ولو اتي بشاعرنا الزمن الي وقتنا هذا ترى هل سيستنكر ان يقف الشيوعي مع الكيزان !! صدقا عش رجبا ترى عجبا

  2. أكبر خطاب تضليلى هو ما يمارسه اليسار السودانى تحت لافتات وتحالفات مضلله ومشبوهة
    الحمد لله تحللت القوى الوطنية من تركة اليسار الممثلة فى الشيوعيين والبعثيين فلابمكن لسودان متطلع لغد ولشراكة واندماج فى المجتمع الدولى والجوار العربى والافريقى ان يذهب وفى خطابه ووفده شعارات ومفردات الماضى القمئ الشيوعى والبعثى

  3. يا دكتور احمد عثمان: انتوا ما باقي ليكم الا تقولوا انو الثورة دي حقت الحزب الشيوعي وحزب البعث العربي الاشتراكي المش عارف ايه. اما الشعب السوداني خيارات محدودة. لإسقاط البرهان ومحاكمته لابد من التخلي عن السلمية وحمل السلاح وهذا السيناريو الكارثي سوف يكون القشة التي تقصم ظهر البعير , او الاستفادة من الفرصة المتاحة – في ظل ضغط دولي واقليمي ومحلي غير مسبوق – لوضع البرهان امام الحائط وتنفيذ الاتفاق الاطاري. وفي حال لم يتمثل البرهان الشارع موجود وسوف لن يقبل وسوف يتواصل الرفض. السؤال يا دكتور: لماذا انتم ضد الاتفاق الاطاري مع ان النقاط التي وردت فيه لا يرفضها عاقل في ظل التعقيدات التي تطال المشهد السوداني برمته؟ والاجابة بسيطة لان اجندة الحزب تقتضي الرفض وانتم لستم اكثر من عازفين تتولون تنفيذ النوتة التي يضعها الحزب حتى لو كانت الموسيقى المدونة فيها نشاز. لم تقدموا اى حلول او تطرحوا اى رؤية معقولة يمكن الركون اليها. كل ما تملكون ورقة شباب المقاومة الذين يقدمون ارواحهم فداء للوطن وانتم تنظرون. من قال لك ان تمرير هذا الاتفاق فيه تصفية للثورة؟ قلنا كيف يا دكتور. انها اوهام تعشش في رؤوسكم. التاريخ ملىء بالعبر. رفض الصادق المهدي الله يرحمه اتفاقية الميرغني قرنق والكيزان اعتبروها اتفاقية استسلام وقاموا بالانقلاب الذي نعلم كلنا ماذا فعل بالوطن. والان بنظرة فاحصة لاتفاق الميرغني قرنق وبإتفاق نيفاشا يتضح ان اتفاقية الميرغني قرنق كانت نعمة مقارنة بالكارثة التي اسمها نيفاشا. وسوف تثبت الايام مدى الجرم الذي ارتكبتموه في حق الوطن وانتم تتجارون في دماء الشباب وايا كان ما تطمحون لتحقيقه لن يكون افضل مما تحقق. اما شراكة الدم الحقيقية فهي تلك التي تجمعكم مع رافضي الإتفاق الاطاري الذين يتجارون بدماء شبابنا فيما يتاورون هم وراء التنظير والكلام الفطير.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..