الاحزاب والنخب السودانية, وسياسة صب الزيت على نيران الهوية

حسين اركو مناوى
معركة الهوية
الوجود فى حركته الدائبة من الذرة الى المجرة يسير فى مجرى من تعقيدات مربكة تورد الانسان الى متاهات وانفاق معتمة يستحيل الخروج منها إلا بإعمال ادوات العقل المجردة والتحرر التام من العاطفة والنزوات التى تحول دون الوصول الى جوهر الاشياء . الانسانية عبر تاريخها المديد تغلبت على تعقيدات شائكة فى سبيل الرقى والتقدم فى مجالات الحياة المختلفة سواء اكانت فى العلوم التطبيقية كالطب والهندسة والصناعة او فى الاقتصاد إلا أن الانسان لا زال يجابه معركة شرسة فى حقل الازمات التى لها الصلة بقضايا الهوية والثقافة وباسلحة ذات طبيعة زئبقية يصعب التغلب عليها وخاصة ما يتعلق بمفهوم الهوية الذى ظلّ يبتعد كلما حاول المرء الامساك به, وفى دائرة هذا المفهوم الشبحى دارت ولا زالت تدور كبرى المعارك السياسة التى عرفتها الانسانية عبر حقب طويلة. والازمة السودانية واحدة من هذه المعارك ومنها تفرعت الى حروب دينية وثقافية واثنية حادة جعلت البلاد تترنح على سفيح ساخن من الأزمات.
ازمة الهوية فى السودان ان جاز لنا ان نسميه هكذا, تعتبر من المفاهيم الجذابة والسلسة فى التناول الاكاديمى والسياسى والاجتماعى إلا انها من اكثر المفاهيم تعقيدا وتشويشا عند التطبيق على ارض الواقع وخاصة عندما تقترن الهوية بأزمة الحكم فى السودان عندها يخرج شيطان الهوية ليستعرض شروره بشكل استفزازى فى وجه الفئة النخبوية فى البلاد من الاكادميين والمفكرين ورجال السياسة, ومنذ فجر تاريخ السودان الحديث إذ لا يزال التحدى قائم على النخبة السودانية حتى تقدم لنا رؤية واضحة وجامعة يتفق حولها الجميع فى معاجة التصدع والتمزق الذيّن يعانى منهما الذات السودانية.
التشخيص الدقيق لحالة المجتمع السودانى سيقود المهتمين بالازمة السودانية الى مدخل صائب فى فكفكة وتحليل مضامين ومقومات هذه الازمة وحتما سيتجلى دور الهوية فى تأزيم الوضع فى البلاد . المجتمع السودانى على عموميته يرزح تحت نير تناقضات لا حصر لها بسبب الاشتباك الشديد بين عناصر الهوية فى مسرح الحياة السودانية , فليست المسافات الجفرافية وحدها عامل التفرق والتباين بين مكونات المجتمع السودانى انما المسافات الشاسعة فى العادات والتقاليد والمفاهيم ادت الى حالة توليد دائم للازمات السياسية والاجتماعية ومنها تطورت الى دوامة من الحروب كانت اخرها ساهمت فى تفتيت البلاد الى دولتين ووقوع ابادات جماعية فى اجزاء اخرى والبقية قد تأتى لا قدر الله.
عندما تكون هناك فى مجتمع ما عوامل التنافر والتناحر الى درجة حروب الابادة كما يحدث الآن فى السودان, بالطبع ستتسرب مشاعر الخزى والاحباط الى الوعى واللا شعور الانسانى ومن هنا يبدأ تعدد الانتماءات والولاءات وتعتبر السودان مثال حى لهذا النموذج . هناك اربعة الغام ذات قوة انفجارية هائلة لها الصلة بازمة الهوية فى السودان , وهى, القبيلة والدين والطائفة والقوميات وكلها تشكل العائق الرئيسى فى الوثبة نحو التقدم والرقى وهذا لا يعنى على الاطلاق انها ظواهر الشؤم بل هى ظواهر اجتماعية واقعية حتما لها دور ايجابى فى سيرورة الحياة فقط يتطلب من المهتمين بأمر المجتمع بألا تتحول هذة الظواهر الى مهددات لكيان الوطن فى مقوماته الاساسية من الارض والشعب والسيادة وإلا ستواجه الدولة السودانية المزيد من التمزق الى دويلات على نمط جنوب السودان.
فوضى القيّم
كما اسلفنا إنّ السودان عبارة عن حقل يعج بتناقضات من كل طيف, منها الاجتماعية ومنها الثقافية ومنها الجغرافية ولكن كل هذه التناقضات تتنامى وتزدهر وتصل طور الكمال من خلال الازمة السياسية التى تشكل قمة الفوضى فى القيّم وهى ظاهرة المجتمعات البدائية فى افريقيا… والسودان ليس بإستثناء ولكن الجديد فى السودان إنّ الازمة تجاوزت الظاهرة الافريقية التى تتميز فى المقام الاول بالصراع القبلى الى امراض اكثر فتكا كالصراع الدينى والطائفى الذى فى الاصل ينبت ويترعرع فى مناخ الشرق الاوسطية…. الساحة السياسية السودانية منذ نشأة الحزبية فى البلاد غارقة فى مجرى آسن من الفوضى فى القيّم,… التجربة الحزبية فى السودان على اطلاقها لا تعرف ابداً الشرعية الديمقراطية الحقة وإن كانت لفترات متقطعة حاولت ان تتبرج بازياء مبهرجة بزيفها بإسم الديمقراطية فى الوقت الذى عجزت تماما أن تقدم فى تجربتها غير الطائفية الممقوته والانتهازية الاسلامية والشمولية الاشتراكية والقومية العربية, فكل هذه الشرعيات المزيفة فشلت ان تفى بأدنى متطلبات الشرعية الدستورية التى تقوم على اعمدة العقد الاجتماعى الذى يجعل من الفرد كينونة مستقلة يتنازل عن جزء من حقوقه طوعا لصالح المجتمع فى اطار قانونى يعرف بمصطلح( الحقوق والواجبات), ولكن هذا التنازل ليس بوصايا من احد, لا وصايا دينية ولا ابوية ولا فكرية ولا قومية . ففى التجربة الحزبية السودانية مورس بأسم الديمقراطية فى فترات الحكم المدنى قهر ابوى سياسى على مبدأ الوراثة عبر زعماء القبيلة او الشيوخ كما مورس قهر دينى بأسم الطائفة, حزبى( الامة والاتحادى) نموذجاً. وفى الحقب الدكتاتورية والشمولية لجأت الانظمة الى ركوب موجة الاسلام وتولت اعباء الحكم نيابة عن الله فأخضع لها الشعب السودانى طمعا او كرهاً بحق الإله كما يزعمون,( الجبهة الاسلامية) نموذجاً….
وبالمثل نجد كل من الشيوعية والقومية العربية رغم محدودية التجربة لهما اسهامات نوعية فى تغذية الفوضى التى اطلت برأسها فى حقل الشرعية السياسية فى البلاد, دعاة القومية العربية هم السبب الرئيسى فى الحرب المحتدمة بين الافريقانية والعروبة والتى استخدمت احياناً مصطلح الغابة والصحراء مجازاً بغرض التخفيف من التوتر,كذلك الشيوعية حاولت الدخول الى البيت السودانى عبر الشباك وبوصايا فكرية صارمة لتقضى على الاخضر واليابس من الموروث السودانى ليحل محله دكتاتورية الحزب باسم الطبقة الكادحة. وهكذا ظل الشعب السودانى يشق طريقه عبر حياة حزبية تنعدم فيها الرؤية فى المفاهيم الديمقراطية الى درجة الصفر, والملاحظ كل هذه الانماط السياسية ساهمت عبر تجاربها فى اذكاء روح التنافر والتناقض فى مسارح الحياة الاخرى وبالاخص فى الصراعات الاثنية والعرقية.
عادة الفرد فى المجتمع السودانى تتخطفة ولاءات كثيرة وتختلط فى نظره سلم الاولويات وسط صراع مرير للهويات التى تبدأ من الهويات الاجتماعية الطاغية فى الاسرة والقبيلة وتنتهى الى تشكيلة فضفاضة من الانتماءات فى الدين والطائفية والقوميات والوطن… ففى هذا البحر المتلاطم من الولاءات تتعرض طائفة من السودانىين لكل انماط الاضطهاد والقهر بسبب انعدام قيم التسامح وقبول الاخر. فى ظل هذا الواقع فشلت التجربة الحزبية والسياسية على امتداد ستة عقود ان تتبنى سياسات ورؤى مرنة لها القدرة على التعامل بشكل ايجابى مع هذا التنوع بل بالعكس اصبحت سياسات الحكم فى المركز المصدر الاساسى فى تغذية الفوضى فى الولاءات والانتماءات عبر استخدام سالب للتناقض القبلى والعرقى والايدولجى. ولنأخذ تجربة جنوب السودان التى بُنيت على الصراع الدينى وتجربة دارفور على الصراع الاثنى تتجلى لنا بوضوح قوة ومتانة الولاء الدينى الذى اُستخدم فى ظرف محدد لقهر شعب جنوب السودان وقوة ومتانة الولاء القبلى والاثى الذى أُستخدم فى ظرف اخر لتركيع أهل دارفور.. ومع أنّ معركة هذه التناقضات تدار سياسيا فى اطار الوطن الواحد ولكن فى الواقع كل الحروب التى أدارها المركز ضد مجموعات عرقية بعينها فى الجنوب ودارفور وجبال النوبة وجنوب النيل الازرق كانت بمواصفات حروب ضد دول اخرى فى جميع اشكالها.. فى شكل تجهيز الجيوش أو فى شكل ألة الاعلام او فى شكل الحملات الدبلوماسية, فعلاً كانت حروب فى مضمونها لا تختلف عن حروب دول ضد دول اخرى كما جرت فى حروب 1976 و1973 فى الصراع العربى الاسرائيلى….وكنتيجة لهذه الحروب بدأت تنجلى بوضوح ازدواجية المواقف بين الظاهر والباطن وخاصة بين الانتماء الشكلى والشعور الحقيقى بالانتماء. مثلا المأسآة فى جنوب السودان على مدى ما يقارب نصف قرن لم نتلمس اىّ وقفة قومية تعبر عن تضامنها مع الانسان الجنوبى الذى يقاسى ويلات الحرب على مدار خمس عقود وكذا الحال فى ازمة دارفور التى ارتكبت فيها جرائم فى حق الانسانية الى درجة الابادة وهى مأسآة قد تكون الرابعة من نوعها فى التأريخ الحديث بعد محرقة اليهود ومجازر بوسنة وابادة توتسى فى رواندا, ففى هذا الامتحان تجلت المواقف المتضاربة لدى المجتمع السودانى فخرجت مئات المسيرات تأيدا لشعوب بيننا وبينهم بحار ومحيطات وأُغدقت الانظمة فى الخرطوم دول وشعوب بكرم حاتمى من خزينة الدولة ومن حر مال الشعب السودانى فى الوقت الذى يباد جزء من الشعب السودانى بتمويل من خزينة الدولة ولم نسمع على سبيل المثال كلمة واحدة انطلقت من الالوف المساجد لتدين المجازر التى ترتكب فى حق الشعب المسلم فى دارفور.
كل ما هو قبيح فى السودان تدار بواسطة النخبة التى تتحكم على مقاليد السلطة فى الخرطوم واكبر جريمة يديرها المؤتمر الوطنى الآن هى جريمة حروب الوكالة التى تتم عبر استخدام مكونات المجتمع السودانى ضد بعضها البعض الى ان رسى الوطن باكمله فى محطة القبيلة. بالامس القريب تتحدث احدث التقارير من الامم المتحدة عن الاقتتال القبلى فى دارفور كمهدد لا سابقة له ومما يؤسف له ان هذا الصراع القبلى يتحكّم عليه المؤتمر الوطنى ولغة القبلية التى كانت خلف ستار الحذر بدأت تطفح على السطح وخاصة مع معمعة الصراع الداخلى فى الطغمة الحاكمة الى درجة الحديث فى العلن عن سطوة الجعلين فى الحكم وعن تململ الشايقة بسبب الاقصاء.
المخرج من الازمة
المواطنة والديمقراطية وعلاقة الدين بالدولة هى ثلاث ركائز اساسية تقوم عليها اىّ دولة اذا اُريد ان يكتب لها النجاح والتاريخ قدم لنا دلائل قوية لاثبات مدى فاعلية فلسفة الحكم التى تتخذ هذه الآليات فى ادارة شئون الحكم. فى اوربا مرت الانساية بتجربة مريرة فى كيفية اقامة نظام حكم عادل يرى كل فرد نفسه متساوٍ مع الاخر فى الحقوق والواجبات, فسادت فى القرون الوسطى هيمنة الاقطاعيات التى تحتمى بحصون الدين المسيحى وكانت الكنيسة تتدخل فى كل صغيرة وكبيرة فى شأن الفرد….الملوك والاباطرة تحت حماية البابوية يتحكمون على الشعوب فكثرت النزاعات والحروب وعانى الانسان صنوف من الاضطهاد والهيمنة الى ان قامت الثورة الفرنسية لتحرر انسان اوربا من قيود الكنيسة والدكتاتوريات عبر اقامة نظام حكم يقوم على فلسفة العقد الاجتماعى التى تؤمن بالمواطنة والديمقراطية وتحديد العلاقة بين الدين والدولة.
العقد الاجتماعى كفلسفة يقوم عليها نظام الحكم لا تحتمل مضامين متباينة كالتى نراها فى بعض الانظمة الغارقة فى الشمولية بأسم ديمقراطية مزيفة مرقعة بقيم الاشتراكية الشيوعية التى تؤمن بهيمنة الطبقة العاملة( برولتاريا) على السلطة, وتلك التى تؤمن بالقومية ولا تسمح لمكونات ثقافية اخرى ان تتنفس من رئة الدولة والانظمة التى تنادى بالاسلام السياسى ولا تملك فى قاموسها غير ثنائيات متنافرة( دار الاسلام او دار الكفر.. المسلم او الذمى…الجزية او الزكاة ….الحر او العبد… الجهاد او الاستسلام ..الخ). ولمداركة كل هذه الفوضى القيمية لا بدّ فى بلد مثل السودان ان تتخذ القوى الحزبية منهجاً مرنا للحكم يستوعب جملة التناقضات التى يعانى منها المجتمع بدلا من أن تصب الزيت فى نيران الهوية, وهذا لا يتم الا بتبنى آليات العقد الاجتماعى التى تعمل فى اطار المواطنة كمبدأ ثابت للحد من الصراعات الطائفية والدينية والاثنية والجندرية وممارسة الديمقرطية كقيمة وليست فقط كنظرية تدرس فى القاعات ويتحدث عنها السياسون فى لقاءات حاشدة لدغدغة عواطف الجماهير… سياسيا, لن ينقذنا الاحتكام بالدين او القبيلة او العنصر او الطائفة لأنّ كلٍ من هذه المرجعيات لن تكون اطاراً جامعاً للتنوع الذى نراه فى الساحة السياسية والاجتماعية والثقافية فى السودان.
حسين اركو مناوى
27 نوفمبر 2013
[email][email protected][/email]
جون قرنق الوطني المكافح والمثابر لمبادئه حتي توفاه الله . كانت فلسفته في تكوين سودان جديد بهوية متفق عليها لجميع الشعوب السودانية . وهـي الاستراتيجية التي لو طبقت من أول حكومة بعد الاستقلال, ( لما كان ما حصل وما سوف يحصل ) ولتفادينا سنيينا عدة من تعطل مشاريع التنمية الأساسية لتطوير وتنمية هذا البلد الحبوب . أنه رجل صادق ونظيف ووطني وصاحب مبدأ .
أخي الأستاذ حسين
تحية وسلام لقد وضعت يدك على جرح غائرهو سبب كل أزماتنا وإخفاقاتنا ويكفي أن كلمات الراحل العظيم دكتور جون قرنق دي مابيور كانت مقدمة موضوعك الجميل.
ليت كل قراء الراكوبة يقرأون هذاالمقال الرائع .. أشكرك وأهنئك لهذا التحليل المتقن.
مافى حاجه ضيعتنا غير جدل المثقفين
انته سودانى ابرز مستند انك موجود فى السودان قبل 1956 كحد ادنى
غير ذلك لازم عندك قبيلة سودانية تنتمى اليها
غير ذلك على المؤتمر الدستورى ان يحدد كم عدد الاجانب الذى يمكننا تقبله
فى وطننا ومقارنة عدد السودانيين فى اوطانهم كمواطنين يحملون الجوازات
اما الشيئ الذى افقدنا الوطنية والهوية هو
1- إعطاء الجنسية السودانية لكل من يدفع
2-إنعدام حقوق المواطنة الفردية بحساب المال
(( كم ميزانية المواطن الواحد وما يتعلق بصحته وتعليمه ))
المثقفين يتكلمون عن الهوية ويصمتون عند تقاسم السلطة والثروة
لانهم يفهمون ان اعداد كبيرة من السودانيين مأكولة حقوقهم من هؤلاء
المثقفين انفسهم وضباط الجيش السودانى المتسيسين او بالواسطة
الإخ/ حسين لك التحية من علي البعد
مقال قيّم جداً جداً وتناول الماضي والراهن السوداني وأسباب الإحتراب السوداني وعدم الإنسجام الحقيقي بين فئاته مقال تحليلي يصب في العمق بالتوفيق وميزيداً من المقالات في هذا المجال للمساهمة في تكوين رأي عام وفهم مشاكل هذا الوطن علي حقيقته وليس علي سبيل القم. أكرر شكري وتقديري
والله العظيم مافي زول اتسبب في تقسم البلد دي وضياعها غير الهالك قرنق.
الاخ حسين لك التحية:
موضوع ممتاز جدير بالقراءة العميقة بتجرد ويصعب التعليق عليه في سطور، لان جدلية الهوية هي الأس والقاسم المشترك لكل بلاوي السودان وقد قيل عنها وتناولها الكثير، من المفارقات ان كل الكائنات البشرية بتقسيماتها الاجتماعية والجغرافية المحددة، لديها هوية متفق عليها تحدد على أسسها المواطنة والحقوق والواجبات كتنظيم انساني، حتى الحيوانات بمختلف انواعها لديها هوية بالغريزة! الا أننا في السودان وبكل اسف اصبحنا الكلمة الشاذة في محيط الهويات! لم نكن شعب بلاهوية، هويتنا واضحة لكنّا خلقنا صراعا وجدلية وهمية بغرض المفاضلة وحب الامتياز والاستعلاء الوهمي والهيمنة والتغول على الآخر دونما مبرر انساني أو موضوعي مما خلق صراعا لدينا بما يسمى مجازا(الغابة والصحراء) والذي تدور ساقيته حتى اليوم مخلفاالسوءالذي نعيشه اليوم في كل المناحي! ولم نزل مصرين على أن نورّث اجيالنا هذه السوءات!!!
هذه الجدلية أصبحت لبنة بناء الكثير ان لم يكن كل احزابنا السياسية قديمها وحديثها بحيث يوسوس كل منها عقله الجمعي (أنا الاكثر مالا والاعز نفرا والأنقى عرقا والأولى بأكل خروف السودان!!!) وهم لا يدرون ان خروف السودان قد (فطس) من تنازع هؤلاءالبلهاء فيه ليصبح اشلاءا بعد عين!! وقد بدأ!
نعم ان انتقال صراع الهوية الى صراع الحكم بالطريقة الصارخة التي نراها اليوم في ابشع صورها حتما ستكون القشة التي ستقصم ظهر بعير السودان عاجلا كان ذلك ام آجلا! نعم هو صراع هوية لكنه تحول في ظل هذا النظام بكل أسف الى صراع بقاء والشواهد لا تخطئها عين الأعمى!!!
لذا نحن بحاجة ماسة وكأولوية الى تغيير جذري في المفاهيم وازالة الأوهام السائدة البائدة ومن ثم التواضع بكل صدق على كلمة سواء لتحديد ( مَن أنا) ليأخذ كل ذي حق حقه من حيث المواطنة الحقيقية والحقوق والواجبات!! لكن ما هي الآلية التي تؤدي الى تحقيق هذاالهدف الأهم والتي قد نحتاج فيهاالى اعترافات وتنازلات قد نشكل هاجسا للبعض بمجرد التفكير.. فقط التفكير فيه.. وهذا هو مربط الفرس!أرى ان تشكيل حكومة قومية (وطنية) انتقالية بمعايير موضوعية يتفق عليها قد يكون أول الغيث لحلحلة مشاكل السودان المتراكمة!
شكرا استازنا الجليل علي هذه الاستيضاحات .
مشكلة الهوية في السودان اصبحت زات جزور وابعاد سياسية يستقلونها الساسه السياسيون والمثقفون في السودان .
عندي سؤال من هم الزين اثاروا مسألة ألهوية في السودان هل العرقيه العربيه هم الزين اثاروا جدليه الهويه ام الافارقه هم اثاروا هذه الجدليه.
الاجابة واضحة وضوح الشمس الزين اثاروا هذه الجدليه هم اولاد وبنات اخواتنا في السودان بعد دخولهم السودان وتم تزويجهم لاخواتنا وتنازلوا لهم من السلطة حسب عادات وتقاليد الشعب الافريقي ولكنهم استغلوا هذه السلطة بشكل سئ واسائوا لابنا خيلانهم.
واول من صرح بهذه الالفاظ البزيئة هو اول وزير خارجية السودان محمد محمد خير . ان السودان من الان دولة عربية ومن لم يعجبه ذلك فليبحث له وطن . هكزا قالها محمد محمد خير وزير خارجية السودان في العام 1956 بعد ساعات من الاستقلال .
وهزا قليل من كثير . وارجوا من كل مثقفي الهامش السوداني ان لا يتشابه لهم البقر . لاننا كأفارقه في السودان لم نمارس العنصرية البغيضه لفظا ولم نطالب في يوم من الايام بأن يكون السودان دولة افريقيه . ولكن علي الاسف الزين يريدون طمس وازالة هوية الاخر هم ابناء اخواتنا من يدعون انتمائهم الي العباس وهزا قليل من كثير . وانشاءالله في القريب العاجل سأكتب مقالا عن مشكلة وجدلية الهوية في السودان .
الجنسية السودانية عندي حسب قانون 1956
1- الجنسية السودانية بالميلاد-الجنسية الخضراء
2- الجنسية السودانية بالتجنس-الجنسية البنية
والسودان-كوش لاند هو الارض التي اعنت استقلالها في 1 يناير 1956 في الامم المتحدة ولا تعنيني التشوهات السياسية الحالية بتاتا..
قال شاعرهم فجر الإستقلال:
أمة أصلها العرب … ودينها خير دين يحب
وقد بدأت منذ تلك اللحظة وهم العروبة والشريعة،،،
وبالمثل نجد كل من الشيوعية والقومية العربية رغم محدودية التجربة لهما اسهامات نوعية فى تغذية الفوضى التى اطلت برأسها فى حقل الشرعية السياسية فى البلاد, دعاة القومية العربية هم السبب الرئيسى فى الحرب المحتدمة بين الافريقانية والعروبة والتى استخدمت احياناً مصطلح الغابة والصحراء مجازاً بغرض التخفيف من التوتر
______
.
الموضوع منتهي السودان ماشي للخلف في الوضع الراهن وعلي الولايات الانفصال وخصوصا دارفور والجبال والنيل الازرق اما حديث عن الوحدة مضيعة للوقت حتي الشماليين ملوا تواجد اهالي دارفور في الشمال الحقيقة مرة الولايات التي تطالب بالعدل والمساواة عليها يسهل ويمهل مع سلامة
الحديث عن ازمة الهوية السودانية من
المواضيع التى تجذبني وتستهويني
في اعتقادي البسيط انه كانت لنا حضارة عريقة تضاهي حضارات امريكا واروبا واليابان اذا اخذناها بمقياس اليوم ,,, وكانت لنا دولة ممتدة حكمت ذات يوم كل مصر و بلاد الشام حتى حدود بيزنطة حدود تركيا حاليا
,,, ولكن كل هذا انتهى وبدأت معها مشاكل هذا البلد تحديداً منذ دخول العرب الى السودان
ليست عنصرية ضد احد ولكن هذة هي حقائق التأريخ ,,, و الى اليوم نجد ان سبب انفصال الجنوب اخيراً هي كذلك حكومة الانقاذ (المتعوربة)
والعرب الذين كانوا يسكنون الخيام في الصحراء القاحلة المجدبة المقفرة لاشغل لهم غير السعي وراء ابلهم المجدبة فتتطبعوا بطباع صحرائهم القاسية والغادرة ,,, فمن اين لهم ايأتوا بحضارة الى ارض السودان وماذا كان منتظرا منهم ان يقدموا لهذا البلد غير الذي اتوا به ؟؟
نقول للذين يدعون شرف العروبة الكاذبة ان الاسلام هو الذي كرم العرب وليس والعكس ,, الانسان السوداني القديم لم يعجب بالاعرابي الغريب الطباع القادم من الجزيرة العربية ولكنه اعجب بكتاب الله وتعاليم الاسلام التى حملها معه على ظهر ناقته وجاء ليبشر به لان الانسان النوبي القديم كان متدينا مسيحيا وموحدا فكان ذلك اقرب الى قلبه ,,, فسمح له بالدخول الى ارضه ولو لا ذلك لما سمح له ,,, ومعرف ان العرب لم يدخلوا السودان بحد السيف لأنهم لاقبل لهم بقوة وشدة بأس الانسان النوبي القوي في ذلك الوقت رماة لحدق كما كانوا يسمونهم
كدي ,,,خلونا كلنا نقبل نفسنا كسودانين عشان نقدر نعيش مع بعض كويسين ,,, ولو اتحذفت كلمة عروبة دي من قاموسكم يكون احسن
لعل مقالك هذا موجها أو يختص بالنخبة,والنخبة التي أتحدث عنها هنا هي تلك النخبة السياسية بالسودان بأختلاف أطيافها,وليست نخبة أهل السودان من مثقفين ومتعلمين وأدباء وعائلات عريقة أضفت للتاريخ السوداني القديم مجدا يلتمس فيه العظماء ضالتهم أحيانا…
مقالك هذا لا يستطيع فهمه وادراكه المواطن البسيط ولن يفهمه أيدا!,فهو لا يجاري واقعه!،لعل مقالك يتفق مع واقعه المرير في جملة أو جملتان من وجهة نظري المتواضعة.
أنت تتحدث عن جدل الهوية, ثم تنجرف بحديثك نحو الأثنية,والقبلية,والأنتمائات الدينية،والطائفية,والأنتمائات السياسية،وترمي أسباب مشاكل السودان منذ استقلاله على تلك المكونات!!..
فيا حسين ما تتحدث عنه من اثنية وقبلية…الخ,ليست سوى مكونات للهوية,ففي التاريخ الحديث أصبحت الهوية هي مرآة لجنسيتك!,فالصورة التي تحمل كلمات جون قرنق فوق أعلاه تلخص مايعانيه السودانيين،
فهم في وطن يسعهم جميعا ويكفلهم جميعا ولكنهم لا يودون التوطن في هذا الوطن!والسبب يعودأولا ومعظمه في تخبط النخبة السياسية منذ استقلال السودان,ثم ثانيا لعدم ادراك السودانييون لحقوقهم ما لهم وما عليهم,والسببان مرتبطان ببعض كالزوج والزوجة!.
جون قرنق لخص ماينقص السودانييون في 3 جمل,وهو المواطنة,وهذا ما أتفق معك فيه ياحسين فلا أحد في السودان يعلم معنى هذه الكلمة,ولو كان يعلمها ربع الشعب فقط لزالت كل مشاكلنا,فالواقع المرير لا توجد به كلمات اثنية أو طائفية أو انتمائات دينية أو سياسية,فالكل متجانس ومتصاهر!
وما تتكلم عنه ليس سوى غول أو بعبع أسطوري صوره وسوقه اعلاميا وفكريا,في اعتقادي حزب المؤتمر الوطني في بداية التسعينات من اجل مكاسبه الخاصة,وسار على دربه من أراد أيضا أن يكسب بعض المكاسب الخاصة سواء كانت مادية ام سلطوية,ولربما كان مخططا مرسوم بدقة من قبل جهات أكبر وأقوى!،من يعلم!،ولكن الحقيقة والواقع هو أننا في هذا الوطن تجانسنا وتعايشنا وتصاهرنا منذ أيام عبدالله جماع وحتى هذه اللحظة مازلنا نتجانس ونتصاهر ونتعايش!,السودانييون تم سلب وطنيتهم بادخالهم في غيبوبة اللهث وراء لقمة العيش,فيا حسين عن ماذا تتحدث ونحن في في الألفية الثالثة يصارع فيها المواطن البسيط لينال فقط لقمة عيش ينالها من كان ينالها في الألفية الثانية!,دعك عن كرامة أو غيره أو حتى أبسط ايجابيات ومميزات الألفية الثالثة,لا أنكر وجود تلك الخصومات والأختلافات السطحية حول الاثنية او حول القبلية في السودان ولكنها لا ترقى في الواقع الحقيقي الذي نعيشه بالسودان لصراع أو حرب,فالذي يحدث بدارفور تعلم جيدا أنه ليس سوى صراع مافيات وسياسين حول المال والسلطة..
فلتتحدث عن المواطنة لعل ذهن المواطن البسيط يدرك ماتقول.