إلى محمد الصادق في أرض الميعاد

خالد بابكر أبوعاقلة
أنا مسافر مع سرب النسور
إلى الأرض البعيدة
أجنحتي الأمل والجحيم
عيوني مستيقظة كالليل
كالنداء المهموم
أنا هارب إلى أرض اليقين
هارب من قدري وعجزي
مسافر لأقابل الشهداء
في أرض الميعاد المجهولة
الشهداء الذين رحلوا بلا وداع
كي أرى جروحهم العميقة
وصمتهم وصمودهم
كي أقضي معهم قيلولة النهار
وأتحدث معهم عن الموت والحياة
وأعمار الناس
وأنام في غيوم الحقيقة والظلال
دخلت من باب القاعة الكبيرة
لفحني النسيم الأبدي
وزقزقة العصافير المبتهجة
كانت أرجلي تطفو في الفضاء
وأجنحتي معلقة في حافلة النسور
وقلبي يهفو إلى نصر لا أدركه
ضحكوا وقالوا من جاء بك
وكيف وصلت بلا دماء
وبحثوا عن ثقوب الرصاص
في قلبي وكبدي وثيابي
أشاحوا بوجههم الراضية
وتهامسوا
وظنوا أنني جاسوس
جئت كي أفشي أسرار الخلود
جئت كي أكتب مشاهداتي
ولكن لسوء ظني
أجلسوني في حافة العرش حيث المجهول
وأعطوني عصير البرتقال السرمدي
ثم حلقوا بأجنحة من ذهب
بشفاه يقطر منها العسل والندى
ودخلوا من باب القاعة الكبيرة
لحقت بهم لاهثا وخائفا
فقالوا لا
هذا ليس لك
نصحوني بالرجوع
وأن أعود إليهم كشهيد
في ثيابي رائحة البارود
في شفاهي عطش الظلم والخلود
وفي وجهي نصر مؤزر