رمضان خلف القضبان .. القيادي الشيوعي صديق يوسف : كنت إماماً للمعتقلين وصمت (11) مرة في السجن ..

استمعت اليه-فاطمة احمدون
بيتنا يفتح على الجامع وكانت الروضة بالنسبة لنا هي الخلوة واللوح الذي نكتب عليه بالعمار، كل عطلات دراستي كنت اقضيها بالخلوة، بدأت الصيام وأنا في السادسة عشرة من عمري، وحتى الآن كنت إماماً للمعتقلين بسجن كوبر.. الأمر الذي ادهش الكثيرين عندما قدمني يوماً ابو بكر عبد الرازق القيادي بالشعبي بصفة إمام المصلين بالمعتقل.. لا أؤمن بالنظرية الماركسية وجانب الإلحاد فيها فقد دخلت الى الحزب الشيوعي من بداية النضال ضد الاستعمار باعتباره الحزب الذي رفع هذا الشعار في ذلك الوقت.. معظم حياتي قضيتها بالسجون والمعتقلات، وكانت زوجتي ابنة عمي هي الأب الحقيقي لأبنائي الذين تتبعوا خطايصديقيوسف
**
ذلك الشيوعي ابن الصوفي صديق يوسف الذي تربى في كنف أسرة دينية لأب ترعرع في خلاوي أم ضوا بان يقول إنه صام 11 رمضاناً خلف القضبان قضاها متنقلاً بين بيوت الأشباح وسجون الولايات، معظم اعتقالاته كانت في حقبة مايو، والتي شهد بأنها كانت الاحن والأكثرعطفا مقارنة بالانقاذ.. أصالة السودانيين تبدو واضحة في الرجل الذي ظل مبتسماً يتحدث الينا وينقل بصره بين الشفيع أحمد الشيخ، وعبد الخالق محجوب، ومحمد ابراهيم نقد، فجميعهم كانوا يجلسون معنا في تلك الغرفة بدار الحزب الشيوعي يزينون ذلك الجدران، ظل ابو سنينة ابنته التي يصفها بالمناضلة، يتحدث ويسترجع ويعود بذاكرته الى أيام شعرت بأنها ذكريات جميلة حبيبة على نفسه، وكأنه عاشها ساعات ولم تمتد السنين تفاصيلها.
* تجربتي الأولى:
قضيت مليون رمضان في السجن كان الأول في العام 1971 بعد انقلاب هاشم العطا، حيث تم ترحيلنا الى سجن شالا خارج الفاشر، وكنا أول مجموعة من المعتقلين السياسيين تصل هناك وقتها لم تكن هناك وسيلة اتصال بأهلك وكان معي من الرفاق د. خالد حسن التوم، والخاتم عدلان، والشاعر محجوب شريف، ولما كانت شالا بعيدة جداً استعصى على أسرنا تزويدنا بالمواد الغذائية وغيرها فقضيناه (بالشلهتة) برغم أن مايو أذاقتنا أياماً من المطاردة والاعتقالات المتكررة ألا انها كانت أفضل من (ديل) في إشارة للانقاذ لأنها كانت تعتقل وفقاً للوائح السجون والحريات.. الأمر الذي حول معتقلاتها الى دور ثقافة فيما بعد، وكثيرون أصدروا مؤلفاتهم من خلف القضبان، وكانت بالسجن لجان مسؤولة عن الرياضة والثقافة فمنذ الصباح الباكر وحتى الساعة الحادية عشرة، كان الوقت مخططاً للقراءة يمنع فيه الضحك والونسة وكان مسموحاً لنا بالورقة والقلم، وكل شخص يأخذ ركنا ويندمج في القراءة في هدوء تام، وكنا نصدر صحيفة يحرر كل شخص منا صفحة ويقرأها الجميع.
* وردي ومحجوب شريف ود الامين
بعد اعتقالنا عقب انقلاب هاشم العطا في كوبر، كنا أكثر من ألف معتقل قررنا الاحتفال بذكرى اكتوبر، وكان معنا بالمعتقل (الفنانين الكبيرين) محمد وردي ومحمد الأمين والشاعر محجوب شريف، وتم تدريبنا كـ(كورس) على نشيد الملحمة وقمنا باعداد مجسم للجثمان وحمله واللف به حول سرايا السجن نردد الملحمة، وكانت الأصوات الجهورية لمحمد وردي ومحمد الأمين وهذا الموكب داخل السجن أحدث هزة حيث تجمهر مواطنو الحي المجاور للسجن، فصدر القرار بعد ذلك بتفريقنا، مجموعتنا ذهبت الى شالا وأذكر أن محجوب شريف كتب قصيدته (ودانا سجن شالا وعزتنا ما شالا)
* أيامنا بشالا:
بما أنني كنت من (الكيشة) جدا لذلك فإن إسهامي في إعداد الطعام انحصر في غسيل العدة واشعال النار، ثم تمت ترقيتنا بعد ذلك أنا وآخرين لتقطيع اللحمة.. أقسى تجربة مرت بنا في رمضان (انقطعنا) في السكر، والتجربة كانت أقسى على الذين يحتسون الشاي، ومن أطرف المواقف عندما اشعل رفيقنا د. خالد النار، وقام باعداد الشاي وبدأ يتناول كوب الشاي الأحمر عندها سألناه بصوت واحد (لقيت السكر وين يا خالد؟) فقال(يا اخوانا اي زول داير يشرب شاي يجي غسلوا كبابيكم وتعالوا) وكانت دعوته توحي بثقة جعلتنا نتسابق نحو الكفتيرة المتربعة على النار، ومع أول رشفة أدركنا جميعاً أن يحتسي الشاي المر فرفضناه بدءا ولكن بدأنا نتنازل الى أن أصبحنا نشرب الشاي بدون سكر، ومضت أيامنا في المعتقل جميلة جداً وبرنامجنا الثقافي ممتاز جداً وكان يزينه محجوب شريف.
* سجن خمسة نجوم:
صديق يوسف يذكر أنه في عهد مايو وحتى 1994 الانقاذ كانت هناك ما يعرف بـ(التغريدة) وكلمة تغريدة هي من مصطلحات السجن طبعاً بها مستلزمات السجين الغذائية (لحم، كم وقية سكر وكم كيلو لحمة وكم مرة في الأسبوع مفروض ياكل سمك حاجة راقية جدا) ومهمة التضريبات واحضار التغريدة توكل (للكوميون) وهو أيضاً له مهمته في مقابلة رئيس السجن ولما كنا في كسلا اختيار (الكوميون( وقع على عباس السباعي وصلنا سجن كسلا في وقت متأخر جداً من الليل، وظل السباعي (يحسب ويضرب) طوال الليل وبينما يستعد ليقابل إدارة السجن ويقدم كشف التغريدة يفتح باب السجن ويدخل علينا مساجين يحملون جوالات جوال سكر وعدس وهنا قفز السباعي قائلا: يا جماعة هوي الزول دا ما زول تغريدة، وكان يقصد مدير السجن عوض حسن مدير السجن الذي دخل علينا وهو رجل طيب.. وقال لنا يا جماعة انتو جيتونا بالليل ولم يخبرنا احد بمجيئكم، ولذلك فانني ذهبت للحاكم في ذلك الوقت- كما كان يطلق عليه- في بيته واخبرته باحتياجاتكم المقدرة بمبلغ 250 ألف جنيه وصدقها فورا وسلمني إياها والآن هي موجودة بالأمانات، فوضوا من ينوب عنكم ليحدد احتياجاتكم وبالفعل قمنا بشراء ثلاجة وتلفزيون وغرفة سفرة.
* طرائف المعتقل:
في مباريات الكوتشينة والضمنة كنا نتبارى اليها وكنا نتسابق على جوائزها وكانت المباريات التي عادة ما تحكمها (الفورة) مية وميتين رفعناها لـ500 وألف ويقول ليك انت لاحق شنو يعني ما تلعب بس، واذكر أن من أهم المباريات في كوبرعلى لعبة الشطرنج التي يتبارى فيها المحامي من الحزب الشيوعي، ومحمد اسماعيل الأزهري الحزب الاتحادي، وكانت المباراة بينهما مميزة وتحظى بمشاهدة عالية.
* كرة الشراب والمفتش لوج:
الفراغ القاتل دفعنا لصناعة كرة شراب اثناء إحدى مبارياتنا نتفاجأ بشاويش يسمى (لوج) يصادر الكرة وفوراً توجه رئيس لجنتنا المفوض د. خالد حسن التوم طالب بكرة الشراب وقابلنا في ذلك مدير السجن وأرسل للشاويش لوج وسأله عن سبب مصادرته الكرة، فأجاب بأنه يشك في أن المعتقلين في الأقسام المختلفة يقومون بتبادل الرسائل عبر هذه الكرة، وهنا طلبنا منه أن يثبت صحة حديثه بفريق الكرة، وفعلاً لم نجد بداخلها اي رسالة وعندما انتهى الموقف وعدنا بالكرة سألنا الشاويش لوج عن دوافعه فروى لنا حكاية معتقلين في أيام عبود عندما اعتقل عبد الخالق محجوب واسماعيل الأزهري وآخرون وتم ترحيلهم الى الجنوب وجعلوا كل فريق من منزل يبعد عن الآخر وقتها كان عبد الخالق يرسل معي ماكينة حلاقة لأزهري ويطلب مني الأخير أن أعيدها لعبد الخالق، وتكرر الموقف وفي إحدى المرات بينما كنت عائداً بماكينة الحلاقة لعبد الخالق أخذت العب بها فإذا بورقة صغيرة داخل تجويف الماكينة تحمل رسالة من الأزهري وأجاب على السؤال الذي حيرنا كيف يتواصل ازهري وعبد الخالق، ففي يوم واحد يقرر كل منهم الإضراب .. ومن وقتها أصبحت أشك في أن سلوك السجناء السياسيين كانت المرة الأولى أن نستمع فيها لقصة الرسائل بين أزهري وعبد الخالق زمن اعتقال عبود.
* اصعب رمضان في حياتي:
أصعب رمضان في حياتي قضيته معتقلا ببيت الأشباح خلف سيتي بنك وكنت محبوساً في غرفة مخزن متر ونص، وصمت رمضان داخل غرفة مغلقة 24 ساعة ممنوع عني الاستحمام لمدة خمسة عشر يوماً كنت أصلي بالتيمم والإفطار عبارة عن كباية ليمون وفول وكباية موية، وقد كنت أعيش شهراً كاملاً على هذا الوضع، وقد صادف رمضان هذا عز السخانة، فكانت العبادة صعبة خالص وهو اسوأ رمضان وكنت اضطر لضرب الباب لاستفسر عن مواعيد الصلاة، واذكر أنني خلعت ملابسي التي حضرت بها بعد اسبوعين.
* أنا وابنائي
صادف اعتقالي في التسعينيات مقابلتي لابني مهلب وهو الآن بأمريكا في بيت الأشباح، وعندما تم ترحيلي لكوبر قابلت ابني الثاني أسامة، وهو الآن باستراليا فكان رمضان قضيناه ثلاثتنا في الحبس.
اخر لحظة
التحية لك العم المناضل باشمهندس صديق و لأسرتك المناضلة العظيمة
صلاتك وصيامك مسألة تخصك وحدك، ولا شأن لأي إنسان بها ولا تعنينا في شئ.
هل هذه شهادة براءة من تُهمة الإلحاد التي يلحقها الإسلاميون باي مُعارض لهم في الرأي؟ أم أنها إسقاط وخضوع لإبتزاز الإسلاميين؟!.
التغيير والتجديد ما نريده منكم وليس هذا الكلام الذي لا يودي ولا يجيب.
التحيه والاحترام لك ايها المناضل ومتعك الله بالصحه والعافيه
الظلم ظلمات
ايام اصبحت ماضي بالنسبه لك ولكن اثم من فعلها باقي عليه دنيا واخري
شوف ليك سبحه ومصلايه وخليك من الحزب الشيوعى والكلام الفارغ دا
انت رجل عظيم وثوري الله يكتر من امثالك
ما دور الحزب الشيوعى الذى قام به ضد الاستعمار هل منهم شهيد ؟ هل سجل لهم موقف بطولى فى مناهضة الاستعمار ؟ هل على عبد اللطيف كان شيوعيا ؟ هل الماظ كان شيوعيا ؟هل مؤتمر الخريجين كان شيوعيا ؟ هل الازهرى او المحجوب او عبيد حاج الامين كانوا شيوعيين ؟ لا لا طبعا
ان تكون مسلما وتؤدى الشعائر الدينية وتكفر بالالحاد نعم ولكن هذا له واجبات وتكاليف واجب الايمان بكل ما جاء فى الكتاب الشريف فى الاقتصاد والسياسة والاجتماع والاحوال الشخصية والمطالبة بتحكيمه فى الحياة لا محاربة من يدعون الى ذلك جهارا نهارا – اذا كان فى تقديركم ان النهج الاسلامى المطروح فى الساحة لا علاقة له بالدين مثلا فالتطرحوا ما هو من الدين من داخل الدين والا فالالتزام – هو انتو قايلين الدين ده لعب ؟!
شكرا عمنا صديق
الشيوعيون بهذا الحوار يستسلمون لابتزاز الإسلاميين، يصوم يفطر دي مسالة بينتو و بين ربه، نحنا يهمنا شغل الزوول المسؤول، إها الكيزان ما صايمين، و حاجين وسلخونا البعوضة،
يا أستاذ صديق خليك من الكلام الني، اها دارين تزايدوا على الإسلاميين في الصلاة
وقد قال محجوب شريف في تلك المناسبة:
ودانا لشالا وعزتنا ما شالا
نحن البلد خيرها ومستقبل أجيالها
يالماشي زالنجى
نتلاقى نتلاقى
ما كلكم باقة
اتفتحت طاقة
وإتحدت إذلالها
التحية لك العم المناضل باشمهندس صديق و لأسرتك المناضلة العظيمة
صلاتك وصيامك مسألة تخصك وحدك، ولا شأن لأي إنسان بها ولا تعنينا في شئ.
هل هذه شهادة براءة من تُهمة الإلحاد التي يلحقها الإسلاميون باي مُعارض لهم في الرأي؟ أم أنها إسقاط وخضوع لإبتزاز الإسلاميين؟!.
التغيير والتجديد ما نريده منكم وليس هذا الكلام الذي لا يودي ولا يجيب.
التحيه والاحترام لك ايها المناضل ومتعك الله بالصحه والعافيه
الظلم ظلمات
ايام اصبحت ماضي بالنسبه لك ولكن اثم من فعلها باقي عليه دنيا واخري
شوف ليك سبحه ومصلايه وخليك من الحزب الشيوعى والكلام الفارغ دا
انت رجل عظيم وثوري الله يكتر من امثالك
ما دور الحزب الشيوعى الذى قام به ضد الاستعمار هل منهم شهيد ؟ هل سجل لهم موقف بطولى فى مناهضة الاستعمار ؟ هل على عبد اللطيف كان شيوعيا ؟ هل الماظ كان شيوعيا ؟هل مؤتمر الخريجين كان شيوعيا ؟ هل الازهرى او المحجوب او عبيد حاج الامين كانوا شيوعيين ؟ لا لا طبعا
ان تكون مسلما وتؤدى الشعائر الدينية وتكفر بالالحاد نعم ولكن هذا له واجبات وتكاليف واجب الايمان بكل ما جاء فى الكتاب الشريف فى الاقتصاد والسياسة والاجتماع والاحوال الشخصية والمطالبة بتحكيمه فى الحياة لا محاربة من يدعون الى ذلك جهارا نهارا – اذا كان فى تقديركم ان النهج الاسلامى المطروح فى الساحة لا علاقة له بالدين مثلا فالتطرحوا ما هو من الدين من داخل الدين والا فالالتزام – هو انتو قايلين الدين ده لعب ؟!
شكرا عمنا صديق
الشيوعيون بهذا الحوار يستسلمون لابتزاز الإسلاميين، يصوم يفطر دي مسالة بينتو و بين ربه، نحنا يهمنا شغل الزوول المسؤول، إها الكيزان ما صايمين، و حاجين وسلخونا البعوضة،
يا أستاذ صديق خليك من الكلام الني، اها دارين تزايدوا على الإسلاميين في الصلاة
وقد قال محجوب شريف في تلك المناسبة:
ودانا لشالا وعزتنا ما شالا
نحن البلد خيرها ومستقبل أجيالها
يالماشي زالنجى
نتلاقى نتلاقى
ما كلكم باقة
اتفتحت طاقة
وإتحدت إذلالها
يا كاسترو لعلك تقصد الأستاذ / عوض عبدالرازق أول سكرتير للحزب الشيوعي السوداني و الذي أبعد عن الحزب في نهاية الخمسينات. توفي عوض عبدالرازق في منتصف الثمانينات, أي بعد الإنتفاضة. لم يسأل عنه زملاءه الذين يسمونهم الرفاق و لم يمشوا في جنازته و كأنهم عادوهو حتي في موته. يا شيوعيين ؟!